pregnancy

في الديمقراطية ..بقلم الدكتور عبد الكريم المويل





في الديمقراطية 
.......................................................................................

بداية , لا يوجد شكل مثالي للحكم خال من العيوب , ولكن يوجد أفضل شكل ممكن للحكم , والمدينة الفاضلة لا توجد إلا في مخيلة الفلاسفة , وتاريخ الحكم في العالم هو تاريخ للاستبداد , ذاق فيه البشر طعم الاستعباد والاستبداد المر بكافة صنوفه , من حاكم يدعي الألوهية إلى حاكم يدعي تفويضا من الإله , من حاكم يستبد باسم طبقة إلى مستبد أكثر عتوا يحكم باسم الشعب , من مستبد يستظل بالدين إلى آخر يتفيأ بالعلمانية , أشكال وصنوف شتى من الحكم ولكنها جميعا تحمل  طعم الاستبداد ومذاقه الكريه , لكن البشرية وبعد كفاح مرير توصلت إلى أفضل شكل ممكن للحكم وهو الحكم الديمقراطي , فالديمقراطية هي تعبير عن تقدم البشرية من عصور الظلام إلى عصور النور , تعبير عن توق الإنسان للحرية وبحثه الدائم عن حريته , وتعبير عن وعي الإنسان لحقوقه ولذاته ولدوره , ولحقه في الحياة كإنسان مستقل فرد , متحرر من كافة أطر الوصاية والهيمنة والتبعية , ووعيه لذاته التي لا تختلف عن ذات الآخر أيا كان الآخر , ووعيه لدوره في اختيار الشكل الأنسب لحياته ومصيره, ولدوره في اختيار من يحكمه, وحقه في محاسبة حكامه , لأنه هو من يجب عليه أن يختار حكامه .
بمعنى , إن الديمقراطية هي تعبير عن نضج الوعي الإنساني , وخروجه من مرحلة الحيوانية والوصاية والعبودية , إلى مرحلة الإنسانية وسيطرة وسيادة الإنسان على مصيره , وشعوره بنعيم الحرية , فالنظام الديمقراطي أصبح غاية البشرية وأملها , وهو ثمرة جهودها ونضالها عبر التاريخ .
والحرية والديمقراطية لن تقدم للشعوب على طبق من فضة , لكنها تحتاج إلى نضال مرير وتضحيات , ومعركة بناء الديمقراطية لا تقل أهمية وشراسة عن معركة إسقاط المستبد والإطاحة بالاستبداد , لأن أعداء الديمقراطية وأعداء تحرر الشعوب كثر سواء من قوى الخارج أو من قوى الداخل , والأهم أن نحدد غاياتنا بوضوح ونسعى لتحقيقها بكل ما أوتينا من وعي وقوة , ولنجعل الديمقراطية طريقنا والحرية غايتنا , وما خاب شعب ناضل وسعى , والإشكالية في تاريخنا أننا ذقنا الاستبداد بكل صنوفه , وقمنا بالكثير من الثورات , لكن ثوراتنا كانت على المستبد كفرد ولم تكن على الاستبداد كنظام والفرق كبير فسرنا من سيء إلى أسوأ . 
مع تحياتي للجميع , ومعذرة على الإطالة لكن الموضوع يستحق التوقف عنده مليا وشكرا .
د.عبد الكريم المويل
شكرا لتعليقك