pregnancy

الإنسان الاجتماعي البيولوجي ..ملامح و سمات ..بقلم الأستاذ علي حسين الحموي






الإنسان الاجتماعي البيولوجي ملامح وسمات
......................................................................................

تشكل أخلاق الفرد ومناقبيته الأساس الحقيقي لعضوية الفرد -أي فرد- في الحركة، فالإنسان الاجتماعي البيولوجي هو الإنسان المستقبلي الحقيقي، وهو الإنسان الجديد؛ الذي سيعول عليه في البناء القادم بإذن الله.
إن هذا لا يعني التمايز الحزبي الفوقي، فهنا سقطتنا المؤكدة، بل يعني التفرد والانخراط بحب وتواضع في قضايا المجتمع الصغيرة والكبيرة. إذ يجب على الاجتماعي البيولوجي أن ينسى اجتماعيته حينما يلتقي بالآخرين فيصبح واحد منهم دون أن يجاريهم في أية أخطاء أو يجامل في اية انحرافات، فالقصد هنا ألا تتحول الثقافة والمناقبية لدى الاجتماعي برجا عاجيا يجرح الآخرين. يعمل هذا الإنسان على إجتثاث الغل والغضب من داخله، إذ لا وجود دائم للكراهية في قلبه، حتى تجاه الأعداء أنفسهم، فصراعه معهم ليس صراع أحقاد وانتقام إنما صراع يهدف إلى البناء الإنساني وإلى السمو.

إن الأخلاق العالية التي يتمتع بها الاجتماعي هي حقيقة وواقع، وبالتالي يجب عدم التظاهر بها إن لم تكن موجودة حقا.
لكن هذا لا يعني أننا كاملين فالوصول للكمال هو رحلة وليس أمرا طارئا، وبالتالي إن انضمام الفرد إلى الحركة الاجتماعية لا تعني تغيره في يوم وليلة، بل تعني ولادة جديدة له، اختارها هذه المرة بنفسه كتقرب من الذات الإلهية نحو السمو الروحي والرفعة الانسانية، وكإستجابة للآلام الإنسانية القريبة والبعيدة، وهي أيضا إرادة ذاتية متفردة ترفض الظلم والانحطاط والتخريب.
إن هذه الولادة قد تكون يسيرة تدعمها البيئة والتربية والتعليم، وقد تكون عسيرة تعيقها كل هاتيك، وهنا يلعب العامل الذاتي دورا محوريا، فالتخلص من العيوب والأخطاء -وإن كانت جرائم- هي مسؤولية الفرد نفسه الذي اختار أن يولد من جديد.

إن القناعة الأيديولوجية والالتزام بأفكار الحركة واستراتيجياتها تأتي مكملة للولادة من جديد، فهي النظام العقلي الذي عليه يتكئ الإنسان الاجتماعي في رحلته الحيوية نحو تحقيق النهضة الإنسانية ابتداء من نفسه ومن المقربين إليه، وصولا إلى أقصى ما يمكن تحقيقه في بناء الإنسان على مستوى الوطن والأوطان، وهذا لا يعني الانغلاق على (النحن) ولا يعني الجمود الفكري فأهداف الحركة الاجتماعية البيولوجية مستمرة بطبيعة التحديات المستمرة من الحياة نفسها سواء الحياة البشرية او الحياة الطبيعية نفسها، كل هذا يخلق نقاط انطلاق جديدة ومحتوى بحث وعمل جديدين دون الإخلال او الطعن بالثوابت.

إن تغيير الأقدار المشؤومة لا يكون بالتمني والأحلام الشاعرية، بل يكون بالعمل الملهم العاقل المنظم المبني على اسس أخلاقية وعلمية في آن معا؛ المنطلق أولا من الذات ثم المجتمع.
فحينما نتغير سيتغير العالم، وهذا لا يتحقق إلا بازدراء المال ومنطق القوة وحب الظهور. لا يتحقق إلا إذا امتلكنا الشجاعة لأن نرفض الخطأ والجريمة والفساد، وأن نعلن موقفنا هذا بوضوح وإيمان.

إذن البناء الذاتي يبدأ بالتنكر للمال والمادة، وللمظاهر الكاذبة المخادعة، إن هذا لا يعني الزهد والظهور بمظهر الفقر، أو التبرع المتهور، بل يعني أن الاجتماعي ولاءه الأول والأخير لله بمحبة وللمعاني السامية وللأفكار المتقدمة الناهضة بالمجتمع والإنسان. وهذا لا يكون بالإدعائية والتظاهر إنما بالحرص على البناء الداخلي الصامت دون ضجيج خارجي فارغ.
كما أن كل ما ذكر لا يعني الإنفصال عن الواقع، لأن الاجتماعي هو إنسان موضوعي وعلمي، إلا أنها موضوعية غير مذعنة ومطأطئة، فهو شخص متحرك على الدوام لا يستكين للظلم ولا يستسلم لليأس ولا للكسل، يبحث دائما عن حلول دائمة أو مرحلية، فهو لا يعرف الاستسلام ولا التوقف، سلاحه في ذلك إيمانه العميق بالله وتقديره لإنسانيته وصبره على الصعاب مهما عظمت، فهو يدرك انه في نهاية الأمر لن يصح إلا الصحيح، ولن يحق إلا الحق. 
إن تعمقنا في الأمر فسنجد أن هذا الإنسان طبيعي، فهو ليس كاملا لكنه يسير بجدية نحو الكمال، إن مسيرته تنسجم مع فطرة الأنسان الاجتماعية سواء من حيث الأسرة أو من حيث العمل أو من حيث الصداقة والتفاعل مع الآخرين.
والإنسان بفطرته يميل أيضأ إلى التنافس والصراع مع الآخرين لتأمين مصلحته الفردية، وهذا الأمر متحقق أيضا لدى الإنسان الإجتماعي مع فارق جوهري وهو أن إنساننا ينطلق دائما من رؤيته الاجتماعية فهو لا يبني مصلحته الفردية على حساب تهديم مصلحة المجتمع الوطني أو الإنساني.

علي حسين الحموي
شكرا لتعليقك