pregnancy

الدولة السلجوقية (٢)





الدولة السلجوقية   ٢  
......................................................................................
                       

بسبب هذه الهزيمة لم يَعد طغرل قوياً كفاية، فراسل مسعوداً بن محمود لما كان ذاك فيطبرستان طلباً للصلح، فاستغل مسعود هذه الفرصة وقبض على رسل السلاجقة كي لا يَعودوا بأخبار إلى طغرل ثم جمع جيشاً جراراً وسار إليهم وفاجأهم فألحق بهم هزيمة كبيرة.لكن بعد انتهاء المعركة بدأ جنود مسعود يَتصارعون فيما بينهم على الغنائم، وصدف في الوقت نفسه أن داوداً (معاون طغرل) كان يَقول لجنود السلاجقة أن تلك فرصة للإيقاع بجنود مسعود بعد أن انشغلوا بالغنائم والنصر وأحسوا بالأمان ففقدوا تيقظهم، فهاجم السلاجقة مُجدداً وانتصروا. وخلال هذه المعركة كان مسعود في نيسابورووصلته أخبار الحرب، فبدأ يَخاف منهم وعرض عليهم أن يُعطيهم أراضي من دولته لكي يَكفوا عن محاربته، لكنهم رفضوا عرضه،فبدأ يُرسل إليهم الجيوش لكنهم هُزموا الواحد تلو الآخر. استمر مسعود بتجاهل السلاجقة لفترة بعد أن يأس منهم، ثم قرر في النهاية أن يَعود إلى محاربتهم وجمع جيشاً ضخماً،لكن قائد الجيش (وهوحاجب مسعود) كان جباناً فأغار قليلاً علىمرو ثم سار مُجدداً وعاد إليها بعد ذلك فأصاب جنوده التعب واستطاع طغرل هزيمته في سنة 428 هـ،وبعد هذه المعركة سيطر السلاجقة على خراسان.

ولقد استمرت الحرب في السنوات اللاحقة بين الطرفين وبدأ طغرل يَغلب، فقلق مسعود وجمع جيشاً جراراً واتجه إلى خراسان في العام نفسه والتقى مع الأتراك السلاجقة في معركة حاسمة تعرف بمعركة داندقان هُزم فيها مسعود،وحكمت هذه المعركة ببداية حكم السلاجقة ونهاية قوة الغزنويين، وبعدها توقف مسعود عن المقاومة وأسس السلاجقة إحدى أقوى دول المشرق، ولهذا يُعد عام 429 هـ هو عام تأسيس الدولة السلجوقية الحقيقي.

الحرب مع الديلمة البويهيين

فارس ديلمي بويهي.

قرر السلاجقة من أبناء سلجوق الاتحاد معاً تحت زعامة طغرل بك مع مساعدة أخيه داود وعمه موسى بن سلجوق بعد سيطرتهم على الحكم في أرض خراسان خلال عامي 431و432 هـ، فكان هذا هو قيام الدولة السلجوقية. حتى أنه يُقال أن طغرلاً أعطى لأخيه سهماً وقال: "اكسره"، فكسره، ثم أعطى له سهمين وثلاثة سهام فكسرهم أيضاً، وعندما وصل للأربعة سهام عجز عن كسرها، فقال له طغرل: "إن مثلنا مثل ذلك"(يَقصد أنهم ضعيفون عندما يَتفرقون). بدأ طغرل بك بعد قيام دولة السلاجقة بتوسيعها نحو المغرب، ففي عام 433 هـ فتح جرجانوباقي طبرستان فخطب له في كافة أنحائها،ثم سار في عام 434 هـ فحاصرخوارزم وفتحها ثم تابع السير واستولى علىطبس ومكران وأطراف كرمان والري،ثم تابع التحرك في العام نفسه فأخذ همدانواتجه شمالاً إلى دهستان ثم عاد وعين أمراءً على طبرستان وهمذان وحاول إرسال جيش لأخذ كرمان لكنه هزم.بعد ذلك توقف طغرل قليلاً عن غزواته، فعاد البويهيون عام 436 هـ واستعادوا همذان، ولذا فقد أرسل طغرل إبراهيماً بن ينال إلى فارس عام 437 هـ فاستعاد همذان وغزا بلاد الجبل(غرب إيران والعراق حالياً) وأخذ عدة مدن منها ونهب الكثير،وفي العام نفسه أيضاً جاء وباء كبير على الخيل في فارس فهلك 12,000 من خيل البويهيين على حد قول المؤرخين.في العام التالي عاد طغرل بك إلى غزواته فسار بنفسه مع جيشه إلى أصبهانوحاصرها على أمل الاستيلاء عليها، لكنه فشل فتصالح مع أميرها على أن يُعطيه مبلغاً من المال وعلى أن يُخطب له في أصبهان وما حولها.وفي عام 446 هـ فتح أذربيجان، ثم قرر أخيراً عام 447 هـ السير إلى العراقلطرد البويهيين منها.وقد كانت هناك علاقات قوية بين طغرل والخليفة العباسي قبل هذا المسير، فقد بدأ طغرل مراسلة الخليفة منذ عام 433 هـ، ونال منه الاعتراف بالدولة السلجوقية في العام نفسه، واستمرت علاقاتهما بالتحسن بعد ذلك.

بدأت الدولة البويهية بالتفكك والانحطاط منذ أواخر القرن الرابع الهجري، عندما انشق شرف الدولة عن صمصام الدولة (الذي كان حاكم البويهيين)، وأخذ منه جزءاً كبيراً من فارس وبلاد المشرق، ثم خلفه بعد موته بهاء الدولةالذي تابع الصراع مع صمصام الدولة حتى قتله، ثم نشب صراع بين أبناء بهاء الدولة بدورهم واستمرّت أوضاع البيت البويهي بالتدهور. وقد كان هذا النزاع الداخلي في الدولة البويهية لصالح السلاجقة،والذين راسلهم الخليفة القائم بأمر الله مستنجداً عام 447 هـ بعد أن سيْطر البساسيري (أكثر الرجال نفوذاً في الدولة البويهية والعباسية آنذاك) على الدولة وأصبح يُهدد وجود الخلاف العباسية، فسار طغرل بك إلى بغداد في العام نفسه، وأمر الخليفة العباسي بأن يُخطب لطغرل فيها قبل ثلاثة أيام من وصوله، ثم فتح طغرل بغداد في رمضان عام 447 هـ، وهرب منها البساسيري والملك الرحيم (آخر ملوك البويهيين) الذين قُبض عليهما لاحقاً. وقد أحسن لسلاجقة معاملة الخلفاء العباسيين وأقرّوا المذهب السنيّ في البلاد على عكس البويهيين.

هرب البساسيري من بغداد عند وصول السلاجقة، لذا فأسرع طغرل بك بإرسال جيش إلى نواحي الكوفة لمنعه من الوصول إلى بلاد الشام، ثم سار بنفسه مع باقي الجيش في التاسع والعشرين من رمضان سعياً وراءه. وفي هذه الأثناء كان البساسيري يُعد العدّة في واسط لقتال طغرل واستعادة بغداد، لكن جيوش طغرل وصلت إليه والتحمت مع جنوده، فهُزم جنوده وهرب البساسيري وحده على فرس، ثم طاردته مجموعة من الغلمان وقتلوه وطيف برأسه في أرجاء بغداد.

يتبع.....
من مصادر

الصورة : ألب ارسلان
شكرا لتعليقك