pregnancy

فصل الإيمان عن الخرافة



فصل الإيمان عن الخرافة
.......................................

ينفر الكثير من المتعلمين من الإيمان على أنه فاتحة الدخول للدين والتدين؛ كما أنه باب للجهالة والخرافة واللاعلمية . وهنا لا بد من التنويه إلى أن الإيمان قضية مجردة إلى حد ما عن الدين؛ فالإيمان بالعموم هو الإيمان بالله تعالى بالاسم الواحد والقادر والخير وهو أمر يمكن لأي إنسان أن يعتقد به حتى لو كان بعيدا عن اي دين سماوي؛ أو بالمغزى كأن يؤمن بقوة كبرى واحدة مطلقة وخيرة تحكم العالم. في حين أن الدين هو الإيمان ملزما به الشريعة والشعائر والطقوس، ولهذا فالمتدين يختلف عن المؤمن بالتزامه بالشريعة.
أما العلم فهو في نظر العلمانيين مسألة معرفية بحتة لا علاقة لها بالدين لا من قريب ولا من بعيد، لا بل يرى بعضهم أن الإيمان أو التدين ضرب من ضروب الجهل والتخلف، وأن على البشرية أن تتخلص منه إن عاجلا أو آجلا.
ومن وجهة نظر المتدينين العلم علمين علم دنيا وعلم دين، ولهذا يطلقون على كبار الفقهاء اسم "علماء" وهو ما يستنكره العلمانيين بشدة. ويقول المؤمنون بأن الأنبياء أوصوا بالعلمين للتمكن من الحياة وللتعمق في الإيمان نفسه، بمعنى أن الغور في العلم لا يقودك إلى نكران الإله بل العكس يزيدك قناعة ورسوخا بأن الله خبير ولطيف وجميل بخلقه وإبداعه لهذا الكون العظيم ولهذه الطبيعة الساحرة.

الملفت في الأمر أن المؤمنين والعلمانيين يؤمنون معا بأنه يجب الأخذ بالعلم أولا"، فمن وجهة نظر المؤمنون يجب الأخذ بالأسباب بكل شيء شريطة ألا تتناقض تلك الأسباب مع أسس الإيمان وألا تدخل في الحرام ، وحتى هذا يمكن تجاوزه عند الضرورة القصوى حد هلاك الإنسان.
ولهذا لا عجب أن تجد زميلين مجتهدين في الجامعة يدرسان ذات الاختصاص أحدهما يؤمن والآخر لا.
ويمكننا القول من وجهة نظر إيمانية أنه بعد الإيمان بالله تعالى لا يوجد سوى العلم ولا يكرس إلا العلم .
والأنبياء معظمهم حض على العلم والمعرفة كما أنهم حاربوا السحر والطلاسم والشعوذات، وهذه أشياء ضد العلم والدين معا، بدليل أن الشريعتين الإسلامية والمسيحية نصتا على تطبيق أشد العقوبات الدنيوية على السحرة وعلى ممارسي العرافة والشعوذات. هذا عدا عن وصف الساحر أو المتعامل به على أنه شخص خارج الإيمان أو يكاد.

إن إدراك هذا الأمر والتعمق به يفتح بابا" عظيما من نقد الكثير من الأدبيات (الدينية) التي شوهت الأديان بالعموم والدين الإسلامي بالخصوص؛ فأي كتابة تراثية أو معاصرة تقوم على السحر والطلاسم والعلاقة بالجان تعتبر ضد العلم وضد الدين وضد الإيمان، فما بالك بالممارسة نفسها. لقد آن الأوان أن نفصل الإيمان عن الخرافة سواء بواسطة :
اولا" . نبذ الطلسم وكشفه و رميه أو
ثانيا". بواسطة التأويل للقضايا الإشكالية فيما يتعلق بالنصوص المقدسة التي تمتعت بظرفية تاريخية تتماشى وعقل المرحلة ومخاطبة الناس على قدر عقولهم أو
ثالثا". عدم تأليه الأنبياء والصحابة والصديقين، لأن التأليه سواء كان مباشرا أو غير مباشر سيؤدي إلى إدخال ما هو شخصي بما هو مقدس، وهو أمر ينطوي على خلل وخطورة.

ع . ح . الحموي

شكرا لتعليقك