الحرب العالمية الأولى (٣)
.......................................................................................
نتيجة للحرب استبدلت الإمبراطوريات الروسية والألمانية والنمساوية المجرية والعثمانية بدول جديدة قائمة على القوميات. فرضت القوى الأربع بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة وإيطاليا شروطها في سلسلة من المعاهدات المتفق عليها في مؤتمر باريس للسلام عام 1919. كان الهدف من تشكيل عصبة الأمم هو منع حرب عالمية أخرى، ولكن لأسباب مختلفة فشلت في القيام بذلك. الشروط القاسية التي فرضتها معاهدة فرساي على ألمانيا ساهمت في صعود الحزب النازي ونشوب الحرب العالمية الثانية. غيرت الحرب العظمى أجزاء كبيرة من أوروبا والشرق الأوسط بطرق لها تبعات باقية إلى اليوم.
أصل التسمية
في أكتوبر عام 1914 كتبت مجلة ماكلينالكندية (Maclean's Magazine) «بعض الحروب تُسمِّي نفسها، هذه هي الحرب العُظمى». وهناك اسم آخر نُشر في نيويورك أوائل شهور الحرب كان بعنوان الحرب العالمية.
استُخدم اسم الحرب العالمية الأولى لأول مرة في سبتمبر من عام 1914 من قبل الفيلسوف الألماني إرنست هيكل حيث قال: «أنه لا يوجد شك في أن خشية مسار وطابع الحرب الأوروبية سوف يكوِّن الحرب العالمية الأولى بالمعنى الكامل للكلمة».أيضًا ذُكر اسم الحرب العالمية الأولى في عام 1920 من قبل المؤرخ والصحفي الإنجليزي تشارلز ريبنغتون.
الدوافع
التحالفات السياسية والعسكرية
في القرن 19 قامت الدول الأوروبية الكبرى بجهد كبير للحفاظ على توازن القوى في جميع أنحاء أوروبا مما أدى إلى وجود شبكة معقدة من التحالفات السياسية والعسكرية في جميع أنحاء القارة بحلول عام 1900.بدأ كل ذلك في عام 1815 تحت مسمى التحالف المقدس بين بروسيا وروسيا والنمسا. في أكتوبر من عام 1873 قام المستشار الألماني أوتو فون بسمارك بالتفاوض مع الأباطرة الثلاثة ملك الإمبراطورية النمساوية المجرية، ملك الإمبراطورية الألمانية وملك الإمبراطورية الروسية ولكن هذا الاتفاق قد فشل بسبب أن الإمبراطورية النمساوية المجرية والإمبراطورية الروسية لم تتفقا على سياسة البلقان، مما أدى إلى تحالف الإمبراطورية النمساوية المجرية والألمانية عام 1879 في تحالف سُمي التحالف المزدوج واعتبر ذلك وسيلة لمواجهة النفوذ الروسي في البلقان حيث واصلت الدولة العثمانية بالضعف.
في سنة 1882 توسع هذا التحالف بعدما انضمت إيطاليا إليه وأصبح بذلك تحالفًا ثلاثيًا. كان بسمارك يحاول جعل روسيا مع ألمانيا حتى يمنع حصول قتال في الجبهتين الفرنسية والروسية. حينما تُوِّج فيلهلم الثاني قيصرًا لألمانيا اضطر بسمارك للتقاعد ونظام التحالفات الذي عمل لأجله قد أُلغي تدريجيًا. فعلى سبيل المثال لم يُجدد القيصر معاهدة إعادة التأمين مع روسيا في عام 1890. بعد سنتين وُقِّع التحالف الفرنسي الروسي لمواجهة قوة التحالف الثلاثي. في عام 1904 وقعت بريطانيا عدة اتفاقيات من بينها الحلف الودي مع فرنسا وفي عام 1907 وقَّعت بريطانيا وروسيا الحلف الأنجلو الروسي في حين أن هذه الاتفاقيات لم تحالف بريطانيا رسميَّا مع فرنسا وروسيا، ولكنها جعلت دخول بريطانيا للأراضي الفرنسية أو الروسية في المستقبل ممكنًا وأصبح يُعرف بالوفاق الثلاثي.
سباق التسلح
نمت القوة الاقتصادية والصناعة في ألمانيا بشكل كبير بعد حركة توحيد ألمانيا في عام 1871 تبعتها الحرب الفرنسية البروسية. منذ منتصف عقد 1890 استعملت حكومة فيلهلم الثاني هذا الأساس لتكريس موارد اقتصادية كبيرة لبناء البحرية الإمبراطورية الألمانيةالتي تأسست على يد الأدميرال ألفريد فون تيربيتز في منافسة مع البحرية الملكية البريطانية للتفوق في البحرية من بين دول العالم.ونتيجة لذلك سعت كل دولة إلى بناء السفن الرئيسية. مع إطلاق بارجة HMS Dreadnought في عام 1906 توسَّعت الإمبراطورية البريطانية بسبب تميزها على منافستها الألمانية.في نهاية المطاف توسع سباق التسلح بين بريطانيا وألمانيا إلى جميع أنحاء أوروبا، فمع وجود كل القوى الكبرى تم تكريس قاعدة صناعية لإنتاج المعدات والأسلحة اللازمة لصراع عموم أوروبا.بين أعوام 1908 و 1913 زاد الإنفاق العسكري من القوى الأوروبية بنسبة 50٪.
ويظهر الجدول التالي نفقات القوى العظمىعلى الجيش والبحرية بالمارك الألماني عام 1913.
الصراعات في البلقان
أعلنت الإمبراطورية النمساوية المجرية الضم العسكري للبوسنة والهرسك فيما عُرف بالأزمة البوسنية (1908–1909) عن طريق ضم الأراضي العثمانية السابقة البوسنة والهرسك التي احتلتها منذ عام 1878 وقد أغضب هذامملكة صربيا ورعاتها؛ القومية السلافيةوالأرثودكسية الشرقية في الإمبراطورية الروسية. زعزعت المناورات السياسية الروسية في المنطقة استقرار اتفاقيات السلام، وقد نُقضت بالفعل وقد سمي هذا الوضع "ببرميل بارود أوروبا".في عام 1912 و1913 وقعت حرب البلقان الأولىبين اتحاد البلقان والدولة العثمانية الضعيفة وكنتيجة لإنهاء هذه الحرب ظهرت معاهدة لندن للسلام وإنهاء الحرب، وقد تسببت هذه المعاهدة في تقليص الدولة العثمانية وإنشاءالدولة الألبانية المستقلة في حين توسعت حيازات أراضي بلغاريا، صربيا، الجبل الأسود واليونان. عندما هاجمت بلغاريا كل من صربيا واليونان يوم 16 يونيو 1913 فقدت معظم مقدونيا إلى صربيا واليونان وجنوب دوبروجالرومانيا في حرب البلقان الثانية التي استمرت 33 يومًا وقد أدَّى ذلك لزعزعة المزيد من استقرار المنطقة.
إن التحول الحقيقي في نشوب الحرب العالمية الأولى هو بسبب تحول ميزان القوى بعد حرب البلقان، فقد زاد التقارب بين دول الوفاق الثلاثي إنجلترا وفرنسا وروسيا، استطاعت الإمبراطورية الروسية أن تتحكم في الصرب وإزداد نفوذها في رومانيا، ومن أخطر نتائج حرب البلقان هو نمو صربيا أرضًا وسكانًا كذلك اشتداد الحركة الصربية داخل الصرب وبين الأقليات الصربية الموجودة تحت حكم النمسا. بسبب الجفاء بينها وبين بلغاريا إضافًة إلى أن الدولة العثمانية لم تعد قوية كما كانت كل ذلك سمح لروسيا بأن تفكر في الاستيلاء على أراضيها ومضائقها البحرية ولكن هذا كله لن يحصل إلا بحرب أوروبية، لذا عليها أن تخلق مشكلة سياسية إذا أرادت احتلال المضائق في الوقت الذي كانت فيه زيادة التسلح في أوروبا سائرة بوتيرة سريعة.
يتبع......ويكيبيديا
الصورة : الأرشيدوق النمساوي فرانز فرديناند الذي كان اغتياله شرارة الحرب
خارج الموضوع تحويل الاكوادإخفاء الابتساماتإخفاء