الأمل..
(قصة قصيرة من الواقع)
(لاتقتلوا الامل في نفوس من ينتظرونه)
......................................................................................
يمضي بها الشوق بعيداُ ،آخر مرة رأت فيها ولدها عندما ودعها قاصدا بلاد برة..
يومها لم تقدر معنى هذه الجملة،لكنها قالت في نفسها: ربما يزورها في نصف العام، في العام على الأقل مرة واحدة . وهاهي غيبته تطول ..وكلما قصم ظهرها الشوق إليه، غزا الشيب رأسها ، وضعف نظرها،وشغلتها هواجس لها بداية، وليس لها نهاية.
إلى أن وصل أحد أقربائها من بلاد برة كما ذكر لها، سابقت الريح في الوصول إليه .وبعد السلام والاطمئنان عنه.قالت وقلبها يفور قلقاً وخوفاً:
-- وفقك الله يابني، أليس لديك خبر عن ولدي اسماعيل.فقلبي يأكلني عليه.
-- نظر أحمد إلى تلك المرأة بتمعن ،وقرأ مايجول بخاطرها من هواجس وأفكار ،
ورأى مظاهر العجز والضعف عليها ، ونظر إلى خصلات شعرها البيضاء المغطاة بمنديل أسود بعد ان غزاها الشيب.
ماعساه أن يقول لتلك المراة،هل يقول لها أنه لم ير ابنها، ولم يسمع عنه شيئا، سوى أنه سافر إلى دولة اجنبية ثم انقطعت أخباره ،كما انقطعت عن أمه العجوز.فكر.. وفكر إن هو أخبرها بذلك سوف يغرس في صدرها نصلاً،يصل إلى لبها ويقتلها ،
ويتسبب عن غير قصد بارتكاب جريمة تودي بحياتها، لأنه عندها سيقتل الأمل الذي تعيش عليه منتظرة عودة ابنها. نظر إليها وابتسم في وجهها، وقال: اطمئني يا أمي ولدك بخير، وهو قد اوصاني قبل مجيئي أن أقبل يديك نيابة عنه،ونهض من مكانه وصافح المرأة العجوز التي انهمرت الدموع من عينيها فرحا وليس حزنا،وأضاف:
وهو يعدك في أول فرصة تسمح له بالمجيئ، سوف يحضر سالماً غانماً بإذن الله.
دبت الحياة، والنضارة في وجه الأم من جديد ،وتفتحت ورود الامل في وجنتيها المجعدتين، وضحكت عيناها في وجه ذلك الشاب، وكأنه للتوّ ترى فيه وجه ابنها الغائب،ثم تنفست الصعداء ..وشهقت شقة ردت إليها الروح.وقالت: الشكرلك يابني .
لقد جعلت الأمل يورق ويزهر في صدري من جديد.ثم نهضت بقوة، وهي تغادر المكان، ونظراتهالاتفارق عيني الشاب ، وعيناها توجهان له آيات الشكر والامتنان، لأنه أعاد لروحها الأمل في رؤية ولدها.
أ. حيدر حيدر
الصورة تمثال الأم المنظرة في البحرين
الصورة تمثال الأم المنظرة في البحرين


خارج الموضوع تحويل الاكوادإخفاء الابتساماتإخفاء