pregnancy

الفنان المهندس عبد اللطيف الضاشوالي شيـــخ فن الكاريكاتير في ســــورية





الفنان المهندس عبد اللطيف الضاشوالي
شيـــخ فن الكاريكاتير في ســــورية
...................................................................................
وُلِــدَ فــي حلب عــــــام 1910
فن الكاريكاتير العالمي الذي انتشر في الصحف في مجال واسع خلال القرن السابع عشر ، وأصبح له أساليبه الخاصة ومدارسه ، ومن ناحية ثانية ، فقد استلهم الفنان السوري بعض مواضيعه من القصص الشعبية (ألف ليلة وليلة – كليلة ودمنه – الحكواتي – كركوز عواز ) وصورهم الساخرة وأسقطوها على الواقع المعاش ...‏

كان الفنان الرائد ( عبد اللطيف ضاشوالي ) من أوائل الفنانين الذين عملوا بحيوية وجد في هذا المضمار الفني ، الذي أصبح له تميزه الخاص ومقوماته الشكلية والفنية ، واستطاع ، هذا الفنان الكبير ، أن يقدم مجموعة كبيرة من رسومه التي بدأ ينشرها في الصحف المحلية في عام ( 1937 ) ...‏

ولد الفنان الرائد ( عبد اللطيف ضاشوالي ) في مدينة حلب في عام ( 1910 ) من أسرة عريقة في وقت كان القطر السوري يرزح تحت نير الاستعمار الفرنسي ، وقد عاصر الفنان مرحلتين من حياته ، النضال الثوري ضد المحتل الفرنسي ، واستقلال سورية الوطني وبناء الدولة الحديثة ...‏
مما ترك أثره الواضح في رسوماته الكاريكاتيرية ...‏

درس الفنان هندسة الكهرباء في باريس وتخرج عام ( 1938 ) وعمل مدرساً في ثانويات حلب ثم مدرساً في كلية الهندسة بحلب منذ بداية تأسيسها ، ثم أوفد مرة ثانية إلى باريس لدراسة هندسة الري في مدينة ( غرونوبل ) الفرنسية ، وبعد عودته إلى الوطن تنقل بين عدة مناصب حكومية في شركات الكهرباء ومؤسسات المياه ، وقد حصل على وسام الاستحقاق السوري من الدرجة الثانية لخدماته الكثيرة، وأحيل إلى التقاعد عن العمل الوظيفي في عام ( 1970 ) ، كما كرمته نقابة المهندسين تقديراً لجهوده في خدمة الهندسة في عام ( 1984 ) ، وقبل وفاته في ( 1ـ 12 – 1990 )‏

بدأ الفنان الرائد (عبد اللطيف ضاشوالي ) حياته الفنية في استعمال تقنيات الرسم بألوان الزيت وألوان المائي ، ولكنه اشتهر بفن الكاريكاتير ...‏

شارك الفنان الرائد في المعرض الدولي بباريس عام ( 1937 ) أثناء دراسته في فرنسا ، وكانت الانطلاقة الفنية الأولى في حياته ، وعند عودته إلى الوطن بدأت رسومه تظهر على صفحات مجلة ( العالمان ) التي أصدرها الأديب (أحمد طلس) في بداية عام ( 7\2\1944 ) وأصبح الفنان ضاشوالي فيما بعد رسام المجلة الأول ...‏

قد كتبت المجلة (العالمان) في عددها الثالث بتاريخ ( 21\2\1944 ) مقالاً خاصاً عن الفنان باعتباره رسامها الأول التي تزين صفحاتها برسومه الفنية الناطقة التي تسر القراء...‏

أقام الفنان الرائد في نهاية حياته معرضه الأول في صالة المركز الثقافي الأسباني بدمشق ، وقد أصدر كتابه (مرايا) في عام ( 1947) الذي يعدّ الأول من نوعه في هذا المجال وفي خارطة الفن السوري وتاريخه ، وقدم فيه مجموعة كبيرة من رسوماته بلغت (117) لوحة رسمها خلال أكثر من عشر سنوات ، وصوّر فيها شخصيات هامة لعبت دوراً كبيرا في سورية على مختلف الأصعدة ، من سياسيين وأدباء وشعراء ورجال دين ، أدى من خلالها مقدار قدرته الفنية في إظهار الملامح البارزة وتضخيمها وتحويرها باقتصاد خطوطها العريضة وبأسلوب بسيط جميل تسرّ المشاهد والمتلقي وتثيره للضحك وتشعره بالرضا والقبول في أكثر الأحيان.‏

إن مجرد الحديث عن تاريخ الفن الكاريكاتيري في مضمار الذائقة البصرية السورية لابد من ذكر الفنان الرائد ( عبد اللطيف ضاشوالي ) الفنان الذي وضع أسس هذا الفن في الصحافة السورية منذ عام ( 1937) .‏

كان الفنان الرائد يصبّ جلّ اهتمامه في رسم تضاريس الرأس بالإضافة إلى صفات الجسد مع إضافات وسائل الحياة العملية كطبيب أو رجل دين أو أديب وشاعر...‏

وحاول نقد الشخصيات البارزة التي لعبت دوراً هاماً في سورية ، واستطاع هذا الفنان بجدارة وحذر شديدين أثناء إبراز ملامح الشخصية أن يضعها في مكانها المناسب ، وضمن خطوط قليلة وبسيطة معبرة عن العناصر الأساسية الداخلية للشخصية التي يكتشفها بسرعة فيرسمها بأسلوب عفوي بسيط في التشكيل الفني والفكري ، ورغم الاقتصاد الشديد في الخطوط العريضة ، نرى فيها مدى قدرته التعبيرية في التشكيل العام والتي يزودها ببعض الكتابات التوضيحية ليوضح لنا اتجاهه الفني والرؤية الفكرية المبسّطة ناقدا بقوة ودهاء عقلي بعض الحالات النفسية الداخلية التي يكتشفها بسرعة ، فيرسمها بكل حب وتقدير ليقدم لنا الموضوع والهدف بيسر وسهولة متناهية بالفهم والإدراك ...‏

كتب عن أعماله (عبد الرحمن خزندار ) أمين سر الجمعية للفنون في كراس معرضه الأول بدمشق (من القلة بمكان بل من الندرة أن نجد من استطاع أن يعطي الحياة لتلك الشخصيات وان يجسدها بريشة الرسم والفن إلا إذا كان ذلك الشخص ممن أوتي نصيبا كبيرا من الموهبة والمقدرة الفنية ، والفنان المهندس (ضاشوالي ) استطاع أن ينفذ بموهبته ومقدرته الفنية إلى أغوار النفس ويكشف عن الخلق والنفس والطبع ضمن دراسة تحليلية لمضمون فكري سام ... ).‏

 جاءت أعمال الفنان الرائد (ضاشوالي ) بقدرتها الفائقة عن التعبير الداخلي للشخصية ، وإبراز حقيقتها النفسية ضمن قالب تشكيلي بسيط جدا بخطوط لينة وطريّة وغنية بالتعبير والتي تفصح عن محبة وتقدير واحترام متبادل بين ريشة الفنان وصورة العمل ، مما يرضي المتلقي وتنتابه الابتسامة الناعمة الحلوة تجاه الصورة والفنان البارع ...‏

✦وعندما رسم صورة الأديب المعروف ( فؤاد الشائب ـ 1911 – 1970 ) قال عن الفنان في مقال خاص عنوانه ( الضاشوالي مهندس الرؤوس البشرية ) ، قال : ( في اقل من ثلاث دقائق استطاعت أنامل الضاشوالي رسمي ، وبدت تهاوي الوجه وضخامة الخطوط ، وإذا بي استغرق في الضحك إزاء إنسان لا تدركه غير عينين حساستين ... وفاء لما أداه لي هذا الفنان من خدمة في تكبير دماغي وتطويل أنفي ، أرى من الواجب بالمثل وأضربه بالقلم كما ضربني بالريشة ...).‏
هذا الموقف الجميل من الأديب الكبير يدلنا على مدى براعة الفنان في إظهار السخرية المحببة بالريشة مقابل السخرية المحببة بالقلم ، كل يملك أداته التي يعبر بها ...‏

ومما يدلنا على أن رسوم هذا الفنان البارع تسر المتلقي أكثر من أن تثير سخطه وتبعث في نفسه الحب والبهجة والتقدير والاحترام ، كما يفعل أكثر فناني الكاريكاتير في العالم ، ورغم أن رسومه لم تدع شذوذا في الوجه إلا أبرزته وضخمته بوضوح إلا وجهه الذي رسمه ليزيد من محاسنه وتضاريسه الجمالية...‏

إن تجربة الفنان الرائد ( عبد اللطيف ضاشوالي ) في مضمار الحركة التشكيلية السورية ، وخاصة في مدينته حلب ، تعتبر رائدة على مستوى القطر السوري بمفهومها التقني والفني والرؤية الفكرية ، وكتابه ( مرايا ) يعدّ رائدا في مجال نشر الكتب الكاريكاتيرية ، أيضا ، وهو معبر لحقبة تاريخية اجتماعيا وسياسيا واقتصاديا عاشها الفنان بين مرحلتين من تاريخ سورية ، مرحلة الانتداب الفرنسي والنضال ، ومرحلة الاستقلال وبناء دولة سورية المستقلة ...

وكان الفنان المهندس عبد اللطيف الضاشولي بحق كما لقب : شيخ فن الكاريكاتر في سورية

توفي بتاريخ ( 1ـ 12 - 1990 )‏.

✦✦✿✦✦✿✦{{ رحمه الله }}✦✿✦✦✿✦✦
- المصدر : الفنان التشكيلي الكبير والناقد الفني محمود مكي
شكرا لتعليقك