عصرالجنون ..!
....................................................................................
آن الأوان من أجل ثقافة علمانية ،عقلانية للخلاص ممّا نحن فيه من أزمات،يعرف "فوكو "الجنون بقوله: "إنّ الجنون يغري، لأنّه معرفة.(1)
وعندما تساءل الكاتب"مصطفى محمود" في كتابه"عصر الجنون" هل هو عصر الجنون..؟؟ أجيب: فعلا أثبت واقعنا الحالي ، ومايمرّ به وطننا من محنة، وكيف نواجهها..؟؟ أثبت أنّه عصر الجنون.
ويبدو أنّ صفة الجنون التي أحبّ أن أطلقها على الحرب الضروس التي دارات ومازالت تدور رحاها بين أبناء الوطن الواحد،قد طغت، وشملت كلّ شيء في مجالات حياتنا السياسية ،والمعيشية،
والاجتماعية ،والإنسانية.
وعلى الرغم أنّ مدينتنا مازلت تحتفظ بحيادها، وسلميتها،ومازالت بمنأى عمّا حدث ويحدث للمدن الأخرى من هدم وتدمير،وابتهالنا إلى الله، أن يحفظها، ويصونها من كلّ شرور جنون تلك الحرب العاصفة الهوجاء، وآثارها الكارثية على البشر، والحجر.
إلا أنّ هنالك جنوناً من نوع آخر فيها ،يتمثل في ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية،
وخاصة الغذائية منها،كأسعار الخضروات واللحوم، والتي يمسّ ارتفاعها الجنوني، حياة الطبقة الفقيرة، وذوي الدخل المحدود الكثر من أبناء مدينتي المسالمة.وهذا ينعكس سلباُ على أحوالهم الاجتماعية، والإنسانية التي تزداد بؤساً، وسوءاً يوما بعد يوم.و خاصة أنّ الأزمة التموينية مفتوحة على كلّ الخيارات،ويبدو أن لاحلّ لها في القريب العاجل،وهي جزء من أزمة الوطن المستعصية ،الكبيرة. فرجّ الله كربته، وأزال غمته، عما قريب..!
ولا أريد أن أتحدث عن الجنون الذي حدّ ويحدّ من التواصل الاجتماعي بين الناس وخاصة بين بعض الأصدقاء، والأقرباء، يصل أحياناً إلى حدّ القطيعة ، وأحياناّ أخرى،يفرّق الأخ عن أخيه، والولد عن أبيه، بسبب الظروف الرّاهنة المعقدة التي يشهدها بلدنا من نزاعات، وخلافات ،عادت بنا إلى أيام الجاهلية ،ومافيها من عصبية عشائرية، وقبلية مقيتة ،ومرفوضة من كلّ عاقل،وعلماني في هذا الوطن.مع أنّ الخلاف،والاختلاف في الرأي،يجب أن لايفسد للودّ قضيّة،كما يقولون..!
وكذلك ،لا أريد أن أتحدث عن الأوضاع الإنسانية البائسة،للذين نزحوا من بيوتهم من المدن المجاورة سواء أكانوا من أهالينا، أو من الضيوف علينا، رحلوا وهم خالي الوفاض، مخلفين وراءهم جنى العمر،وشقاء الدهر، و كذلك عن جنون معاناة المهجرين من الوطن ، الذين يعيشون في مخيمات الذلّ، والعار في دول الجوار.
ألا ترى معي عزيزي القارئ،أنّ وحش الجنون يطبق على كلّ شيء في بلدنا المسكين ،وكأنّنا أصبحنا بين فكيّه لقمة سائغة ..!!
وأخيرا أقول لتجار الأزمات وللمستغلين الذين يحاربوننا في لقمة العيش.. أيها الأنذال الذين عشّش الجشع، والطمع في نفوسكم ،وانعكس أذى وضررا في أقوالكم، وأفعالكم،ألم تسمعوا قول الشاعر السوري(خير الله ويردي):
أَلَم يُحَدِّثكُمُ التّاريخُ عَن فِئةٍ ==
******** لَمّا استَبَدَّت تَوَلَّى هَدمَها الجَشَعُ
ودعوني أخاطب كلّ من مارس جنون الحرب، والتواصل الاجتماعي،والمعيشي، والإنساني في هذا البلد المنكوب،بخطاب الشاعر الباخرزي لبني قومه:
يا حادِيَ العيرِ رفقاَ بالقَواريرِ ==
******** وقِفْ فليسَ بعارٍ وَقفةُ العيرِ
واحلُبْ مآقِيَ عَيْنٍ طالما قَصَرَتْ ==
*** حُمْرَ الدُّموعِ على البيضِ المَقاصير
ِ
وتعقيبا على ماورد في مقدّمة المشاركة من تعريف الجنون عند "فوكو"،فإنّ جنونا همجيّ، لامعرفي.
أ. حيدر حيدر
(1) يعرف "فوكو "الجنون بقوله: "إنّ الجنون يغري، لأنّه معرفة. من مقال بعنوان:" مديح الجنون وحصانة العقل" للكاتب "خالد الستليكي" نشر مع الصورة المرافقة على منتدى"الأوان"
خارج الموضوع تحويل الاكوادإخفاء الابتساماتإخفاء