الصدمة الحضارية التي باغتتنا ، وضرورة تصدينا التخصصي الجمعي الانساني لحلها
.......................................................................................
ما هو سبب ارتباكنا بالتعامل مع الحضارة المعاصرة وتناحرنا ؟
ان اغلبنا وان بصورة نسبية عاش أوتلقى جزءا من عقلية القبيلة والعشيرة والطائفة التي عاشها أجدادنا في الماضي والتي لايزال يعتبرها البعض عصرا ذهبيا
وهو ما ادخل هذا البعض في غيبوبة العيش في سراب عقلية السبي والغزو ، التي عاشها اجدادنا ،،
ان سبب غيبوبتنا هو لأننا نعيش في قلب العالم القديم ، الذي أغرى كل اقوياء الارض بالسيطرة عليه ، ومحاولة غزوه ، مما اجبر
شعوبنا على التركيز على اتقان مهنة العسكرة ، دون سواها ، سواءآ من جهة الصراع بين اهل المنطقة العرب والكرد والفرس والترك او من جهة دفاع جميع اهل المنطقة ضد الغزوات الخارجية الغربية ، الى ان وصلنا لعصر الاسقلالات الوهمية عن الهيمنة الاستعمارية
وعندما فركنا اعيننا وفتحناها وقعت أنظارنا على دول جاهزة لها تسمياتها سورية العراق
لبنان الاردن السعودية لها حدودها واعلامها ، وقوات عسكرية
لا بل تم تسجيلها كاعضاء في هيئة الامم المتحدة توحي لنا بالسيادة والكرامة
شعرنا لاول مرة باننا غدونا بهذه الاستقلالات
الوهمية اصحاب سيادة وابطال لا يشق لنا غبار
خدرتنا هذه الاستقلالات الوهمية وخدرنا اكثر
البترول الذي ظهر في غالبية بلداننا ، خدرنا بدوره فابقانا في التواكل و الغيبوبة ذاتها ، نعيش لاوعي عقلية القبيلة والعشيرة ، الى ان فتحنا اعيننا وجها لوجه امام عصر ليس الدولة العصرية الواحدة وحسب بل اما صدمة وتحدي معايشة القرية الالكترونية والاعلامية والاقتصادية والايديولوجة والعولمة
الواحدة ، في الوقت الذي لا نملك فيه سوى خميرة ادارة شأن قبيلة واحدة فكيف يمكننا تحمل هذه الصدمة الحضارية المباغتة ونحن عزل عن سلاح عقلية تحمل اعباء هذه الصدمة الحضارية دون ان ينفجر فينا كل شيء ؟!!
فتحنا اعيننا واذ مطلوب منا لكي ننجح التعامل مع العالم والمفهوم الكوني للقومية والدين والايديولوجيا والتقنية وادارة المجتمعات المعاصرة والشركات المؤتمتة في وقت لا نملك في لاوعينا سوى خميرة ثقافة العشيرة والطائفة ، او التقليد الببغائي الميكانيكي
للمقولات الايديولوجية الجاهزة اشتراكية كانت ام راسمالية ليبرالية على قاعدة نسخ لصق ، وليس في ما نصرح به لبعضنا البعض من وعي انساني مشوب بالف تصور مختلف عن هذه التسمية التي لا يريد أحد ان يحرم نفسه من التحلي بها مهما تناقضت مع اللاوعي الذي يقبع في أعماق لا شعوره الباطني ، اذ يحاول اي منا ان يصبغ قناعاته تلك بصبغة التسمية الانسانية كما لو كانت مجرد شعار او علم نحمله بالمناسبات ،، فعندما نقول الدين هو الحل : فنختلف في تفسيره حتى ضمن الطائفة الواحدة ، نقول العلمانية هي الحل ، فأغلبنا لم يدرك بعد ان مخترعي مفهوم العلمانية انفسهم لم يتمكنوا بعد من الاتفاق على تعريف واحد لها
حيث تتصارع العلمانيات الكبرى مع بعضها
نقول القومية هي الحل فنختلف اول مانختلف مع ابناء القوم الذي نزعم اننا نسعى من اجل تحريرهم
نقول الحل بالديموقراطية فنجد عشرات الصيغ والنماذج المختلفة والمتصارعة هنا وهناك
نكبتنا وتخلفنا يكمنان في صدمتنا الحضارية تتمثل في اخفاقنا بالاتفاق على فهم ماهي الحضارة ، ومعاناتنا من التدخل السافر في شؤوننا بمختلف الطرق والسبل لفرض اجندات على عقول شعوبنا ، وبدلآ من تسخير التقنية لخدمة فهمنا للحضارة ، سخرناها للنكوص نحوعقلية القبيلة او الطائفة او وهم القومية الخالصة ،
ما يتعين علينا معرفته هو ان عصرنا يعيش
عصر ضياع الهوية الفكرية والروحية ، نعيش عصر تحول ما بعد الانهيار الدراماتيكي للمنظومة الايدولوجية والاستراتيحية الشرقية لاسباب ذاتية وليس نتيجة الحرب الباردة كما اراد الغرب ان يفهمه وفقا لهذا المنوال ، مما دفعه الى التقدم التدريحي شرقا حتى بلغ الحدود الروسية ، ولكن إعادة بعث روسيا القوية من جديد واعادة بناء منظومة شنغهاي ، قلبت كل التوقعات والتصورات ،
حيث اعاد الظهور الشرقي الجديد للصراع الكوني توازنه من جديد مما خلق فرص تشييد ارضية علاقات كونية جديدة هي في طور المخاض والتبلور في ضوء معادلات تفرض نفسها بقوة الوعي والقراءة الجديدة للمستجدات الكونية الطابع
من هنا فان اي حل قطري لنا لا بد من ان يأخذ هذا الوعي الكوني بعين الاعتبار وعلينا ان ندرك بعمق باننا نعيش صراعا كونيا متعدد الجوانب والابعاد وليس محلي كما قد يترائى للبعض من ابناء شعوبنا ،
وبالتالي نحن مطالبون باعادة مراجعة
مفاهيمنا ومسلماتنا وموروثنا الثقافي على ضوء مستجدات القرية الكونية المتعددة الثقافات وهي في طور التشكل والصياغة والتطور الذي لا بتوقف لحظة واحدة ، ولا تتحجر إلا في أدمغة من لا يزال يعيش في
غيبوبة الغرق في بعد واحد من ابعاد الانسان وارتهانه له
كائنا ما يكون هذا البعد ، قوميا او دينيا او طبقيا او ايديولوجيا ، او اقتصاديا او امنيا
بينما نحتاج الى جميع ابعادنا ،،
الأستاذ صبري حيدر
خارج الموضوع تحويل الاكوادإخفاء الابتساماتإخفاء