اضطراب القلق الاجتماعي
أو الرهاب الاجتماعي (Social anxiety disorder) هو نوع من الاضطرابات التى تحدث للفرد عندما يتعرض للحديث لاول مره امام اشخاص لا يعرفهم
فيشعر بالخوف والتوتر الزائد, وفي المواقف التي يشعر فيها الشخص أنه تحت المجهر أو داخل حلقه التركيز وأن الكل ينظر إليه، فيخاف أن يظهر عليه الخجل أو الخوف أو أن يخطيء أو يتلعثم مما يؤدي به للارتجاف والخفقان وضيق التنفس وجفاف الحلق والتعرق... الخ.
يبدأ هذا الاضطراب مبكراً في سن الطفولة أو بداية المراهقة حيث تبدأ معظم الحالات في الظهور عند سن الخامسة عشرة تقريباً.
وقد وجدت دراسات مختلفة أن هناك مرحلتين يكثر فيهما ظهور هذا الاضطراب:
ما قبل المدرسة على شكل خوف من الغرباء،
ومرة أخرى بين 12-17 سنة على شكل مخاوف من النقد والتقويم الاجتماعي،
وتظهر بشكل ملحوظ في سلوك الاناث أكثر من سلوك الذكور,وتندر الإصابة به بعد الخامسة والعشرين من العمر.
لا شك أنه خلال هذه السنين من المعاناة والألم النفسي فإن المريض بالرهاب الاجتماعي يتعرض لسلسلة من المشكلات والخسائر الاجتماعية والمادية والمهنية والصحية بسبب خوفه من التقدم واثبات ذاته امام الجميع ، مما يصح معه تسمية هذا الاضطراب ب "الإعاقة النفسية".
هذه الإعاقة التي يسببها الرهاب الاجتماعي،
يساهم فيها المريض بنفسه، نتيجة لمحاولاته إخفاء علته حتى عن المختصين في المؤسسات العلاجية أحياناً أو خوفه من الافصاح عن هذا المرض مما يحرمه التعاطف والدعم الذي يحظى به المعاق جسدياً.
وعلى سبيل المثال لا الحصر فإن 80% من مرضى الرهاب الاجتماعي يعانون من أمراض نفسية أخرى من أبرزها:
القلق والفزع ورهاب الساحة (45%)، أنواع أخرى من الرهاب والمخاوف (59%)، استخدام الكحول (19%)، الاكتئاب النفسي (17%).
وفي كل الحالات فإن حدوث الرهاب الاجتماعي يسبق وجود هذه الاضطرابات مما قد يوحي بوجود علاقة سببية بينها.
كذلك فإن الرهاب الاجتماعي يرتبط بنسبة كبيرة من التأخر أو التدهور الأكاديمي والنجاح الوظيفي,
فيحرم الشخص من اثبات ذاته وتحقيق ثقته بنفسه ،
وذلك لما يسببه الرهاب الاجتماعي من فوات للفرص التي يمكن أن تؤدي للتقدم والترقي
في سلم العلم أو الوظيفة,
فيجعل الفرد سلبيا في حياته نتيجه الخوف من ابداء رأيه والمطالبه بحقه.
أسباب الرهاب الاجتماعي
تعد التربية أو التنشئة الخاطئة للفرد خاصة في المجتمعات التي يسودها التحفظ أو تطغى عليها الأبوية والتسلط والبيئه التى ترفض ابداء الرأى والتعبير عنه ,
فينشأ الفرد وهو يراقب كل حركاته وسكناته،
فهذه نتيجة حتمية للتخويف من الناس ومن المجتمع "حذار أن يراك الناس "،" ماذا يقول الناس عنك" فلا يتصرف بكامل الحرية ويشعر دائما بالخوف ولا تكون له الإرادة المطلقة في هذا التصرف
ولكن يبقى يراقب أعين المجتمع باستمرار وهكذا ينشا مرض الرهاب الاجتماعى لدى الفرد ،
إضافة إلى ذلك فقد يتعرض الفرد إلى التعنيف اللفظي والجسدي المبالغ فيه سواء داخل الأسرة أو في المجتمع، في المدرسة مما يزيد الأمر تعقيدا،
ومن أهم العناصر التي يهملها الآباء أثناء عملية التربية هي العمل على زرع الثقة في نفوس أبنائهم
والعكس فلربما وجدنا بعض الآباء والأمهات يسخرون من أولادهم ويذكرونهم بقبائحهم باستمرار الجسدية منها والمعنوية فتجد الأب يقول لابنه : " أنت كسول، أنت جبان أنت غبي " وتقول الأم لابنها أولابنتها " أنت قبيحة الوجه " " أنت أسنانك كذا... أو أنفك... أو .. " دون مراعاة للمشاعر البريئة
خاصة في فترة الطفولة وخلال العشر سنوات الأولى من العمر وخلال سنين المراهقة،
وينشأ عن هذا نوع من الخجل المبالغ فيه خاصة أمام الناس
بمعنى أن يصير الفرد ينظر إلى نفسه نظرة دونية ومن هنا يبدأ الداء أيضا، ومن مضاعفات ذلك أن ينشأ قلق تنطبع به شخصية الفرد دون معرفة أي سبب له ثم يولد ذلك حب الفرد للعزلة والانطواء على النفس ويدخل الفرد في صراع مع نفسه لا يدري له أي مبرر......
أعراض الرهاب الاجتماعي وبعض تأثيراته على الحياة السليمة للفرد أحب هنا أن أن أركز على بعض الأعراض غير المعروفة لدى كثير من الناس لأن أعراض الرهاب كثيرة ومنها :
إضافة إلى الخجل والخوف من الناس وخاصة التجمعات لأكثر من شخصين والانطواء والكآبة المستمرة والملل الدائم والقلق والوساوس والشرود والهم الدائمين والنحافة الجسدية عند أكثر المصابين بالرهاب هناك أيضا :
النظر بتوجس وريب إلى الناس
النظر إلى الأشخاص دائما يكون حاداً
التعامل بطريقه محدوده مع الناس والمجتمع في العلاقات الاجتماعية حتى الضرورية منها
المصاب بالرهاب غالبا يخاف من التعبير عن رأيه وهو شديد المداراة للناس
(هذا ناتج عن عدم ثقته بنفسه وأيضا الخوف من محاسبة الناس له)
تصرفات المصاب بالرهاب تتسم بالتناقض فهو يحب ويكره في نفس الوقت مثلا...
مع مرور الوقت تضعف الذاكرة وينحل الجسد
ومن أعراض الرهاب الاجتماعي الجسدية بالإضافة إلى النحافة هناك تسارع للنبض ، الشعور بالغثيان أحيانا خاصة امام الجمهور، في الحفلات والمناسبات أو الأسواق... إضافة إلى فقدان الشهية
، وكل هذا يرجع إلى خلل في الجهاز العصبي المركزي الذي برمجه صاحب المرض على ذلك بمرور الوقت '.
يشعر المريض بالندم دائما نتيجة تصرفاته فهو شديد المراقبة لها مع الناس ويقول دائما " ليتني ما تكلمت... ليتني ما فعلت... "
لا يستطيع الفرد على ذلك بناء علاقة اجتماعية قوية وصادقة مع أي إنسان حتى مع أقاربه... فهو يشك في كل شيء...
يميل المريض عاده إلى اعطاء الامور حجما يفوق حجمها نتيجه خوف من مراقبه الناس له , وأحيانا يقع في التناقض كما أسلفنا فقد يرى الشيء التافه أمرا في غاية الخطورة ويرى المصاب الجلل تافها.
من خلال تجربتي (يقول الدكتور) مع المرضى فإن العلاج الأنجح هو العلاج السلوكي الذي يبدأ بتصحيح نظرة المريض الخاطئة وأحكامه على نفسه وتصحيح نظرته إلى الناس ،و إلى المجتمع، يجب على المريض ان يخالف خوفه، أن يقتحم العالم الذي يخاف منه بالتدريج، وايضا للبيئه التى يعيش فيها الفرد دورا رئيسيا في العلاج فهى تمد الفرد بما يحتاجه من شعور نفسى واجتماعى يساعده على استرجاع ثقته بنفسه وتحقيق ذاته,فوجود اشخاص بجانب المريض وتشجيعهم له يعطيه مزيدا من الثقه والقدره على التحدث والمناقشه وبالتالى يشعر الفرد بالثقه تدريجيا إلى ان يتخلص من ذلك المرض.
وبالرجوع إلى الموضوع أقول أن أهم شيء في مثل حالة الرهاب الاجتماعي أن يساعد الإنسان نفسه ويغير حاله، أن يصحح نظرته إلى الناس وإلى نفسه وان ينظر إلى بنفسه نظره تقدير لها ، من المهم أن يعلم المريض أنه يتوهم ويخاف من أشياء لا مبرر للخوف منها وانه عندما يقدم على هذه اللاشياء لن يحدث له ما يتوهمه،
أن يكون صادقا مع نفسه ومع الناس، أن يخالف نفسه في أمر الخوف ويكسر حاجز الخوف الذى يمنعه من تحقيق ذاته .
عمراني عادل طبيب نفسي
خارج الموضوع تحويل الاكوادإخفاء الابتساماتإخفاء