جلسات على ناصية الزمن
.......................................................................................
دخلت بخفة كعادتي ،كنت ارغب بتفقد التدفئة المركزية دون إيقاظ ابو عمر ،فقد عانى في الايام السابقة من القلق والتوتر ما يكفي، اتممت مهمتي وهممت بالمغادرة ؛
- سلمى
- نعم يا عم
- ارفعي الستائر واحضري القهوة
- لكن الشمس لم تشرق بعد
-اشرقت يابنية ،ولكنك لاتحملين مرأتك لتري اشراقها .
ابتسمت في سري فما زال هذا العجوز يملك من الشباب ما يسلب الالباب .
- حسنا ساحضر القهوة وأعود إليك .
رفعت الستائر، وغادرت الغرفة مسرعة، اتفقد الغرف الاخرى قبل ان أحضر ماطلبه العم.
نهض من سريره ،رتب زهوره ، بمواجهة النافذة رأيته جالسا حالما ينتظر قهوته ،ربما يحتاج أن يستفيق ليتوقف عن الحلم، عدت إليه بذات الخفة ،ظننت انه لم يراني ،لكنه بادرني بطلب مشاركته صباحه ،فما كان مني سوى تقريب كرسي والجلوس بجانبه، علني ارى ماالذي يحدق به، لكنني لم ارى سوى الظلام "وكانه احس مايدور في خلدي "
- الزمن ياحبيبتي يغير كل ماحولنا حتى رؤيتنا للظلام تختلف .
- اسمعني يا عم
حمل يدي وكأنها جوهرة وقال :
- الحاجة تقتل الأحلام
- احتاج أن تشرح لي؟
- عندما نكون صغارا ،نحلم بان نكبر سريعا ،وفي مسيرنا ننسى بأن الحياة لنا فتمر وكأننا لم نولد .
- هل تموت الأحلام مع تقدم العمر ؟
- الأحلام كما الشمس ،يتغير زمن ومكان شروقها كل صباح ،ولكنها رغم ذلك تشرق تدفن الأمس ،لاتكرر ذاتها، ولكنها تستمر ،ومن يراقب يظن بأنها لاتتجدد مع انها كل يوم بتوقيت اخر وباتجاه آخر .
- كيف تقتل الحاجة الأحلام ؟
- الحاجة تقتل الايام ،والحلم هو يوم خارج حساب المادة، في بداية الشباب نتعلم السعي لتحقيق حلم وخلال سعينا تزداد حاجتنا نتعرض لضغوط مادية فنتخلى عن بعض الاحلام نتعرض لضغوط نفسية فنتخلى عن احلام أخرى نتعرض لضغوط جنسية فنركن المزيد من الأحلام إلى أن تمضي الايام .
العجائز يابنية اقل احتياج، لذا هم أكثر جرأة في طلب مايرغبون به ،يختصرون الوقت لأنهم يدركون بأنهم فقدوا الكثير منه في تلبية احتياجات لم تكن سوى مقبرة أيام واحلام .
- اشرقت الشمس الان ولدي الكثير من المهام هل تسمح لي بالمغادرة ؟
- اذهبي ولاتكفني ايامك فما زال امامك الكثير من الاوهام
- ساعود سريعا فأنا بحاجة الكثير مما لديك
خرجت كما دخلت خفيفة أتدارك إيقاظ المزيد مما فات التقط المزيد من عالم العجائز من خلال الذكريات
.....................
ب وحي من خاطرة الاستاذ حيدر ( هل تموت الأحلام )
ميساء جرجس
خارج الموضوع تحويل الاكوادإخفاء الابتساماتإخفاء