اليوم العالمي لمناهضة العنف ضدّ المرأة
..............................................................................
يأتي اليوم العالمي لمناهضة العنف ضدّ المرأة كمناسبة للوقوف على معاناة النساء المتمثلة بأنواع مختلفة ومتعددة من العنف الجسدي والنفسي والمعنوي…. الخ، كما يُعتبر فرصة لحثَّ المسؤولين على اتخاذ الإجراءات والتدابير الكفيلة بالاستئصال والقضاء النهائي على هذه الظاهرة التي ما زالت المرأة فيها الضحية الأساس لانتهاكات حقوق الإنسان سواء على المستوى العالمي أو الوطني.
وإذا ما نظرنا إلى واقع المرأة السورية بشكل عام، خلال الحرب أو بعد أن انتهت، نجد أنها تعرّضت وتتعرّض يومياً لعنف مُضاعف وفظيع بسبب تبعات تلك الحرب، بكل ما حملته من ويلات التشرّد والنزوح والاغتصاب أو الزواج القسري والعمل بالدعارة نتيجة بقائها وحيدة تُعيل عائلتها بغياب الزوج والأب والأخ والابن، وفي ظلّ بطالة فاحشة تكون دافعاً لتوحّش ذئاب بشرية لديها فرص عمل تريد أن تُشبع من ورائها نهم غرائز مريضة شاذّة. لذا بات مشهد المرأة بصحبة أطفالها متسوّلة في الشوارع أمراً عادياً لم يعد يُحرّك الضمير أو الوجدان الاجتماعي أو الرسمي، ولا أولئك الداعين لمناهضة العنف ضدّ المرأة.
ولم يتوقّف الأمر عند هذا الحال، بل تعداه إلى عقوبات وأزمات نفسية واجتماعية خطيرة طالت العديد من الزوجات اللاتي عاد أزواجهن أو بعض ذكور قبائلهن من الحرب، فظهرت العديد من مشاكل عدم التوافق أو القلق والشكّ الذي يُبديه الزوج المُحتاج أصلاً إلى علاج نفسي من الصدمات والأهوال التي رافقته في الحرب، لكنه لا يجد أمامه من منفذ سوى الحلقة الأضعف وهي الزوجة أو الأخت أو الابنة لتفريغ شحنات الغضب والانتقام، في ظلّ غياب الرعاية الضرورية له ولأمثاله من قبل الجهات المعنية، فيبدأ مشوار المحاسبة والتّعنيف بدل الشكر والامتنان أنها بقيت صامدة تقوم بمهامها في أصعب الظروف وأحلكها وأقساها، فيقع الطلاق في أفضل الحالات، وتعود المرأة أدراجها إلى جادّات المرارة الأولى حين هامت وحيدة تحاول حماية نفسها ومن معها من حرب مجنونة. في حين يلجأ الزوج إلى زواج آخر يُعيد له بعض رجولة أو ثقة ما زالت مُخلخلة.
في الوقت نفسه، لم تكن معاناة السوريات في الخارج أقلّ حدّة، فقد تعرّضت بعضهن للقتل على يد الزوج، أو للطلاق وتركها وحيدة في بلاد لا تُتقن فيها أمراً يُعينها على مسؤولياتها، بدل أن تتغيّر طريقة الحياة والتعامل بين الزوجين في مثل تلك الظروف.
فأمام هذا الواقع الذي اجتزأت منه بعضه، كيف لنا نحن السوريات أن نُحيي هذا اليوم في ظلّ كل هذه الانتهاكات اليومية بحق النساء السوريات في الداخل والخارج دون أن يرفّ جفن أو يتحرّك ضمير
إنساني عالمي أو محلي؟
إيمان أحمد ونوس
خارج الموضوع تحويل الاكوادإخفاء الابتساماتإخفاء