آني هوفا كنفاني.. القضية الفلسطينية
- التعرف على القضية الفلسطينية والاستقرار بلبنان- تأسيس مراكز للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة
التعرف على القضية الفلسطينية والاستقرار بلبنان
آني هوفا كنفاني: أدعى آني هوفا كنفاني ولدت في الدانمارك وترعرعت خلال الحرب العالمية الثانية أثناء الاحتلال النازي للدانمارك وأوروبا وفي الواقع كان والدي نجارا لذلك فأنا قد ترعرعت في عائلة من الطبقة العاملة، انضم والدي إلى حركة المقاومة للاحتلال النازي وكما تعلم كان الألمان يلقبون المقاتلين المقاومين أو أولئك الذين ينضمون لحركة المقاومة بالإرهابيين تماما كما يلقبون المقاومين اليوم في فلسطين وأماكن أخرى بالإرهابيين لكنهم كانوا مقاومين ويجب أن نستمر بتذكير أنفسنا والعالم بذلك، ارتدت المدرسة على أي حال وبدأت بتعليم التربية المبكرة للأطفال فقد كنت مولعة دائما بالأطفال وقد أحببت ذلك العمل، عام 1960 شاركت في مؤتمرين في يوغوسلافيا كان الأول عن تربية الأطفال وكان الثاني مؤتمرا طلابيا وهناك قابلت فلسطينيين لأول مرة في حياتي فقد كانت هناك مجموعة من الطلاب الفلسطينيين القياديين وقد فوجئت حينما قالوا لي إنهم من فلسطين فقد كنت جاهلة تماما، بالطبع كنت قد سمعت عن مكان يدعى فلسطين وأن إسرائيل كانت قد أُسِّسَت لكنني لم أكن أعرف الكثير عن الفلسطينيين وفي الواقع لم أكن أعرف شيئا عندما قابلت هؤلاء الطلاب، لم أستطع أن أصدق ما أخبروني به لكنني غضبت جدا لأنني لم أكن أعرف شيئا وشعرت فعلا أن العالم قد تمكن من دفن الفلسطينيين جسديا في مخيمات اللاجئين وكذلك نفسيا وعقليا نظرا للطريقة التي كانوا يقمعون بها، لذلك عندما عدت إلى الدانمارك بدأت أطرح القضية مع أصدقائي وبقية الطلاب وفي العام التالي ذهبت في رحلة مع مجموعة الثقافة الدانمركية إلى يوغوسلافيا مجددا ثم تابعت طريقي وصولا إلى دمشق ومنها إلى لبنان، فقد أردت فعلا أن أعرف مباشرة، أردت أن أرى بعيني وأسمع بأذني عن قضية الفلسطينيين وعن المأساة والصراع وما إلى ذلك وهكذا انتهى بي الأمر في بيروت في لبنان وكان ذلك عام 1961، تم تقديمي إلى غسان كنفاني في بيروت وكان حينذاك صحفيا شابا في صحيفة أسبوعية تدعى الحرية وكانت صحيفة تديرها حركة الوطنيين العرب وبالطبع بدأ في محاولة أن يشرح لي القضية والصراع وما حدث وقد تسببت لي معرفة كل هذه الحقائق بصدمة قررت البقاء في بيروت وبدأت أعمل في دار حضانة للأطفال وهكذا تقاربنا أكثر فأكثر وفي النهاية قررنا الزواج وهكذا بقيت في لبنان وتزوجنا وخلال السنوات الأربع أو الخمس التالية أنجبنا طفلين فايز الذي سميناه تيمنا بجده وليلى، كان غسان كنفاني فلسطينيا وكان فخورا جدا بذلك كما كان يتمتع بمواهب كثيرة ككاتب وفنان وكإنسان فقد كان إنسانا رائعا يتمتع بروح فكاهة كبيرة وكان يجيد التعامل مع الآخرين لكنه كان يتمتع بلسان لاذع وقلم جارح وقد كان نقده لاذعا سواء في المقالات الاجتماعية أو السياسية لكن يمكن وصف إقباله على الكتابة بأنه كالنبع فقد كانت كتابته غنية جدا ومليئة بكلمات محملة بالأفكار وإن فكرنا بذلك فقد توفي غسان وهوه في 36 من عمره فقط وخلال تلك الفترة القصيرة بين سن عشرين و36 ألَّف حوالي ثمانية عشر كتابا تنوعت بين الروايات والقصص قصيرة والمسرحيات والأطروحات بالإضافة لجميع مقالاته اليومية وبالإضافة لوظيفته كرئيس المحررين في جريدة المحرر، كان يكتب أيضا تحت أسماء مستعارة مثل أبو متى وأبو فايز وتحت اسم فارس وقد كتبت تحت هذا الاسم سلسة من المقالات النقدية حول الأدب والعلاقات الاجتماعية وما إلى ذلك ولم يعرف أحد إلا القلائل مَن كان فارس، فارس لم يعرف ذلك حين نشر ذلك الكتاب كل ما تكلمت عنه هو عمله لكنه كان بالإضافة لذلك زوجا صالحا جدا برأيي كان أبا وكان أبا صالحا برأيي، أتذكر اليوم السابق على قيام الإسرائيليين باغتيال غسان ولميس في الواقع كان قد اصطحبني أنا ولميس ابنة أخته إلى الشاطئ بالإضافة إلى ليلى وفايز وشقيقي لميس، ذهبنا لقضاء اليوم هناك وكان يوما لطيفا وأتذكر كيف كانت لميس وهى ابنة 17 عاما تقول لي على الشاطئ عمتاه أريدك أن تخبريني قصتك وقصة عمو غسان فبدأت أخبرها بالقصة ثم عاد غسان في وقت متأخر من المساء وأحضر معه شقيقته التي كانت تزور أصدقاؤها وعائلتها في بيروت وأمضينا جميعا الأمسية معا، في اليوم التالي السبت الموافق الثامن من تموز/ يوليو وكانت فايزة وشقيقها غسان يتكلمان عن ذكريات كثيرة عن فلسطين وعن طفولتهما وما إلى ذلك وكان صباحا لطيفا ثم حوالي الساعة العاشرة ذهب برفقة لميس التي كانت ستزور أولاد عمها في بيروت فنزلا معا وهرعت ليلى ابنتها إليه في السيارة كي يصطحبها إلى محل قريب لشراء الشوكولاته وبعض الأمور التي نتناولها أيام السبت لكنه قال لها اسمعي أنا منشغل حاليا لدي بعض الشوكولا هنا وأعطاها قطعة منها، ثم صعدت وجلست مع بعض صديقاتها على درج المنزل وبعد ذلك مباشرة دوى الانفجار، كان غسان خطيرا جدا بالنسبة لأعدائه العدو الإسرائيلي الصهيوني فقد كان قادر على إيصال الرسالة إلى شعبه مما كان له بالغ الأهمية ومن ثم كان قادرا على إيصالها إلى العالم لذلك فقد أضحى عمله أخطر بكثير من العمل العسكري بطريقة ما وفي الواقع أصبح من المعروف جيدا اليوم أن غسان أول من اغتيل بناء على قائمة كانت تملكها غولدا مائير للمثقفين في حركة المقاومة الفلسطينية، كانت القائمة طويلة جدا من الفلسطينيين المثقفين القادرين على مخاطبة العالم وقد كان ذلك خطيرا جدا بالنسبة للإسرائيليين.
تأسيس مراكز للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة
آني هوفا كنفاني: برزت الحاجة إلى القيام بعمل ما بعد عملية اغتيال زوجي الراحل غسان كنفاني وفي البداية أسسنا لجنة لإعادة نشر كتبه الأدبية أي الروايات والقصص القصيرة والمسرحيات والأطروحات وبعد ذلك شعرنا بالحاجة إلى القيام بالمزيد لذلك أنشأنا المؤسسة عام 1974 وكانت من المنظمات غير الحكومية في لبنان وبالإضافة لنشر أعمال غسان كنفاني كان هدف المؤسسة هو العمل من أجل الأطفال بدءاً بالأطفال بين سني ثلاثة وستة سنوات ثم قررنا بعد ذلك القيام بشيء من أجل الأطفال الأكبر سنا فخطر لنا أن نؤسس مكتبات وأماكن يستطيع أن يأتيها أطفال المدارس للقيام بمختلف النشاطات كالقراءة والتمثيل والفن وما إلى ذلك.
"أسسنا مركزين لذوي الاحتياجات الخاصة، مركزا في عين الحلوة وآخر في مار إلياس، وفي بيروت أسسنا مركزين آخرين أحدهما مختص بالأطفال المعاقين عقليا، والثاني مختص بالأطفال ذوي الإعاقات الجسدية"آني هوفا كنفاني: كما قررنا أن نخصص عملاً للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة فلم يكن هناك الكثير لهؤلاء الأطفال وهكذا أسسنا مركزين لذوي الاحتياجات الخاصة هذا المركز هنا في عين الحلوة ومركز آخر في مار إلياس، في بيروت أسسنا مركزين لذوي الاحتياجات الخاصة وهذا المركز مختص بالأطفال الذين يعانون من إعاقات عقلية بالإضافة لإعاقات أخرى أما المركز في بيروت فهو مختص بالأطفال ذوي الإعاقات الجسدية، ربما خطر لنا أن نقدم شيئا للأطفال لسببين رئيسيين فأولا كان غسان يقول إن الأطفال هم المستقبل ومن خلالهم سنعود وكان هذا العمل مهما بالنسبة لي أيضا فأنا مدرسة للأطفال في سنواتهم الأولى وشعرت أنه كانت هناك حاجة كبيرة إلى هذا العمل كما أنه في غاية الأهمية بالنسبة للأطفال في السنين الأولى من حياتهم وعمليا لهذا السبب قررنا ما سنفعله، معظم الأطفال الذين يأتون حضانة مؤسسة غسان كنفاني الثقافية هم من الفلسطينيين لنقل إنهم يشكلون تقريبا 95% رغم ذلك إلا أن الحضانة تفتح أبوابها لجميع الأطفال الذين يعيشون في هذه المنطقة حتى أن لدينا أطفالا من خارج المخيم وخاصة من بيروت والعديد منهم لبنانيون لكن من المهم بالنسبة لنا أن نترك الطفل يدرك هويته الفلسطينية ولا يجب أن يحدث هذا في الحضانة فحسب بل عليه أن يتعلم ذلك من المنزل والوالدين ومن أشقائه وشقيقاته نشرنا بعض الكتب مثل الورد بالهوا تولدت فكرته خلال الانتفاضة فقد كان عند الأطفال جو من الانزعاج والإحباط لما يرونه على التلفاز يحدث في الانتفاضة في فلسطين فقلنا لأنفسنا طيب من المهم للطفل أن يعرف مَن يكون ولكي يدرك الطفل ما يحدث في العالم فإن عليه أن يعرف مَن يكون وما هي هويته وقد تمكنا من فعل ذلك من خلال الصورة الذاتية الموجودة في هذا الكتاب حيث يعمل الأطفال من خلال رؤية أنفسهم ينظرون في مرايا ليروا تعابير الوجه وكيف تتغير بين السعادة والحزن والغضب وهذه هي إحدى الطرق للقيام بذلك وفي الوقت نفسه طلبنا من الأطفال العودة إلى منازلهم وسؤال أهلهم وأجدادهم من أين جاؤوا في فلسطين وسرعان ما كان الأطفال يعودون ويقولون أنا من حيفا أو أنا من عكا أو أيا كان المكان الذي أتوا منه وأعتقد أنه كان أيضا من المهم بمكان بالنسبة لهم أن يروا على الخريطة المكان الذي أتوا منه تحديدا، أعتقد أننا نعطي الأطفال دروسا عملية لا تشمل على أمور نظرية كثيرة لكننا نريد من الأطفال أن يطوروا مهاراتهم لا أن يحدوها أنشأنا المؤسسة عام 1974 وذلك يعني أننا نعمل منذ 31 سنة وبالطبع كان مشوارا مليئا بالكفاح فمن الصعوبة بمكان العثور على التمويل لتسيير المركز فحتى الآن هناك حوالي 8000 طفل فقد تخرجوا من دورنا للحضانة بعضهم يعمل لدينا اليوم كأساتذة وبعضهم يقوم بعمل تطوعي معنا وبعضهم أصبحوا آباء وأمهات لبعض الأطفال الذين يأتون الآن إلى دور حضانتنا وإلى مكتباتنا ومركزنا كما يستفيد ألف طفل أو ربما أكثر ربما 1500 طفل سنويا يستفيدون من النشاطات المختلفة في مشاريعنا المتعددة وبالطبع فإن ذلك يكلف مالا طائلا وشأننا شأن أي منظمة غير حكومية نصارع للحصول على هذا المال فالأقساط الدراسية التي نحصلها من الأطفال هي أقساط رمزية لا تغطي سوى 10% إلى 12% من مصاريفنا لذلك فإننا نطلب العون جزئيا من عدد من الأفراد والمنظمات هنا وفي أوروبا والكويت فدار الحضانة هذه مثلا تم دعمها من قبل أصدقاء لنا في الكويت وحصلنا على أموال مؤخرا من جميع أصدقاء زوجي المرحوم غسان كنفاني، إنفاقنا الجاري السنوي يصل إلى حوالي 500 ألف دولار لكن بالنظر إلى عدد الأطفال الذين يستفيدون من مراكزنا نجد أن المبلغ ليس كبيرا لكن يصعب تحصيله.
من مصادر متعددة
غسان كنفاني حاضر روحاً وفكراً ....
وإن غاب جسداً ...
خارج الموضوع تحويل الاكوادإخفاء الابتساماتإخفاء