pregnancy

الشعر الجاهلي غنائي






الشعر الجاهلي(شعر غنائي)
...............................................................................
الأدب الجاهلي ابن بيئته،الصحراء العربية الواسعة الأرجاء،الممتدة الأطراف بلاحـدود أو  سدود،عبر صحراء شبه الجزيرة العربية الشاسعة.وكما لاحظنا فقد نشأ الشّعر الجاهلي على ظهر النّاقة والفرس ،وتحت ظلال واحات النّخيل ،وفوق رمال الصحراء وتحت سماء الفيافي الواسعة ،حداء ورجزاً ثمّ بحوراً مختلفة التّفاعيل متابينة الأنساب والأوزان،وتنقّل الشّعر من بوادي نجد إلى أطراف شبه الجزيرة ،إلى بلاط كندة وغسان والحيرة ،إلى البعيد البعيد من كلّ قطرٍ نطق أهلوه بالضّاد.وهكذا انبسطت واحة ألأدب الجاهلي وترامت أطرافها على امتداد المعمورة ،وغرست بكلّ أنواع المعرفة ، وأينعت وأثمرت نثراً وشعراً وأدبا ًخالداً،ومانزال نستظلّ ونستجمّ في أيكة واحة هذا الأدب ،ونقطف من ثمار المعرفة ما طاب لنا،فيا لها من واحة وارفة الظلال ، يانعة القطوف.!!
وكان ظهور الشّعر مع ظهور الشّعور،وكان الشّعر ترجمان النّفس والجنان،وكان زفرة وابتسامة ،ودمعة ومدامة،وكان بوق فخر وسنان قتال،وكان حكمة عصور وعبرة أجيال.
نشأ طفلاً فكان تمتماتٍ على لسان الشّعور ،ثم ّترعرع مع الوعي ومعرفة النّفس والنّظر في الوجود حتى صار ،في ماوصل إلينا منه ،ذا أوزان مستقيمة ،ومعان لاتخلو من تفكيرٍ وعمقٍ وأخيلة وأصباغ لاتخلو من ذوقٍ وفنٍّ،ومرام وأهوان لاتخلو من قيمة.
وإذا ماانتقلنا إلى الِشّعرالجاهلي،فقد نشأ على ظهر النّاقة والفرس،وفي ظلّ واحات النّخيل،فوق رمال الصّحراء وتحت سماء الفيافي الواسعة
موقّعاً على نغمات الطّبيعة ،ورنّة الحوافر والأخفاف، حداءً ورجزاً ثمّ بحوراًمختلفة التّفاعيل،متباينة الأنساب والأوزان .وتنقّل الشّعر من بوادي نجدٍ إلى أطراف شبه الجزيرة،إلى بلاط كندة وغسّان والحيرة ،إلى البعيد البعيد من كل ّقطرٍنطق أهلوه بالضّاد.وكان ظهور الشّعر مع ظهور الشّعور ،وكان الشّعر ترجمان النّفس والجنان
وكان زفرة وابتسامة ،ودمعة ومدامة ،وكان بوق فخرٍ،وسنان قتال ،وكان حكمةعصورٍ
وعبرة أجيال .نشأ طفلاً فكان تمتماتٍ على لسان الشّعور،ثمّ ترعرع مع الوعي ومعرفة النّفس والنّظر في الوجود حتى صار ،فيما وصل إلينا منه ،ذا أوزان مستقيمة ،ومعانٍ ٍلاتخلو من تفكير وعمقٍ ،وأخيلةٍ وأصباغٍ لاتخلو من ذوقٍ وفنٍّ ،ومرام ٍوأهواءٍلاتخلو من قيمة.
وممّا لاريب فيه أنّ المراحل التي قطعها الِّشّعر العربي حتى استوى في صورته الجاهلية غامضة،فليس بين أيدينا أشعار تصوّر أطواره الأولى ،إنّما بين أيدينا هذه ألصّورة التّامة لقصائده بتقاليدها الفنيّة المعقّدة في الوزن والقافية وفي المعاني والموضوعات وفي الأساليب والصياغات المحكمة،وهي تقاليد تلقي ستاراً صفيقاً بيننا وبين طفولة هذا الشّعر ونشأته الأولى ،وحاول ابن سلاّم أن يرفع جانباًمن هذا الستّار فعقد فصلاً تحدّث فيه عن أوائل الشّعراءالجاهليين ،وتأثّر به ابن قتيبة في مقدّمة كتابه الشّعر والشّعراء ،فعرض هو الأخر لهؤلاء الأوائل،وهم عندهما جميعاً أوائل الحقب ةالجاهليّةالمكتملة الخلق والبناء في صياغة القصيدة العربيّة ،وكأنّ الأوائل الذين أنشأوا هذه القصيدة في الزّمن الأقدم ونهجوا لها سننها طواهم الزّمن .وفي ديوان امرىء القيس.

عوجا على الطّلل المحيل لأنّنا  ==      نبكي الدّيار كما بكى ابن خذام

ولا نعرف من أمر ابن خذام هذا شيئا ًسوى تلك الإشارةالتي قد تدل ّعلى أنّه أوّل من بكى الديارو وقف على الأطلال.
هذا أولاً،وثانياً:إنّ الشّعر الجاهلي جميعه غنائي ،إذ يماثل الشّعر الغنائي الغربي من حيث إنّه ذاتي يصوّر نفسيّة الفرد ؛وما يختلجه من عواطف وأحاسيس سواء حين يتحمّس الشّاعرويفخر ،أوحين يمدح ويهجو أوحين يتغزّل ويرثي أوحين يعتذر ويعاتب ،أوحين يصف أي ّشىء ممّا ينبثّ حوله في جزيرته. وليس هذا فحسب ،فهو يماثل الأصول اليونانيّة
للشّعر الغنائي الغربي من حيث إنّه كان يغنّى غناء،ويظهر أنّ الشّعراء أنفسهم كانوا يغنّون فيه ،فهم يرون أنّ المهلهل غنّى في قصيدة
 طفلةٌ ما المحلّل بيضا   ==      ء لعوبٌ لذيذةٌ في العناق

ومعنى ذلك أنّ الشّعر الغنائي ارتبط بالغناء عند أقدم شعرائه .ومن حين إلى حين نجد أبا الفرج الأصبهاني يشير إلى أنّ شاعراً جاهلياً تغنّى ببعض شعره من مثل السّليك بن السّلكة وعلقمة بن عبدة الفحل والأعشى ،وكان يوقّع شعره على الآلة الموسيقيّة المعروفة باسم الصّنج،ولعلّه من أجل ذلك سمّي صنّاجة العرب.ويقول أبو النّجم في وصفه قينة:

تغنّ بالشّعر إمّا كنت قائله    =إنّ الغناء لهذا الشّعر مضمار

فالغناء كان أساس تعلّم الشّع عندهم ،ولعلّهم من أجل ذلك عبّروا عن إلقائه بالإنشاد، ومنه الحُداء الذي كانوا يحدون به في أسفارهم وراء إبلهم،وكان غناء شعبيّاً عامّاً.
ويقترن هذا الغناء عندهم بذكر أدوات موسيقيّة مختلفة كالمزهر والدف وكانا من جلد
وكالصنج وهو آلة فارسيّة معروفة باسم الجنك ،وكالبربط وهو آلة وتريّة شاعت في بلاد الإغريق .ويكثر الشّعراء من ذكر القيان في مجالس الغناء ،اللواتي كنّ يغنين أشعارهم ،ويضربن على الآلات الموسيقيّة الفارسيّة،من مثل خليدة وهريرة في اليمامة ،والأخيرة كانت صاحبة الأعشى التي ذكرها في معلقته:

ودّع هريرة إنّ الرّكب مرتحل   ==    وهل تطيق وداعاًأيّها الرّجل

وكان أهل يثرب حين يفد عليهم النّابغة يأمرون إحدى القيان أن تغنّي بشعرٍ له فيه إقواء حتى يقف على مافيه من عيبٍ.ومن آلات الطّرب التي ذكرت في شعرهم ،كقول علقمة في ميميّته:

وقد أشهد الشّرب فيهم مزهرٌ رنمٌ ==  والقوم تصرعهم صهباء خرطومُ

ويقول الأعشى في معلّقته:

ومستجيبٍ تخال الصّنج يسمعه      ==   إذا ترجّع فيه القينة الفضل

وكانت النّسوة يشاركن في الغناء وخاصة في الأعراس،وكنّ يؤلفن في الحروب جوقة كبيرةً تحمّس وتثير ، ففي الطبري والأغاني أنّ هنداً بنت عتبة ونسوة من قريشٍ كنّ يضربن على الدّفوف في غزوة أحد وكانت هند تغنّي في تضاعيف هذا العزف بمقطوعاتٍعلى شاكلة قولها:

إن تقبلوا نعانق       ==       ونفرش النّمارق
أوتدبروا نفارق     ==         فراق غير وامق

وعلى هذا النّحو نظم شعراء الجاهليّة شعرهم في جوٍّ غنائي مشبه لنفس الجوّ الذي نظم فيه اليونان شعرهم الغنائي فقد كان الشّاعر يغني شعره ،وكان بعضهم لايغنّيه،وإنما ينشده إنشاداً، والإنشاد مرتبة وسطى بين الغناء والقراءة 
ومن يرجع إلى هذا الشّعر يجد بقايا الغناء والموسيقى ظاهرة فيه ،ولعلّ القافية هي أهمّة هذه البقايا التي احتفظ بها ،فهي بقيّة العزف فيه ورمز ما كان يصحبه من قرع الطبول ونقر الدفوف ،ومثلها التصريع في مطالع القصائد وما كان يعمد إليه الشّعراء أحياناً من تقطيعٍ صوتي لأبياتهم،كقول امرىء في معلقته يصف الفرس :

مكرٍّ مفرٍّ مقبلٍ مدبرٍ معاً     ==    كجلمود صخرٍ حطّه السّيل من علِ

ويكثر هذا التّقطيع في أشعارهم ،ومن يرجع إلى معلقة لبيد التي يستهلّها بقوله:

عفت الدّيار محلّها فمقامها      ==    بمنىً تأبّد غولها فرجامها

فهو يلائم كثيراً بين الكلمتين الأخيرتين،وكأنّ للبيت قافيتين :داخليّة،وخارجيّة،وكأنّه يريدأن يهيىء لنفسه أولمن يتغنى بقصيدته أن يرتفع بصوته في كلمتين متتاليتين .ولا شكّ أنّ صور الأوزان المتنوّعةالتي يمتاز بها الشّعر الجاهلي إنّما حدثت بتأثير هذا الغناء ،وقد نفذوا منه إلى ضروبٍ من التجزئة في بعض الأوزان،كمجزوءالكامل والمديد،بل نفذوا إلى أوزانٍ خفيفةٍ كثيرةٍ كالمتقارب والرّمل والهزج،وهكذا فإنّ الشّعر الجاهلي شعرٌ غنائيٌّ قورن بالشّعر اليوناني القديم ،لأنّه يجول مثله في مشاعر الشّاعر وعواطفه.

ملاحظة:المصادر والمراجع لهذه الدراسة متعدّدة،لاحاجة لذكرها في هذه العجالة.

أ./  حيدر حيدر
مشهد من واقع مرابد الشعر وإلقاء الشعراء 
قصائدهم  الطوال فيها على الملأ....
شكرا لتعليقك