المفصل التاريخي..امريكا.. إيران..
.......................................................................................
في مقالتين سابقتين،رجحت وقوع الحرب على إيران واليوم أركز على أهمية نتائج
هذا الصراع،ولا أبالغ إن قلت أن الصراع الإيراني ..الأمريكي.. (الإسرائيلي..السعودي..الغربي) يمثل مفصلا من أهم مفاصل التاريخ الحديث،بغض النظر إن انتهى سلما ام حربا..إذ بنتيجته يتقرر ما يلي..
استمرار الولايات المتحدة الأمريكية القوة الوحيدة المنفردة التي تتحكم بمصير الدول والشعوب وتدير شؤون الكون،او من هنا يبدأ دورها بالانحسار في ادارة شؤون العالم لتشاركها في ذلك قوى دولية كبرى منها الصين وروسيا وربما المانيا(أوروبا) والهند.. وذلك لما يلي..
لقد أوقع الامبراطور الأمريكي العقوبات الاقتصادية على عدد من دول العالم،منها ما كان بمباركة مجلس الأمن الدولي ،كالعقوبات على كوريا الشمالية،ومنها ما كان خارجا على الشرعية الدولية مثل العقوبات على روسيا.. فنزويلا.. تركيا وإيران..ولكن تبقى العقوبات على إيران أشدها وهدفها تصفير علاقاتها الاقتصادية والمالية بالعالم لغاية تركيعها.. فموقف الإدارة الأمريكية في هذا الخصوص من أكثر المواقف تشددا وعدوانية وذلك كله بهدف تغيير النظام الإيراني عن طريق ثورة داخلية أو عن طريق القوة العسكرية والحرب،و الفشل في تحقيق هذه الغاية يعني تراجع دورها في العالم بسبب اهتزاز الصورة التي رسمتها لنفسها بنجاح في العقود الأخيرة.. باعتبارها القوة الاعتى والاقوى في كل الميادين دون نزاع..
وللتوضيح أسوق ما يلي..
١) العقوبات الاقتصادية..
إن عدم إنصياع بعض الدول للأوامر الأمريكية مع عدم قدرة الإدارة الأمريكية على تنفيذ تهديداتها بفرض العقوبات عليها أو فرضها مع استمرار تلك الدول باستيراد النفط الإيراني والتعامل الاقتصادي معها، يعني عجز الإدارة الأمريكية عن التصرف وفرض إرادتها على تلك الدول والمثال هنا إستمرار الصين وروسيا وتركيا في شراء النفط الإيراني..علما بأن الهند تخطط للالتفاف على تلك العقوبات.
ومن هنا سيدرك العالم إمكانيات امريكا المحدودة في فرض إرادتها على العالم وبالتالي ستهتز وتضعف صورتها مما سيؤدي إلى الإنفلات عن إرادتها واللجوء إلى دول كبري أخري أو لمجرد محاولة التمتع بالحرية.. أي في استقلال القرار.. وأنا أعتقد أن ألمانيا واليابان هم الأوائل في طابور الانتظار.. هذا وإن العجز لن يلحق بالإدارة فقط وإنما سيشمل الأسلوب والقوانين والمؤسسات لذلك ستستميت امريكا في إنجاح تلك العقوبات وإلا سيكن خيارها الوحيد..الحرب إن لم تتقبل الواقع السياسي الجديد..
٢) بالنسبة للحرب..
إن الحرب على إيران ليست كحروب امريكا في أفغانستان والعراق.. فإيران دولة عسكرية بكل المقاييس العصرية،فتجربتها من حرب العراق علمتها الاعتماد على نفسها في معظم المجالات العسكرية،من إنتاج وابداع واختراع وتدريب واستعداد،ويكفي أن أشير هنا إلى واقع الحال.. فإن كان الحوتين في اليمن يملكون هذه الصواريخ والدرونات فماذا يمكن أن تملك إيران...!!؟
هذا و إذا تناسبنا هذا العنصر الهام..نذكر بموقع إيران الاستراتيجي.. بالقرب من إنتاج وخطوط نقل النفط وعلاقاتها وصداقاتها وتحالفاتها مع حزب الله وسوريا مما يؤكد أن مثل تلك الحرب ستشمل اسرائيل والشرق الأوسط برمتة..فحجم الدمار سيكون عظيما بالإضافة إلى خسارة امريكا لمورد من أهم مواردها الاقتصادية التي كانت بواستطها تمول نفقاتها العسكرية وجبر اضرارها في كل حروبها خلال السبعين عاما الماضية وكذلك حروب اسرائيل في المنطقة وهو مال البترول العربي.
هذا وإن للحرب على إيران..عدة ابعاد وسيناريوهات وحتى لا أطيل الخص تصوراتي لمسار الحرب،منوها بأن الضربات الجوية من صواريخ وطائرات لن تنهي النظام الإيراني ولن تغير الواقع على الأرض لذا لا بد من قوات عسكرية أمريكية وحليفة على الأرض وهذا سيؤدي بدوره إلى حرب استنزاف طويلة تقوم فيها الصين وروسيا بتزويد إيران بكل احتياجاتها من عتاد ومؤونة وسلاح مما سيضطر امريكا للجلوس على طاولة المفاوضات ولكن ليس من مركز القوة كالمعتاد.. وإنما كدولة مثل باقي الدول في مثل هذه الحال..تتفاوض مع إيران والكبار لتخرج ببعض ماء الوجه..
هذا ولا يمكن استبعاد سيناريو مهم وإن كان بعيدا..وهو دخول روسيا والصين وأوروبا لساحة القتال..فهل العرب بكل اطيافهم..شعوبا وحكومات ومنظمات مستعدين لمثل هذا الاحتمال..!!؟
أبدي بأن هذا الصراع،ليس موقعي أو إقليمي..ليس اليمن.. أفغانستان أو العراق.. فالصراع دولي هام ويشكل مفصلا من المفاصل الأهم في القرن الحادي والعشرين لغاية الآن فعلى ضؤ نتائجه _ وإن كانت سلما أو حرب _سيتقرر النظام الدولي .. إما إستمرار أمريكا في ادارة شؤون العالم على انفراد أو ستصبح إدارته بالاشتراك مع دول كبرى أخرى..وبالتالي سيتقرر مستقبل دول وشعوب الشرق الأوسط إن لم يكن أعم...
غسان دلل..
خارج الموضوع تحويل الاكوادإخفاء الابتساماتإخفاء