الرواية في مصر ( نجيب محفوظ)
......................................................................................
نجيب محفوظ هو روائي البرجوازية الصغيرة المصرية على أبواب مرحلة
جديدة , تبدأ في الأربعينات من القرن الماضي , وهذا يتضح حين نقرأ رواياته الأربع الهامة " فضيحة في القاهرة " و" خان الخليلي" و"زقاق المدق" و " بداية ونهاية " .
ففي رواية " فضيحة في القاهرة" نجد " محجوب" الشخصية الأولى فيها طالب جامعي فقير من أسرة متواضعة و أبوه موظف بسيط أصابه الشلل , وابنه في المرحلة النهائية من التعليم الجامعي , والجامعة حينذاك تموج بكل أفكار الذين يؤمنون بأنه لاحلّ لمشكلة مصر إلا بطرد الاحتلال الأجنبي , وقيام أفكار تحارب الخرافة بالعلم , ولكنّ محجوب لايحاول أن يتخذ موقفاً من كل هذا , بل يستغرق حياته كلها في البحث عن وظيفة وينتهي هذا البحث إلى أن يكون منحرفاً .
وفي رواية " خان الخليلي" سنجد الأسرة المصرية البسيطة : أبٌ متقاعد وابنان أحدهما لم يُكمل تعليمه ليعول العائلة (أحمد) , والآخر شاب بسيط مرّفه يعمل بعيداً عن العائلة في الريف ( رشدي) , نموذج للعائلة المصرية الفقيرة التي تحاول أن تظهر على غير حقيقتها , وتريد أن تتستر على فقرها .
وفي قصة " بداية ونهاية " أيضاً سنجد من جديد هذه العائلة البرجوازية الصغيرة : مات عائلها وقد ترك من ورائه صبييْن بالتعليم الثانوي ( حسنين وحسين ) وفتىً ضائعاً لايصلح للدراسة , وإن أجاد الغناء والعراك "حسن" , وفتاة صغيرة ساذجة " نفيسة" , وفي ظل ظروف بشعة من الفقر والفاقة , تجاهد العائلة جهاداً عنيفاً , بغرض الحصول على المال .
وحتى في " زقاق المدقّ" هذا الحي الشعبي الأصيل , لم يقدّم لنا نجيب محفوظ شخصية واحدة من شخصيات الطبقة العاملة المصرية , وعلى كثرتها, بل قدّم لنا ( عباس الحلو) ومحبوبته ( حميدة) ...عباس الحلو الحلاق صاحب الدكان الذي لايرضى به بديلاً ...نعم لقد رضي عباس بعد ذلك أن يهجر دكانه ويشتغل عاملاً بالمعسكرات البريطانية , وكان ذلك إلى أجل موقوت بتوفير المال الذي يرجع به إلى زقاق المدق للزواج من محبوبته حميدة .
وهكذا سنجد دائماً , أن البرجوازية الصغيرة في المدينة الكبيرة ( القاهرة) هي الشريحة الاجتماعية التي توفر نجيب محفوظ على دراستها بكل أوهامها وتناقضاتها بكل رغباتها في التخلص من الجذور القديمة التي تربطها بالطبقات الشعبية الفقيرة .
ولاشك من أن هذه الردّة عند نجيب محفوظ متأثرة باطلاعه على الأدب الغربي البرجوازي في القرن العشرين .
طيّب الله أوقاتكم بالخير
سلمية
6/3/2019 ظهير الشعراني
خارج الموضوع تحويل الاكوادإخفاء الابتساماتإخفاء