عالمنا الثالث والهوية الضائعة ، ، هل تكون الانسانية المعرفية حلآ ؟؟؟
.......................................................................................
ماهي هويتنا ؟ إشتراكية قومية ، أم قومية يمينية ، ام علمانية ، ام دينية طائفية ، أم عائلية ، أم عشائرية ،،،؟
من اجل تحليل شفاف لأغوار نفوسنا المريضة ،،، ومعرفة سر تخلفنا ،
،اننا نمثل مخلفات تربية الاستعمار
ما هي حقيقة لاوعينا الداخلي ؟؟
لقد شبعنا كردآ وعربآ احتلالات مئات السنين ، فاغلبنا من تربية اباء ، ولدوا في ثلاثينات واربعينات القرن الماضي حيث عصر الاحتلال والعبودية الفرنسية والانكليزية ، وجميع آبائنا ولدوا من آباء عاشوا تحت سطوة الاحتلال العثماني ، اتذكر جيدآ اهل قريتي بالخمسينات ومنهم المرحوم والدي ، كيف كانوا يتسابقون الى الامساك برسن الخيول التي كان يمتطيها عناصر الدرك المشبعين كبتآ وتوقآ لإثبات ذواتهم المثقلة بالظلم والقهر واللاشيئية الموروثة من عهود الاستعمار ، عندما كانوا ياتون الى القرية ، كان أهالينا يساعدون السيد الدركي ليترجل من على صهوة الحصان ، هذا الشرطي المبجل وكأنه أمير ، حيث كان يقلد سلوك درك المستعمر ، كذلك يتذكر ضباطنا السوريون كيف كان مساعد مصري يتعالى على اكبر ضابط سوري في عهد الوحدة السورية المصرية ، في تقليد لسلوك المستعمر الانكليزي في مصر ويأخذون الحصان المدلل كي يربطوه بشجرة او ركن ،
هذا العيش المديد لآباءنا واجدادنا في ظل الاستعمار اتخم لاوعينا بالقمع والكبت والقهر والدونية والانحطاط وتشربت ارواحنا بذلك وحيث ان اللاوعي والدماغ يحاكي ويتمثل ماادخل في روعه وذاكرته ، ويقلد بصورة لاواعية ما مر به من تجارب
وحيث اننا لا نستطيع تطبيق تلك الثقافة على الاقوى منا لذا نطبقها على الاضعف منا اي نطبقها بحذافيرها ضد بعضنا البعض ، ونطبق تلك الاساليب واشكال القهر والاستعباد التي مورست ضدنا لقهر ارادة بعضنا البغض ، والغاء ذواتنا الجمعية ، حيث نخشى بعضنا البعض كخشية الولد الاول من اخيه الوليد الجديد الذي اخذ يزاحم رعاية الاهل له دون ان يعي ان هذا هو الذي سيكون له الظهير و السند الاساسي له في أيام المحن ،، وهو الذي ولد المقولة الشعبية الشائعة : مو شاطرين غير على بعضنا ،، هذا هو السر الذي يفسر عشقنا للسلطة والقوة الغاشمة والرغبة العارمة ان نعبد الكرسي والمال والسلاح ونعتبر المؤسسة العامة التي يزين هامتها شعار مؤسسة الشعب ، مزرعة خاصة لنا ولمن يتواطئ معنا في تحويلها الى بقرة حلوب تلبي جشعنا وساديتنا وجوعنا الروحي ، ونتحكم بها كي نستطيع ان نمرغ انف كل من يقع تحت امرتنا وسلطتنا ويهدد قناعاتنا وثقافاتنا الذاتية المريضة تلك بالتراب ونهين كرامة كل من يخرج عن ارادتنا ونضربه بلا رحمة ونحرم الآخر من حرية التعبير ونبني السجون ونقدسها اضعاف اضعاف تقديسنا للمدارس والجامعات ، ونعتبر كل من يخالفنا عدوا مفترضا وعندما قال جورج بوش ، ان كل من ليس معنا فهو ضدنا ، كان يعني الدول والشعوب الأخرى ، وبدلا من ان نطبقها ضد الشعوب والدول التي تناوئ مصالحنا الوطنية فاننا نطبق هذه القاعدة ضد ابناء جلدتنا واوطاننا ضد من قاسمنا السراء والضراء ضد من قاسمنا لقمة الخبز والجيرة ،ضد من حمى ظهرنا وارضنا وعرضنا وكرامتنا ، هذا هو السر الذي يفسر نعت السعودي والخليجي للسوري والمصري الذي يعمل عندهم بانه أجنبي وغريب ودخيل ، فيما يطلق تسمية السيد المبجل على الاجانب الغربيين ، ويعتبرهم اصدقاءآ ومستشارين ،،،
هذا هو سر الحقد الدفين الذي نحمله ونكنه تجاه بعضنا البعص ، حيث نعتبر العدو صديقآ والصديق عدوا ، جميعنا مصاب بهذا الوباء بهذا القدر النسبي او ذاك ،
هذا الموروث المقيت هو الذي جعل الجميع يخشى الجميع ويتوجس منه ،
وهذا هو بالضبط ما جعل الجميع يلجأ الى النكوص ويعود القهقري نحو الكهف الأقرب
لحماية نفسه من الجميع ، حيث العائلة أوالطائفة اوالعشيرة ، هذه الرغبة النكوصية التي خبت
وتوارت بفعل انتشار الافكار الإشتراكية وصعود نجم المعسكر الاشتراكي شيئا فشيئآ في ما بعد ستينات القرن الماضي ، وبعثت الامل في نفوس المثقفين والمتنورين باعادة انتاج مجتمع جمعي الروح والتفكير والهدف ، الا ان انهيار
التجربة الشيوعية العالمية ، وإنهيار الخيار القومي أمام عاصفة الايديولوجيا اليمينية واليسارية المتناحرة ، اماط اللثام عن خبايا النفوس المريضة والمكبوتة ، واتاحت المجال لظهور النزعة العائلية والطائفية والعشائرية ، لدى النفوس الضعيفة والمتخلفة غير المحصنة لتطل برأسها من جديد بوصفها الهوية والخيار والملاذ الأخير ، لتتصارع مع خيار العلمانية الذي بات الملاذ الوحيد من بقايا الخيارات المنهارة والمتلاشية ، علمانية لم يتمكن مؤسسوها الاصليون من حسم الجدل حول تحديد هويتها ، علمانية سمحت لحربين عالميتين ان تنشب بين أقطابها ، علمانية تمخضت عن مجتمع اصابته شرخا الى شطرين شيوعي ورأسمالي ، علمانية لم تصمد أمام هبوب صراعات الحيتان بين جبابرتها واقطابها حتى بعد انهيار الشيوعية
أ.صبري حيدر
خارج الموضوع تحويل الاكوادإخفاء الابتساماتإخفاء