pregnancy

"جبيرة " أبو يعرب




جبيرة " أبو يعرب " 
.......................................................................................

أُدخلَ المسؤولُ أبو يعرب المشفى الخاص ؛ ذا الخمس نجوم ، كمريض ؛ نتيجة رضٍ على قدمه اليمنى ؛ بسبب التزحلق في الحمّام ، بعد أن أخذَ حمّاماً ساخناً وساونا مسائية.
 ويبدو أن الطبيبَ المعالجَ اقترحَ أن توضعَ له جبيرة . وانتشرَ الخبرُ ، وهبَّتِ الجماهير من كل حدبٍ وصوبٍ... كلها ستذهب للاطمئنان عن قدم أبي يعرب.

 بوكيّات الزهر اصطفّتْ بدون حراك... وأصحاب اللافتات تبارَوا بكبر مساحتها وجمالية الكلمات... وخاصة أسماء المرسِلين. وويل لأي عابر سبيل قرب المشفى أن يلمسَ زهرةً ، قبل أن يباركَها أبو يعرب ويعرفَ المرسل... وقد كُتبتْ على باب جناحِه لوحةً ، عليها تصنيف وتحديد لأوقات الزيارة.. 
المدراء والمعاونون ورؤساء الدوائر : زيارات صباحية ومسائية.. العاملون بدون مناصب : يمرّون بعد قيلولة أبو يعرب ، ويُسمحُ لهؤلاء ب 15 ثانية مع ابتسامة عريضة.. وكل زائر يجب أن يلمسَ الجبيرة ،ويبتسمَ ، ويتمنّاها لنفسه ؛ وليس لقدم أبي يعرب..

 زيارات مسائية للسهرة : المسؤولون الذين وصلوا للكراسي بمباركة وتوصيات " أبو يعرب " يأتون مع زوجاتهم وبرفقة حلويات منزلية ، وتتبارى الزوجات في صنع الحلويات التي يحبها أبو يعرب .
  كل مايقوله صحيح ، وكل زائر رسمي سيدخل متأثراً ، ويضحك عندما يبتسم أبو يعرب لاحقاً.

 استُدعِيَ صديقي ، و هو طبيبٌ مختصٌّ باختصاص ، يصعب إعداد التقرير النهائي لحالة أبي يعرب الصحية بدونه . جلس على كرسي فارغة بعيدة ، وراح يراقب الزوار ، رجالاً ونساءً ومن كل الأعمار ، وكل شخص يبتسم ، ويتمنى الشفاء العاجل ، ويغادر فورا.

 قال لي صديقي الطبيب : ذهبت العاشرة صباحاً ،لأقدّمَ رأيي الطبي.. فراعَني منظرُ المدراء والمعاونين لمعظم الدوائر ؛ وحتى مدراء المشافي الحكومية والمستوصفات ؛ ومؤسسات الخزن والتبريد والتموين ؛ ومدراء الهاتف والكهرباء و توزيع المحروقات ؛ ومعامل الزيوت والزراعة والمخابز والمطاحن والمراكز البحثية والسجلات المدنية والعقارية ومدراء المدارس. 

والأنكى من ذلك أنهم مداومون عند أبي يعرب منذ الصباح ، وأعمال الناس كلها متوقفة على جبيرة أبو يعرب. 
هذا المدير يعرض : مارأيك بشوية شعيبيات بالقشطة العربية.. ومدير آخر : بصحن عجة بالبيض البلدي ؛ وسأرسل سيارة الدائرة الحكومية لجلب البيض من ضيعة (حتى الديك يبيض..). بينما اقترحتْ زوجةُ أحد المدراء ، أن يذهبَ زوجُها ، و يحضرَ قرصاً من الجبن البلدي ، تمَّ تصنيعه الليلة الماضية . المهم عروضٌ ومقترحاتٌ يصعبُ تسجيلها ؛ من أجل وجبة الإفطار لأبي يعرب.

وأنا على هذه الحال ؛ تابعَ الطبيبُ : استمرَّ تدفّقُ مسؤولي الدرجة الثانية والثالثة ، وكلٌّ ينكبُّ برأسه منحنياً وباكياً على الجبيرة ، حيث قال أحدهم بصوت مسموع : ياريت لو الجبيرة لقدميّ الاثنتين ، وأبقى بالجبيرة  على السرير سنتين.. وأنت ماتوخزك شوكة ، وأبو يعرب يربتُ على كتفه.. بينما كانت زوجة أحدهم تبكي وتصيح.

 المهم سأل أبو يعرب عن صديقي الطبيب ، كونه ليس معروفاً لديه ، ولأنه يحملُ وجهاً واحداً لا اثنين ، سأل : مَنْ حضرة ذاك الشخص ، فقالوا له : الدكتور فلان ، فقاطعهم صديقي : 
أنا الطبيبُ فلان ؛ أخصّائي الأمراض النفسية والعقلية.. وهنا كان عند أبي يعربٍ عقلٌ وطارَ ، وصرخَ بأعلى صوته بمدير المشفى ورئيس الأطباء ومدراء المشافي الأخرى ؛ المدوامين حول سريره :
 شو علاقة رض قدمي بالأمراض العقلية والنفسية ؟!
 وهنا خيّمَ صمتٌ رهيب ، حتى ليُظنَّ أن تنفسَ الحضور قد توقّفَ.

 وأطرقَ كلُّ الحضور في الجناح الخاص أرضاً... فنادى أبو يعرب صديقي الطبيب ، أن يقتربَ منه سائلاً : اشرحْ لي بصراحة ،
 لماذا تمَّ استدعاؤك.. ما الأمر الطبي الهام ؟!..

 ابتسمَ الطبيب ؛ المعروف بشجاعته ومصداقيته ، قائلاً :
 أنت لستَ مريضاً يا أبا يعرب ، وأنت بكامل قواك النفسية والعقلية ، ولكن هؤلاء المدراء على مختلف مسؤولياتهم ؛ ومعاونيهم المداومين عندك ليلاً ونهاراً ؛ لحراسة هذه الجبيرة يتبارون بتحضير الوجبات الغذائية لك في بيوتهم ؛ وصنع الحلويات ، وقد عطّلوا أعمال الناس . هؤلاء هم بحاجة لزيارة  العيادات الطبية والنفسية. 
هؤلاء الذين طُلِبَ مني ؛ من قبل الجهات الوصائية العليا ، أن أكتبَ تقريري حولهم. 
عافاك الله أبا يعرب.. وانصرفَ .  
أحبّتي ..عافانا الله وإياكم من جميع الأمراض النفسية و العقلية ....
وطاب  نهاركم.

٢٨ شباط ٢٠١٦

نور الدين منى

خارج الموضوع تحويل الاكوادإخفاء الابتساماتإخفاء

:)
:(
=(
^_^
:D
=D
=)D
|o|
@@,
;)
:-bd
:-d
:p
:ng
:lv
شكرا لتعليقك
Loading...