pregnancy

لماذا لا نحتفي بهم
















لماذا لا نحتفي بالمبدعين السوريين القدماء فـــي المناهـــج التربوية وبرامـــج الثقافـــة؟


تصوير التاريخ السوري وكأنه مقطوع في مراحل معينة من الزمن، من المشاكل الكبيرة في التربية والثقافة ويتسبب بضياع في مختلف أنواع الفنون، ذلك أن الجيل الجديد لابد أن ينمو وهو على صلة وطيدة مع التراث القديم الحقيقي لسورية، وليس هناك مبررات لما يحدث من جهل وعدم معرفة بمخترعين وكتاب وشعراء ومبدعين سوريين ينتمون إلى مراحل ما قبل الميلاد وصولاً إلى الفترات اللاحقة، لذلك فإن الإضاءة على تلك الأسماء تعد من الضرورات الوطنية والقومية والإبداعية..
هناك الكثير من الأسماء التي تلقى الاحتفاء الكبير في الغرب ومثالها أبولودور الدمشقي، المولود سنة ستين ميلادية والمسمى بهذا الاسم تيمناً بابن الإله السوري القديم حدد أبولو، ولنقرأ إبداعات هذه الشخصية لندرك أهميتها في التراث السوري الذي يجهله الكثير من الطلاب.. درس أبولودور العلوم في دمشق، واستوحى منها ومن تدمر وأفاميا فلسفة وبدائع الفنون المعمارية التي كانت في القرن الأول الميلادي، اعتمد أبولودور في إبداعه على علوم هندسية رياضية تشبه العلوم الموجودة في مباني تدمر، فخلق مجموعة من الأعمال المتكاملة والمنسجمة بحس جمالي فني بديع، وأظهر من خلالها حلولاً عبقرية لمعضلات هندسية خلدت اسمه. وعندما أصبح تراجان إمبراطوراً لروما كلف أبولودور بتنفيذ مشروعات عمرانية وعسكرية في الإمبراطورية الرومانية وصفت «بأعجوبة العصور»، وكان أبولودور مثله مثل جميع المبدعين في عصره.. يترك رموزاً وإشارات خاصة فيه على كل أعماله، ربما كانت إشارة لعلوم الأولين السوريين التي منها اكتسب هذه المعرفة واعتمد عليها في تحقيق إنجازاته.
وإذا انتقلنا إلى شخصية أخرى فسنكتشف تراثاً كبيراً من الإبداعات التي سبق أن أدت دورها في التراث الإنساني.. فقيه القانون بابنيان السوري أحد أهم الأسماء التي غفلت عنه المناهج وضاع عن ذكره أبناء الجيل الجديد.. فقد لقب بأمير الفقهاء الحقوقيين وشهيد العدالة، ولد في حمص عام 140 ميلادي ودرس الحقوق في بيروت التي كانت تعتبر حينها أكبر تجمع لمدارس الحقوق، وقد بقي هناك حتى منتصف القرن السادس. ألّفَ بابنيان أكثر من ستّةٍ وخمسين مرجعاً في الحقوق تركها للإنسانية جمعاء تتألف من "2462" فقرة قانونية، تُعد المصدر الرئيسي الّذي استمدت منه المحاكم الأوروبية الحديثة قوانينها كـ"إيطاليا وفرنسا وإسبانيا وألمانيا". شغل عدة مناصب مهمة في عصر القيصر سبتيموس زوج الإمبراطورة السورية الحمصية جوليا دومنا التي حكمت روما بعد وفاة زوجها سبتيموس. أقيم له تمثال في روما، كما أن له تمثالاً أمام المحكمة العليا في مدريد يقف منتصباً بكامل هيبته، وهو ذاته موضوع جدارية معنونة باسمه أمام مبنى الكونغرس الأميركي تكريماً لدوره القانوني الكبير وقد كُتب عليها: «مؤلف لأكثر من ستّة وخمسين مؤلفاً في الحقوق كانت أساس التشريعات الحقوقية العالمية».
بوسيدونيوس الأفامي.. ونسطوريوس، ويوحنا فم الذهب، وأفرام السرياني وميلياغروس الشاعر الهيلينستي.. كلها أسماء لابد من الاطلاع عليها بشكل كبير ووثيق لأنها تشكل جزءاً مهماً من الذاكرة ومن الشخصية الاجتماعية التي من المستحيل القطع معها.. السؤال هنا هو: لماذا لا تخصص بحوث مستفيضة حول هذه الشخصيات في المراحل المختلفة من التاريخ، ولماذا يتم تجاهل مراحل ما قبل الميلاد وما بعدها بقليل وكأنها مراحل غير موجودة أو غير مهمة؟. ألا يتطلب العقل النقدي والتربية الحديثة الاطلاع على هذه التجارب التي يعتني بها الغرب أكثر منا للأسف وقد اطلعنا على تفاصيلها ومنجزاتها عبر اللغات الأجنبية بسبب جهلنا باللغات القديمة؟.
الشاعرة الغنائية بلتيس شاعرة فينيقية عاشت أواخر القرن السادس قبل الميلاد، كانت فخورة بانتمائها إلى أرض سورية المقدسة، التي وصفها هوميروس بأنها أرض الآلهة، إذ تقول بلتيس: «منذ نعومة أظفاري، تلقنت حب أدونيس وعشتار.. وأسرار سورية المقدسة.. والموت والعودة إلى عشتار، الآلهة ذات الأجفان المدورة».
ما نتحدث عنه في هذا المقال هو معالم تعتبر جزءاً يسيراً مما يزخر به التاريخ السوري، فمن يعُد إلى المصادر التاريخية سيكتشف مباشرة حجم الغبن الذي تعرض له هذا التاريخ بسبب غياب المعرفة الجيدة باللغات السورية التي دوّن بها هذا التاريخ والتي اكتسبها الغرب لاحقاً وعمل على عدم نقلها إلينا بالشكل الصحيح كي لا نكتشف تفاصيل تاريخنا للأسف!. هذا الواقع يدفعنا لأن نطالب بتأسيس مراكز أبحاث تعيد المجد لهذه اللغات وتعمل على نقلها بشكل علمي وسليم إلى الأجيال القادمة، لأن الكشوفات التاريخية تقول إن الكنوز المعرفية المدفونة في الأرض السورية لم تكتشف بعد بالشكل الكامل وإن من يحاولون تشويه تاريخنا كثيرون جداً وخاصة العدو اليهودي الذي عمل على التزوير والتحريف والسرقة كي يحصل على مشروعية لكن بلا جدوى.. هذه النقاط جميعها لابد أن تكون حاضرة في ذهن الطفل السوري والشاب السوري وخريج الجامعة لأنها جزء من الشخصية ولا يمكن التنازل عنها مهما تبدل العصر واختلفت الظروف.. 

سناء  عساف 

خارج الموضوع تحويل الاكوادإخفاء الابتساماتإخفاء

:)
:(
=(
^_^
:D
=D
=)D
|o|
@@,
;)
:-bd
:-d
:p
:ng
:lv
شكرا لتعليقك
Loading...