pregnancy

علي بن الجهم .من الشعراء






من الشعراء . (عليّ بن الجهم) 
....................................................................................

يرجع نسب علي بن الجهم إلى بني سامة بن لؤي القرشيين , وقد نزل أحد أجداده مدينة " مرْو" بخراسان , واستوطن هذا البلد النائي مع من استوطنه من أبناء العرب الفاتحين لأواسط آسيا , وإلى هذا الموطن يشير علي بن الجهم في إحدى مدائحه للمتوكل . إذ يفاخر بأنه من أهل خراسان الذين أدالوا للعباسيين من الأمويين قائلاً : 

مذهبي واضحٌ واصلي خراســانُ وعزّي بعزّكم موصــــــــــولُ 

ويبدو أن الجهم رحل عن موطن أجداده بخراسان مبكراً إلى بغداد مع بعض إخوته وأسرته طلباً للرزق والعمل , ويفتح المأمون أبوابه له ويوليه بريد اليمن وبعض الثغور , ويتولى في عهد الواثق شرطة بغداد . 

ويغلب أن يكون مولد علي بن الجهم سنة 190 هـ , وأن تكون بغداد مسقط رأسه , ونراه في نعومة أظفاره يختلف من داره في محلة " دجيل" إلى كُتّاب الحي يتعلم مع رفاقه الأدب , ولفتتهُ ذات يوم بُنيّة صغيرة بمحاسنها الدقاق فكتب إليها في بعض الألواح : 

ماذا تقولين فيمنْ شفّه سهــرٌ .....من جهد حبّكِ حتى صار حيرانا 

وسرعان ماأجابته البنيّة في نفس اللوح على البديهة : 

إذا رأينا مُحبّاً قد أضرّ به .....جَهْدُ الصبابة أوليناهُ إحســــــــانا 

وفي بعض الروايات أنّ هذا البيت أول شعره , وكأن هذه البنيّة هي التي ألهمته الشعر وأنطقته , وتُقبلُ الدنيا على ابن الجهم مع خلافة المتوكل سنة 232هـ إذ يصبح من أقرب الشعراء إلى نفسه , ويتخذه جليساً له ونديماً , ويغدق عليه أمواله وجوائزه حتى ليروي الرواة أنه دخل عليه يوماً وبيده دُرّتان نفيستان يُقلبهما تعجباً واستحساناً , ويبالغ الرواة فيقولون إن الواحدة منهما كانت تزيد قيمتها على مائة ألف درهم , فأنشده ابن الجهم قصيدة جعلته يقدّم له إحدى الدرّتين , وكانت في يمينه , والأخرى لاتزال في يساره , فأسرع ابن الجهم يقول على البديهة : 

بسُرّ من رأى إمامٌ عـــــدلٌ .....تغرف من بحره البحــــــارُ 

يُرجى ويُخشى لكل أمــــــرٍ.....كأنه جنّــــة ونــــــــــــــارُ 

يداه في الجود ضَرّتـــــــان .....عليه كلتاهما تغـــــــــــــارُ 

لم تأتِ منه اليمينُ شيئــــــاً ......إلا أتت مثله اليســـــــــــار ُ 

واهتزّ المتوكل طرباً وأعطاه الدرّة الثانية .

ومن شعره : 

يشتاقُ كلّ غريب عند غربتــــــهِ .....ويذكر الأهلَ والجيران والوطنــا 

وليس لي وطنٌ أمسيْتُ أذكـــــرهُ .....إلا المقابر َإذْ صارت لهم وطنـــا 

وأيضاً : 

عيون المها بين الرصافة والجســر .جلبْنَ الهوى من حيثُ أدري ولاأدري

أعدْنَ لي الشوق القديم ولم أكن ....سلوْتُ ولكن زدْنَ جمراً على جمــــــــرِ 

واضحٌ أن ابن الجهم كان شاعراً فذّاً لايتكلّف في شعره ولا يُرصّعه أو يزخرفه يلـّم بالمعاني الدقيقة والصور الظريفة . 

طيّب الله أوقاتكم بالخير 

سلمية 10/5/2019
 ظهير الشعراني .


شكرا لتعليقك