pregnancy

حملة صليبية أم حملة للفقراء والمهمشين ؟!




حملة صليبية ..أم حملة للفقراء والمهمشين ???
.....................................................................................

 الجميع يعرف جيداً الحملات الصليبية ، فهل سمع أحد يوما عن العشر آلاف طفل الذين ذهبوا لتحرير القدس فيما يسمى  بحملات الأطفال الصلييية ?!

من الأمور المؤكد والمعروفة تاريخيا أن انشطار الكنيسة في العمل السياسي وخداع الحكام للشعوب باسم الرب والدين  كانت هي السمة السائدة التي تحرك الغرب الأوروبي خلال العصور الوسطى والدين المسيحي من ذلك برئ ، بل وضمنت تلك المبررات للسياسين قطاعات لم يسبق لها الإسهام في تاريخ الحروب الصليبية وخير مثال دل على ذلك، نجده في صورة حملتا الأطفال الصليبية عام 609هـ / 1212م.

فبعد فشل الحملة الصليبية الرابعة خرجت من أوروبا الغربية حملة عجيبة هي تلك التي عرفت باسم “صليبية الأطفال "

أطلقها صبي فرنسي في الثانية عشرة من عمره اسمه ستيفين من مدينة كلوي الصغيرة في إقليم أورليانز؛ ففي أحد أيام شهر مايو سنة ١٢١٢م / 609هـ ظهر هذا الصبي الراعي في بلاط الملك الفرنسي فيليب أغسطس، وزعم أنه رأى رؤية منامية مؤداها؛ أن السيد المسيح عليه السلام؛ أتى إليه في المنام، وأمره بأن يدعو إلى قيام حملة صليبية إلى بلاد الشام، ومعه خطاب قال: إن المسيح شخصيا أعطاه إياه لكي يوصله للملك.

وقد زعم ستيفين أن العناية الإلهية اختارته لقيادة حملة من الأطفال الأبرياء الذين سوف يستردون مدينة القدس بعد أن فشل الملوك والأمراء والبابا وغيرهم من الكبار في استعادتها بسبب ذنوبهم..

بالفعل اجتذب ستيفين عشرات الآلاف من الأطفال من باريس ومن غيرها من أقاليم فرنسا، وتحرك موكب حملة الأطفال الصليبية حتى هلك الكثيرون من مشقة الطريق، وبذلك فشلت الحملة في بدايتها.

كانت هذه الحركة شبيهة بحملة الفقراء الأولى قبل 1096 م، ولكن اشترك فيها أعداد أقل بكثير، لم تتحدث عنها المصادر التاريخية إلا باختصار، وتبقى التفسيرات المتعددة هي التي ترسم الأحداث بكثير من الخطوط المفقودة، وتؤكد المصادر انهم كانوا حملتان وليست حملة واحدة اشترك فيهم عداد كبيرة من الأطفال وإن لم تقتصر عليهم، فبدأت إحدى الحملتين بين 25 مارس و13 مايو 1212 م في مناطق ألمانيا المجاورة لنهر الرين، اندفع فيها الآلاف من الرعاة والأولاد الآخرين الذين يساعدون آبائهم في الشؤون المنزلية إلى الجنوب، لكي "يحرروا القدس" ويروي بعض مدوني الأخبار أن صبيا في العاشرة اسمه نيكلاس كان يقود الجموع كما ذكرنا ،  وكذلك في يونيو 1212 في فرنسا الشمالية ظهر الراعي ايتان البالغ من العمر 12 سنة وأعلن نفسه رسول الرب، فتبعته جموع الفقراء، وكان هؤلاء على قناعة أن بإمكانهم القيام بما لم يتمكن منه الفرسان والنبلاء، وكان ذلك حصاد الوعاظ أمثال بيار من بلوا، واللاهوتي بيار كانتور، وغيرهم من الوعاظ المتجولين الذين غذّوا فكرة أن رحمة الرب وتحرير القدس التي لم يرغب الرب في وهبها للفرسان الأمراء والملوك الطماعين.

مات العديد من المشاركين بسبب الجوع والظروف القاسية ، ووصلت الحملة الأولى إلى جنوة وهناك تفرقت الجموع واكمل البعض إلى برينديزي وركب بعضهم السفن فوقعوا في ايد القراصنة وبيعو عبيدا في اسواق النخاسة ، واما الحملة الثانية فوصلت إلى مرسليليا ومن هناك ينشأ خلاف بين المؤرخين فيقال أن محتالان أعلنا أنهما على استعداد لنقل الصليبيين إلى الأرض المقدسة ، فركبوا في سبع سفن ، غرقت اثنتان منها في عاصفة وبيع ركاب الخمس الباقيين كعبيد أيضا في اسواق شمال أفريقيا ، ولكن يعتقد ان هناك خلط بين الحملتين وأن الذي قيل في الثانية هو ما حدث بالأولى ، أما الثانية فتنتهي حكايتها عند مارسيليا وعدم انشطار البحر ليسير فيه المؤمنون ، ولم يصل المشاركون في أي من الحملتين إلى الأرض المقدسة.

ويرى بعض المؤرخون أن هاتين الحملتين لم تكونا سوى جموع من الأقنان والفقراء الذين استاءوا من الفشل الذي لاقته الحملات السابقة بقيادة الأسياد ، وانهم الريفييون المتحمسون دينيا والمعادون للإقطاعية بدوافع تحررية ، وذلك اعتمادا على كتابات بردس ، أحد كتّاب الأحداث ، بوصفه لهم ب"طاقة الريف التمردية" و"احتياطي الهرطقة"، وان تسميتهم بالحملة الطفولية أو حملة الأطفال جاءت كاستعارة صورية لهذه الجموع ولم تكن ترتبط حقيقة بكون المشاركين فيها من الأطفال ، وانها تصويرا لفظي أصبح فيما بعد وهم تاريخي .
منقول
شكرا لتعليقك