pregnancy

الحرب العالمية الأولى (٢٢)




















الحرب العالمية الأولى(٢٢)    
.......................................................................................

اتفاقية سايكس بيكو :

حينما تحالف العرب مع الحلفاء كانوا قد اعتقدوا أنهم سوف يحصلون على استقلال بلادهم كما وعدتهم بريطانيا وحُلفائها، ولكنهم فوجئوا بأن إتفاقًا سريًا قد تم ضدهم وهو إتفاق سايكس - بيكو. وقعت هذه الإتفاقية بين حكومتا فرنسا وبريطانيا

لم تحاول الدولة العثمانية خلال تاريخها الطويل صبغ الشعوب المختلفة التي دخلت في تبعيتها بالصبغة العثمانية وصهرها في بوتقة واحدة لعدة عوامل وهي سطحية الحكم العثماني الذي أهمل توثيق الروابط مع الولايات المفتوحة ما حال بين الحكم العثماني وتغلغله في حياة الشعوب التي تألفت منها الدولة.العامل الثاني هو الإستعلاء الذي كان من الصفات البارزة للعثمانيين على مختلف طبقاتهم، وقد بلغ استعلاؤهم حدًا إلى ترفعهم عن مخاطبة أباطرة أوروبا وملوكها بألقابهم، وقد ظلَّ العثمانيون لمدة طويلة يرفضون تعيين سفراء لهم في الدول الأوربية، وبقي الأمر على ذلك حتى عهد السلطان محمود الثاني.كذلك نتج عن استعلائهم عدم تزاوجهم مع سكان البلاد المفتوحة. دفعت هذه السلبية العثمانية شعوب البلاد العربية للمحافظة على لغتها ولم تستخدم اللغة التركية إلا في الدوائر الحكومية. أما العامل الثالث فهو الجمود، فبعد الفتوحات التي حققها العثمانيون خلال تاريخهم الطويل لم يتماشَى العثمانيون مع التطور الحديث الذي طرأ في أوروبا وعدُّوا هذا من عمل الأعداء، وزين لهم التعصب والجهل أن التشبه بالأوروبين كفر. كل ذلك تسبب في انعدام الوحدة الحضارية.

رغم سياسته الإسلامية فقد حظي السلطان عبد الحميد بكراهية بعض سكان الدولة العثمانية الذين اتبعوا الفكر الغربي، ومع أنه قد أعلن الدستور في 31 أغسطس 1876 واجتمع أول برلمان عثماني في عهده في مارس 1877 إلا أنه سرعان ما ألغاه في فبراير 1878 ونكل بالأحرار الذين أوصلوه إلى السلطة وعلى رأسهم مدحت باشا الذي نُفي في عام 1881 إلى الطائف. لذا بدأت حركة فكرية نتج عنها حركة قومية تدعو لاستقلال العرب وانفضاضهم على الخلافة، وبدأت الجمعيات السرية المناهضة لسياسة السلطان عبد الحميد نشاطها وبخاصة في لبنان التي تأسس فيها جمعية بيروت السرية 1875 بأعضاء مسيحين ولكن سرعان ما انضم إليها بعض المسلمين.

حينما دخلت بريطانيا في اتفاقيتها مع العرب وتعاقدت معهم خلال مراسلات حسين - مكماهون كان شرط حسين بن علي في مراسلاته السرية استقلال الدول العربية عن الدولة العثمانية في حال إنضمامهم للحرب، وقد وعدتهم بريطانيا بذلك، ولكن كان هناك اتفاق سري بين فرنسا وبريطانيا قاما به فرانسوا جورج بيكو مع المندوب البريطاني مارك سايكس بخصوص اقتسام الهلال الخصيب وأراضٍ أخرى تابعة للدولة العثمانية إذا ما انتهت الحرب لصالح الحلفاء.واشترك في تلك الإتفاقية روسيا حينما طلب قنصل روسيا منهما السفر إلى بطرسبيرغ لعرض المشروع على الحكومة الروسية ومن هناك ابتدأت المفاوضات في منتصف شهر مارس 1916، وقد وافقت الحكومتان البريطانية والفرنسية على مطلب روسيا الخاص في اتفاقية الآستانة (1915) وهو أن تكون إسطنبول والمضايق من نصيبها بعد انتهاء الحرب

ظلت هذه الإتفاقية سرِّية إلى أن نشرها البلاشفة الروس في جريدتا إوفيستيا وبرافدافي 23 نوفمبر 1917 عند اندلاع الثورة البلشفية بعد العثور على نصوص الإتفاقيات في سجلات وزارة الخارجية الروسية.بعد نشرها بعث جمال باشا في 12 ديسمبر 1917 برسالتين إحداهما للأمير فيصل والثانية إلى جعفر العسكري عارضًا فيها عقد صلح عثماني - عربي. نجحت الحكومة البريطانية في إقناع الشريف حسين بن علي بأن العثمانيين يحاولون نشر الخلاف بين العرب والحلفاء، فصدق الشريف حسين هذا ووضع ثقته في وعود الحكومة البريطانية وحلفائها.

**وعد بلفور :
==========

اتجهت الصهيونية قبل الحرب العالمية الأولى إلى تركيز جهودها نحو بريطانيا بسبب شعور زُعماء الصهيونية بتراخي فرنسا في تأييد حركتهم. وكانت الصهيونية تتخذ من برلين قبل الحرب مركزًا لنشاط اللجان التنفيذية التي قررت المؤتمرات الصهيونية تشكيلها، وإزداد نشاطها بعد بدء الحرب العالمية الأولى، فقد أدركوا أن هذه فرصتهم الثمينة التي لاتعوض لإستغلالها في تحقيق هدفهم في إنشاء الوطن القوي لليهود في فلسطين. رغم أن المؤتمر الصهيوني الحادي عشر عام 1913 قد قرَّر وقوف الصهيونية على حياد بين المعسكرين المتنازعين في أوروبا فقد كثَّفت جهودها في بداية الحرب وبدأت تعمل في كل اتجاه، محاولة كسب أحد الأطراف لتبني مخططاتها، مقابل تقديم المساعدة الممكنة لهذا الطرف المستجيب، وأخذت تراقب سير الأحداث عن طريق مراكزها، لإختيار أفضل الطرفين للتحالف معه، ومن أجل ذلك وزَّع زُعماء الصهيونية أنفسهم على دول المعسكرين المتحاربين إلى جانب الولايات المتحدة التي لم تدخل الحرب بعد.

كانت بريطانيا في ذلك الوقت على وعيٍ بحركة اليقظة العربية في بلاد الشام ضد الحكم العثماني، فعملت على الإستفادة منها بقطعها الوعود الزائفة لزعماء الحركة العربية، وكان اتجاه بريطانيا نحو الحركة العربية عاملًا قويًا في تركيز الجهود الصهيونية نحو بريطانيا. لأن فلسطين إمتداد طبيعي لمصر التي كانت خاضعة للنفوذ البريطاني آنذاك، وبسبب إلتقاء الأهداف الصهيونية مع الإستراتيجية البريطانية في المنطقة العربية، أدرك حاييم وايزمان ذلك وبدأ نشاطه وراء الشخصيات البريطانية ذات النفوذ بمساعدة صديقه سكوت رئيس تحرير جريدة المانشستر جارديان، فقد تعرف عن طريقه على هربرت صمويل الذي كان آنذاك أحد أعضاء الحكومة البريطانية، ولويد جورج الذي استعان بوايزمان في إنتاج مادة الأسيتون أثناء توليه رئاسة لجنة التموين كانت هذه المادة تُستعمل كمذيب للبارود، فلا يطلق دخانًا وكانت بريطانيا تُعاني من عجز في إنتاج هذه المادة وبدون توفرها فسيكون من الضروري إحداث تغييرات واسعة في بنادق البحرية، وقد زاد نجاح وايزمان في إنتاج هذه المادة من قدرة لدى المسئولين البريطانيين، وقد كان لإتصالات وايزمان أثر كبير على هؤلاء المسئولين، يتجلى في تصريحاتهم التي أخذت تُؤكد وتُحبذ فكرة إنشاء دولة يهودية حاجزة Jewish Buffer State في فلسطين.

تصريح بلفور وقد نُشر في جريدة The Times، في 9 نوفمبر 1917

في 2 نوفمبر 1917 أُرسل خطاب من أرثر يلفور وزير الخارجية البريطاني ومنه يُعزى اسم وعد بلفور إلى رئيس المنظمة الصهيونيةاللورد روتشيلد ينص على:

   

عزيزي اللورد روتشيلد:

«يسرني جدًا أن أُبلغكم بالنيابة عن حكومة جلالة الملك التصريح التالي الذي ينطوي على العطف على أماني اليهود الصهيونية وقد عُرِضَ على الوزارة وأقرَّته:

إنَّ حكومة جلالة الملك تنظر بعين العطف إلى تأسيس وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين، وستبذل جهدها لتسهيل تحقيق هذه الغاية، على أن يُفهم جليًا أنه لن يُؤتى بعمل من شأنه الإخلال بالحقوق المدنية والدينية التي تتمتع بها الطوائف الغير يهودية المقيمة في فلسطين، ولا بالحقوق أو الوضع السياسي الذي يتمتع به اليهود في البلاد الأخرى».

«وسأكون شاكرًا لو تكرمتم بإحاطة الإتحاد الصهيوني علمًا بهذا التصريح».

المخلص

أرثر جيمس بلفور

   

بعد أسبوع من التصريح نُشر في الصحافة في 9 نوفمبر سارعت أجهزة الدعاية الألمانية والدولة العثمانية، وهما الجانبان المُعاديان للحُلفاء في كشف التواطئ البريطاني - الصهيوني، إلى جانب أن جريدة المقطم التي كانت تُصدر في القاهرة، سارعت بنشر التصريح مرتين في يومي (10 و12 نوفمبر عام 1917)، كما أقام اليهود في بعض المدن المصرية إحتفالات بمناسبة إعلان التصريح، وبذلك استطاعت أنباء التصريح أن تنتشر بين الأوساط العربية، وبين عرب فلسطين.

أعرب العرب عن إستنكارهم لتصريح بلفور في شهر نوفمبر أثناء موكب بمناسبة ذكرى احتلال بريطانيا لمدينة يافا. احتجت جمعية المسيحين- المسلمين على إنشاء دولة صهيونية "وحملت لافتات بيضاء وزرقاء تحتوي كلاهما على مثلثات في الوسط"، وقد لفتوا بذلك انتباه السلطات بشأن العواقب الوخيمة من أي تداعيات سياسية ناتجة عن هذا التصريح.أرسلت مرة أُخرى جمعية المسيحين- المسلمين مذكرة إلتماس طويلة إلى الحاكم العسكري إحتجاجًا في تشكيل دولة صهيونية.

يتبع.......ويكيبيديا

الصورة على اليمين : تقسيم المشرق بين المحتلين حسب اتفاقية سايكس بيكو
على اليسار : آرثر جيمس بلفور مع تصريحه
شكرا لتعليقك