رأي حر
كلما استمعت الى
شخص يهاجم العلوم الحديثة والعلماء الأجلاء كبلانك وباستور واينشتين ودارون وفرويد
، أشعر بالرثاء لحاله ومآله وأشفق على الذين ينخدعون بمعسول كلامه.
فالعلم لا يدعي لنفسه الكمال ، ولا الإجابة عن
كل الأسئلة ، ولكنه أجاب عن كثير منها ، وقدم الإختراعات التي غيرت نمط حياة
البشرية قاطبة، وهو يسعى بشكل بخطى وئيدة وثابته لأنه يبني على اليقين ، ويجيب على
الأسئلة بشكل مطرد فمثلاً
1-لا تستطيع هندسة إقليدس تقديم اجابات
صحيحه في مجالات الفلك ، لأن الكون محدب وليس مستوي ، ولأن للماده أبعاد مهما صغرت
، وذلك يخالف المصادرات الأولى التي انطلقت منهاهذه الهندسة ، بينما تقدم هندسة
(ريمان) أرقاماً أدق لأنها اعتمدت على آخر ما توصل اليه العلم ، ونظرية النسبيه
لأينشتاين حصراً
2-في الفلك: عندما قال غاليلو إن الأرض
تدور حول الشمس وليس العكس ، ثارت عليه الكنيسة لأنه قلب مفاهيمها الثابته ،
وحاكمته وفرضت عليه الإقامة الجبرية ، ولكنه وضع بنظريته لبنة اساسية لبناء نظرة
دقيقة للكون.
3-وضع العالم الجليل تشارلز دارون تصوراً
علمياً لنشوء الأنواع الحية من خلال ما اسماه ،،، الطفرة الوراثية ،،، والبقاء
للأصلح ،،، وذلك اعتمادا على التشريح المقارن ، وعلوم عصره في البيولوجيا ، ولكنه
لم يقل قطعاً أن نظريته نهائية ، فقد اشار الى ما اسماه ،، الحلقة المفقوده ، ولم
يقل أن أصل الإنسان قرد كما يشاع ، ولكنه اشار الى ان الأنواع المتقاربه لها اصل
واحد يسمى ،،، جنس ،، والأجناس لها سلف مشترك يسمى فصيله ، ثم رتبه ، ثم صف ، ثم
شعبه ، ثم مملكه ، ثم عالم ،
وقد تعرض دارون
لانتقاد معاصريه ، ولكن نظريته ارست الهيكل لعلوم البيولوجيا ، الذي تطور بتطور
العلوم الأخرى ، واصبحت فيما بعد أدوات البحث اكثر دقه ، ونشأت علوم الصبغيات
(الجينات) وتم تعديل نظرية دارون على اساس الطفره الجينيه ، وفتحت المجالات أمام
العلوم المختلفه للإسهام في اعلاء الداروينه المحدثه التي اعطت دفعاً عظيماً
لمجالات الكشف الطبي وبحوث الصيدله ، وابتكار الأدوية التي لم نكن نحلم انها ستكون
موجوده في يوم ما .
واليوم عندما
أشاهد احد الناس يغمز من قناة دارون ، ويسفه آراءه اقول ان دارون ارسى الهيكل
الاساسي لصرح عظيم استفادت منه كل البشريه ولا زالت ، وقام زملائه بتصحيحها
والاجابة العلميه عن التساؤلات ، ولا داعي لأن ينتقد احد من الناس نظرية قديمة
نسبياً ،بل يتوجب عليه رؤية تطورها وفائدتها للبشرية جمعاء ،والذي يريد انتقاد
اطروحات علم الفلك الحديث ، لا يرجع الى طروحات غاليلو وكوبرنيكوس ،لأنهما كانا
محطة في طريق التطور.
ولا يأتينا
بنظريات الإغريق حول الكواكب والنجوم لأن اجدادنا أمنوا بها وفق علوم عصرهم ، بل
أن يبذل جهده في الإلتحام مع العلوم المعاصره ، والإتيان بشيء نافع ويخدم البشريه
، ولو بفرع الفرع من سؤال رئيسي ، ليضع بصمة في عصره الذي يعيش به ، بدلاً من قذف
القامات الشامخة لعلوم العصر.
إن من يفعل هذا
يريد أن يحرمنا من ثمرات العلم ويريد بقاءنا على هامش الحضاره سواءً علم ذلك ام لم
يعلم.
فهل سنستيقظ .
--------------*عمار يماني
اللوحة للفنان alan ayres
خارج الموضوع تحويل الاكوادإخفاء الابتساماتإخفاء