الشاعر حسين هاشم في الأيام الثقافية لشهر نيسان
.......................................................................................
حسين هاشــــــم
شاعــــــر الجوع والضنى والمطــــــر
لم تكن معرفتنا وثيقة من قبل، لقاءات محدودة في أداء واجبات اجتماعية معينة، ولم تكن هذه اللقاءات كافية للتعرف عليه كشاعر.
وكنت أتساءل دوماً: لماذا يعتكف هذا الرجل في قريته.. بعد أن رسم لنفسه هذا الخط الشعري، وصار يعرفه ذواقة الشعر جيداً، ويتحدثون عن حسه الشعري المتميز..؟
لم تصلني أي من مجموعاته الشعرية الأربع التي كنت أعرف أنها تشكل تراثاً جيداً له.
قرأت له بعض مقطوعات منشورة في دوريات اتحاد الكتاب العرب في فترات متباعدة، لم أتمكن من خلالها أن أكون تصوراً ما عن تجربة هذا الشاعر، ولا يصح بأي حال من الأحوال أن أتبنى بعض مواقف شعراء سلمية الذين كانوا يتحدثون عن تجربته المهمة في عالم الشعر، ويجلون مواقفه في دروب الحياة.
وحالت ظروف هذا الرجل القاسية التي صنعت منه شاعراً حقيقياً دون لقاء مطول معه، وهذا ما أجج الرغبة في داخلي كي أسعى إلى لقياه، وأتعرف عن كثب على ذاك الذي وقف مرة بشموخ على أحد المنابر، وأعلن:
القصيدة تنصب مشنقتي
والموت ملح الأرض
والريح تزهر وجعاً وتمضي
أو وهو يعتذر من أبي ذر قائلاً:
نجوع ولا نهز السيف
يقتلنا الحنين ولا نروم الوصل
يغيب أحبة، فنصاب بالنسيان
نعلك حلمنا الوردي ليلاً
ثم نبصق في الصباح على أمانينا
وتحقق الحلم أخيراً، تحقق بأبعاده الكاملة.
حمل حسين هاشم محفظة أشعاره، وجاءنا قبل أن تتشبث به المواسم، جاءنا والتراب لم يجف بعد فوق جسد والده ــ صديقه الراحل، جاءنا تميزه بشرة لفحتها الشمس، ولحية بيضاء، وقامة لم تحنها هموم الحياة .
جاء وفي أعماقه شوقٌ للقائنا هو الآخر.. جاء وبه رغبة ٌكي يسمعنا قصائد الألم الممض الذي كابده زمناً.
أصابتني حالة من الدهشة والذهول، وأنا أصغي إلى كل هذا الانفعال والأحاسيس في صوت الشاعر، وكابدت تأثراً، وأخفيت غصة في الصدر وأنا أراه يشرق بالدمع مرتين، وهو يقرأ إحدى قصائده الجديدة في وصف حالة التأهب للموت عند والده. نعم.. أن تستمع للشاعر، شيء مختلف تماماً، فقد تنفعل، تبكي، تتشنج، وأنت تقرؤه. لكن انفعالك وبكاءك سيكون مختلفاً وأنت تسمع نشيجه بصوته، خاصة إذا كان شاعراً يملك كل
تلك الأحاسيس كصاحب أناشيد الفقراء وصارت تضيق بي الأرض..
اعتذر الشاعر عن استرساله في القراءة، فطلبنا المزيد، واستمع إلى آراء بعض الحضور بصدره الرحب، وقبل أن يغادر، ترك لي مجموعاته الشعرية الأربع، تركها وعينه تطرف من بعيد عليها، فقد نفدت الأناشيد وأختها الأولى، ولم يبق بحوزته سوى النسخة التي أودعها لدي.
وكان لا يزال في طريق الإياب، عندما بدأت رحلتي معها، تدفعني الرغبة في فك رموز تجربة هذا الشاعر الحزين أولاً، والتخفيف ما أمكن من قلق الشاعر على بكريه الغائبين عنه ثانياً.
في (أناشيد الفقراء) مجموعته الأولى المطبوعة في مدينة الرقة التي يتحدث عنها الشاعر بكثير من الشوق، يروي الشاعر حكاية الفقر والجوع والضنى، حكاية الوطن المفجوع:
الزمن يمر
ونحن هنا نزرع مراً
نحصد في الليل الألم الواعد
نظمأ،
نعرى، ونجوع، ونعرى
ونجوع
حتى في الخندق نحلم برغيف الخبز
ونحلم
بعيون الأحباب
من كتاب للأديب محمد عزوز
الرابط :
https://cdn.fbsbx.com/v/t59.2708-21/54526941_447236569351618_4639113035334549504_n.docx/%D8%AD%D8%B3%D9%8A%D9%86-%D9%87%D8%A7%D8%B4%D9%80%D9%80%D9%80%D9%80%D9%80%D9%80%D9%85-%D9%85%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%AA%D8%A7%D8%A8.docx?_nc_cat=100&_nc_ht=cdn.fbsbx.com&oh=6aa2b7943f68fa2b6824495c7c645c9b&oe=5CA4CC3C&dl=1
خارج الموضوع تحويل الاكوادإخفاء الابتساماتإخفاء