جار الزمان
.......................................................................................
جار الزّمان و ساءت حالها العربُ
وذا الرّبيع سراب كلّه كذبُ
غاب الأسود و كانوا فخر أمّتهم
يبقى الرّماد ذُرًى إذ ينطفي الحطبُ
ما عدتَ تسمع للّاءات زلزلة
لقد مصى من زمان عهدُها الخطبُ
و القدس لمّا تعد عروس أمّتنا
تلّ الرّبيع هو الأنخاب و النّّخبُ
هل قائد قد يعيد مجد أمتنا؟!
هل قبضة ليدٍ يرفعها الغضبُ؟!
صهيون يرقبهم في أوج نشوته
يسير و سطهُمُ يهزه الطّربُ
أو هو بينهم في ابهى مظهره
جذلان يُرقضه وطننا الخرب
يخطر في الغِترة فوق عباءتها
يختال كالطّاوس يُفخِره النّسبُ
والخادم الفاني في مرضاة سيّده
يقوده الآمر المأفون و الوشبُ
يهرولون وراء اليانكي في خُيلا
و كبف لا فلهمُ في سعيه أربُ؟!
و يكرعون نقاع الذل في سغب
كأنهم ما ارتووا منه وما شربوا
تبكي سيوفنا في الأغماد من طدإ
تخاذل الفتية بكتهم النّجبُ
الدّم في غزّة يسيل في دفَق
وراية البغْي في الجولان تنتصبُ
و اليمن الأسعد قد بات في تعس
به تعيث يد العربان يا عجبُ !
و ذا السّودان يئنّ كيله طفحا
أتت اليه البلايا تجري و الكربُ
تمضي الشعوب إلى أسباب نهضتها
ونحن يجترّنا البهتان و الكذبُ
و يدّعون بأنّ الصّبح منبلج
وانّ من شوكهم سيُجتنى العنبُ
فأينما اتجهت اعيننا نجد
في كل أرض لنا القانون يُنتهبُ
في حضرة الجهل نحن مثل سائمة
فالعرض ينتهك و الحقّ يغتصبُ
سرت بأوصالنا الأدواء تنهشنا
وذا الفساد طغى كأنه الجربُ
و الحاكم عن أمور الشّعب منصرف
يشغله العرش و الكرسيّ و الرّتب
و اذ بنا نغرق في الحزن يقتلنا
البؤس بموطننا يأكلنا السّغبُ
على النّوي عيشنا و التمر في الجُصص
ينال منه الغريب نحن نغتربُ
على التخوم ترى الخيام واجفة
و الناس فبها عطاش جفّت القربُ
جِمالنا ارهقت من طول رحلتها
أتعبها الحمل أو اتعبها القتبُ
تبكي الأمومة من ذل ومن كمد
للقهر كم تشتكي للذل تنتحبُ
و البحر لا تسألنْ كم ذا قد ابتلع
من الشباب مضوا إذ خلت الوُطبَ
يعربد الأزعر المجنون في نزق
قد صار من يده التاريخ ينكتبُ
ليزرع الخرَبا كما له اتفقا
وينتشي ان يرى الأحوال تضطربُ
فيهمز العُرْب كي يمضوا الى فتن
وقودها نفطهم و هم لها خشب
في ذكرى مجزرة تكون قمتكم
و وصمة العار تبدو كيف تحتجبُ؟!
أهذه قمة تاتي فتجمعكم
ام انها قمة كي يُصلح العطبُ
العمر من خزيكم أسفار لتهلكة
يا قادة يتبعون مثلما الذنبُ
فمنذ انشاص* نحن نزرع الاملا
حتى خبا الأمل اماته الهربُ
في ذكرى مجزرة تكون قمّتكم
و وصمة العار تبدو كيف تحتجب؟!
فالارض عرض لنا وإن ذا قدر
شعار عزتنا و صوتنا اللجبُ
(محيي الدّين الدّبّابي)
* استراحة الملك فاروق و مقر القمّة التّأسيسية لوقف
العدوان على فلسطين سنة 1946.
خارج الموضوع تحويل الاكوادإخفاء الابتساماتإخفاء