pregnancy

إسهام السريان المشرقيين في الحضارة الإنسانية





إسهام السريان المشرقيين في الحضارة الإنسانية
.......................................................................................

يقول توينبي: «منذ أن بدأ اعتناق سكان المشرق التدريجي للمسيحية، كانت المدنية السريانية تؤثر في المدنية اليونانية، ولم يحس الناطقون باليونانية من المسيحيين أنهم أكثر ثقافة من المسيحيين الناطقين بالسريانية، والواضح أن أولئك قد أفادوا نفحات حضارية دائمة من هؤلاء». (51)
هذا من جهة، ومن جهة ثانية فقد ساهم السريان بعد الفتح الإسلامي للمشرق العربي، في دفع العرب نحو نهضة علمية، بلاغية، فكرية. ولاسيما في العصر العباسي، حيث استفاد العرب من القاع الثقافية للمشرق العربي والتي تضرب جذورها عميقاً في التاريخ.
وقد استطاع السريان عبر ترجماتهم للمؤلفات اليونانية، أن يمدوا المسلمين بعون معرفي كبير، سوف يكون له أبلغ التأثير في مساق الحضارة الإنسانية. ولعل من أهم الترجمات التي قاموا بها:
مؤلفات أرسطو، وشروح أفلوطين، ومؤلفات أبقراط وجالينوس الطبية، وكتب اقليدس الرياضية، وأعمال بطليموس الجغرافية، إلى ما هنالك من كثير الترجمات.
ولا يمكن في هذا المجال من تجاهل ما قام به صائبة حران الذين يعتبروا الوارثين للعلوم البابلية والمطلعين على العلوم والأفكار اليونانية، في مد العرب بوسائل المعرفة النظرية والعلمية.
تقول الباحثة نينا بيغوليفسكايا في كتابها «ثقافة السريان في القرون الوسطى»: (52)
لقد استوعب العرب عن طريق السريان، العلوم اليونانية والأساليب الدقيقة للترجمة، مستفيدين بمهارة عالية من المعارف القيمة في مجالات الفلسفة والطب والكيمياء والفلك وجغرافية الأرض التي استطاعوا أن يطلعوا عليها، بفضل استفادتهم من الترجمات السريانية الأقرب إليهم من الأصول اليونانية.
وتضيف: إن الثقافة السريانية في القرون الوسطى حصلت على انتشار عريض وأظهرت تأثيراً كبيراً في تطور الثقافة العالمية.
إذن نحن أمام الثقافة السربانية في منحيين:
المنحى الأول: أنها استمدت في الأساس خصائصها من العمق الحضاري التاريخي ـــ الاجتماعي للمشرق العربي بإنجازاته واختراعاته.
المنحى الثاني: المثاقفة والتفاعل الفكري مع العالم اليوناني، ما أدى إلى ليس النظر للسريان كناقلين عن الآخرين، لا بل وقد أسهموا في مناحي الفكر والفلسفة والعلوم.
على كل هذا نشير لقول العالمة بيغو ليفسكايا:
«إنّ عدداً كبيراً من العلماء العرب كانت أسماؤهم وتآليفهم حتى القرن الثالث عشر ميلادي، مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بعلوم السريان، ولم يقتصر كثير منهم على قراءة المؤلفات السريانية فقط وإنما كتبوا وألفوا باللغتين السريانية والعربية في آن واحد.».
وتصل للقول: «إن العلوم اليونانية عبرت من خلال السريان أولاً، فتلاقت مع الفكر العربي وامتزجت فيه. ومن أيدي العرب تسلّم الغرب اللاتيني الثروة العلمية التي تراكمت على مدى قرون طويلة».
منقول
شكرا لتعليقك