منذ أن بدأت تنشط الجمعيات والحركات النسوية المطالِبة بحقوق المرأة، كان العمل أهمّ تلك الحقوق وأكثرها تأسيساً للوصول إلى مساواتها المنشودة مع الرجل، من منطلق أن الاستقلال الاقتصادي بوابة أساسية للتحرر والمساواة. وكذلك فإن الدستور اعتبر العمل أحد حقوق المرأة، وبذلك أُفسحت المجالات أمامها كعاملة لها، كما الرجل، الحقوق ذاتها في مختلف القطاعات والمهن.
لكن، غالباً ما تتخذ العديد من الفتيات والنساء موقفاً مُتأرجحاً أو ضبابياً من هذا الحق، إذ نراها تارة مؤمنة به كحق أساسي بغضّ النظر عن الحاجة المادية، وتارة أخرى نجدها ترفضه إذا ما توافرت لها الحياة اللائقة بعيداً عن متاعبه وإشكالياته من وجهة نظرها.
وهنا نجد أن المرأة ذاتها، حتى اليوم، لم تنظر إلى العمل كحق أساسي من حقوقها التي كفلها الدستور، وناضلت من أجلها التنظيمات والناشطات النسويات، ذلك أن الغالبية من النساء ما زلن ينظرن إلى أنفسهن النظرة ذاتها التي يُعزّزها الموروث الديني والاجتماعي، القاضي برؤية المرأة كائناً تابعاً للرجل في مختلف المجالات والاتجاهات، واعتبارها ناشزاً إن هي عملت دون إرادة زوجها!! وبالتالي لا يُنظر إلى عملها كحقّ أصيل، كما عمل الرجل، بل يحتاج إلى وضعه كشرط من شروط عقد الزواج إن رغبت الفتاة بالعمل بعد الزواج، أو اعتباره ترفاً يمكن الاستغناء عنه إذا ما توافر ترفٌ أكبر، أو إذا اقتضت الحاجة لبقائها في البيت من أجل الإنجاب والتربية والعناية بشؤون الأسرة لا أكثر، وهذا ما تتجاوب معه غالبية الفتيات حين يُفكّرن في الزواج والاستقرار الاجتماعي والعاطفي مُتذرعات بعدم القدرة على التوفيق ما بين داخل البيت وخارجه!!
إن هذا الواقع، سواء بالنسبة للمرأة ذاتها، أو بالنسبة للمجتمع، ما هو إلاّ تعبير حقيقي وأصيل عن فهم مشوّه وضبابي لحق المرأة في العمل، وبالتالي فالموقف منه بشكل يُعزّز ويُدعّم هلامية أو خلّبية هذا الحق الذي ما زال يستدعي الكثير من الوعي والثقافة المجتمعية والرسمية الدافعة باتجاه تعزيز هذا الحق وتأصيله كأحد أهم حقوق الإنسان.
إيمان أحمد ونوس
خارج الموضوع تحويل الاكوادإخفاء الابتساماتإخفاء