pregnancy

شاهنامه .. أطول قصيدة كتبها البشر

 شاهنامه .. أطول قصيدة كتبها البشر

.................................................. ...... 



أقدم الشاعر الفارسي أبو القاسم الفردوسي سنة 977 للميلاد على تنفيذ أغرب رحلة شعرية قد يقوم بها شخص أو شاعر وهي قصيدة شاهنامه .


 لقد أمضى الفردوسي ثلاثة وثلاثين سنة في كتابة قصيدته التي سماها شاهنامه راوياً فيها كل الحكايا التي تناقلتها الأجيال الفارسية منذ القدم وحتى زمنه، ليتحدث عن قصصاً وأساطير تعود لآلاف السنين تروي مغامرات وبطولات ملوك وفرسان، حتى أنه قد ذكر سطوراً عن المخلوقات الأسطورية والمغامرات التي نسجت حولها.


عندما جمع كل هذه القصص والملاحم؛ أفضت النتيجة إلى ملحمة شاهنامه الفارسية والتي تعني ترجمتها “كتاب الملوك”، وهي القصيدة الأطول في تاريخ البشرية.


 كان هدف الفردوسي من كتابتها هو أن يروي ويمجد الثقافة الفارسية ويستذكر كل القصص والأساطير التي عُرفت في بلاد فارس قبل الفتوحات الإسلامية على البلاد، وسطوة الثقافة العربية التي رافقت الخلافة.


حياة الفردوسي الدهقان الأديب:–

في منطقة تُعرف اليوم باسم بلاد خراسان، الواقعة في الشمال الشرقي لإيران؛ كانت هناك منطقة تسمى “طوس” وهي المدينة التي ولد فيها أبا القاسم الفردوسي سنة 935 م.


فقد تزامن عصر ولادة هذا الشاعر العجيب بالفترة التي كانت فيها العائلة السامانية – وهي تعتبر ثاني سلالة وإمبراطورية فارسية – تحكم المنطقة الشرقية من بلاد المسلمين (إيران وأجزاءً من الهند) وذلك بعد نجاح الخلافة الإسلامية بالوصول إليها وضمها لمناطق سيطرتها سنة (861) للميلاد.


من هو الدهقان؟

لم يكن الفردوسي شخصاً عادياً، إنما كان ينحدر من إحدى العائلات الفارسية النبيلة التي يملك أفرادها لقب دهقان، وهو ما يعني زعيم المدينة وأحد وجهائها، فقد كانت عائلته من واجهات المجتمع ومالكي الأراضي، حتى جاء الفتح الإسلامي وتحول كل الفرس إلى الإسلام.

ملحمة شاهنامه …كتاب الملوك:–

لم يرتجل الفردوسي قصيدته مباشرة حينما كتبها، إنما شرع في جمع كل المصادر والموارد الأدبية القديمة، والتي كان منها أعمال البهلوي الفارسية المسماة (خودنامه) أو ما يعني بكتاب الله، حيث استند في مراجعته إلى الروايات التاريخية الموثقة، والقصص التي تناقلها قساوسة الديانة الزرادشتية وخاصة الأساطير التي كتبت في كتاب الزرادشتية المسمى بـ “افِستا”.


يقول المؤرخون: إن بعضاً من القصص التي تم ذكرها في قصيدة الفردوسي تعود إلى عصر الدولة الفارسية الأخمينية التي حَكمت في القرن السادس قبل ميلاد المسيح، مع أن القصص تعود إلى فترات أقدم منها بآلاف السنوات.


وسيلاحظ المدقق في هذه القصص أنها تتقاطع في العديد من النقاط مع القصص الهندية (الآرية) القديمة، مما يرشد إلى مدى ترابط الفرس بتراثهم الثقافي الآري.


 قام الفردوسي بتقسيم ملحمته إلى ثلاث فترات زمنية رئيسية وهي: عصر الأساطير، عصر البطولات والعصر التاريخي وكل منها يمكن توصيفه كالتالي:


ملاحم العصر الأسطوري:-

بدأ هذا العصر في قصيدة شاهنامه من خلال أبيات تتحدث عن خلق العالم، وعن قصة أول رجل يُصبح ملك في تاريخ البشر وهو الملك كيومرث، وأورد قصصاً عن حفيد هذا الملك الذي يٌسمى هوشنغ الفتى الذي اكتشف النار وأقام لها مهرجان سنوي يحفل بها فيه وسماه مهرجان سديه للنار.


ثم تَحدثت القصيدة عن شخصية جمشيد الراعي -الشخصية الأسطورية الآرية الذي كان أحد أعظم الملوك الذين حكموا بلاد “أهوار مازدا”-، وتبعاً للأسطورة فقد كان حاكماً صالحاً وتغلب على الشيطان المسمى “ديّف”.


وينسب إلى جمشيد هذا تحديد يوم عيد الربيع النيروز الذي يخبر عن بدء السنة الفارسية الجديدة، وحتى اليوم يتم الاحتفال به في اليوم العشرين من شهر آذار مارس من كل عام.


وتنتهي قصة هذا الملك الصالح جمشيد عندما قام ابن ذلك الشيطان والمدعو بـ “أهريمان” بتحريض الضحَّاك الرجل الذي تنبت الثعابين من كتفيه إلى قتل جمشيد، ليصبح هو الملك.


إرث أدب الفردوسي:–

أمضى الفردوسي حوالي (33) عاماً في كتابة قصيدته وأنهاها بعمر الواحد والسبعين، فأرَّخ إنهائها في يوم (8 من أذار / مارس، 1010 للميلاد).


توفي الفردوسي في سنة 1020 للميلاد عن عمر يناهز (82) عام ليدفن في مسقط رأسه مدينة طوس، تاركاً خلفه أطول قصيدة كتبها بشري قط.


تتضمن قصيدة شاهنامه بالتحديد (62) قصة موزعة على (990) فصلاً وبحدود (60) ألف مقطع شعري، بذلك تتربع على عرش أطول قصيدة شعرية في تاريخ الأدب، وبالمقارنة مع ملحمة هوميروس فهي أطول منها بسبعة أضعاف.


وكتبت هذه القصيدة بالفارسية التي مازالت اللغة المنطوقة في إيران وما يرتبط بالفارسيين بالثقافة من المناطق المجاورة لها والتي كانت في يوم من الأيام جزءاً من إيران الكبرى.


واليوم يتم تناقل القصيدة على أنها إحدى كتب التراث الإيراني حتى أن البعض يعتبرها ملحمة وطنية توحد العالم الناطق باللغة الفارسية. 


ويكيبيديا






شكرا لتعليقك