سؤال راودني ألف مرة هل البومة بمعتقدانا توحي لنا بالشؤم...؟
هُنا ستعرفون كل شيء
....
ﺍﻟﺒﻮﻣﺔ ﻃﺎﺋﺮ ﺍﺭﺗﺒﻂ ﻓﻲ ﺃﺫﻫﺎﻥ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮﻳﻦ ﺑﺎﻟﺸﺆﻡ ﺣﻴﻨﺎً ﻭﺑﺎﻟﺤﻜﻤﺔ ﺃﺣﻴﺎﻧﺎً ﺃﺧﺮﻯ، ﻭﺑﻘﻲ ﻣﺤﻮﺭﺍً ﺃﺳﺎﺳﻴﺎً ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﺨﺮﺍﻓﺎﺕ ﻭﺍﻷﺳﺎﻃﻴﺮ ﻋﻠﻰ ﻣﺮ ﺍﻟﻘﺮﻭﻥ، ﻭﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺠﻌﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﻋﻨﻪ ﻣﻮﺿﻮﻋﺎً ﺷﻴﻘﺎً ﻭﻣﺜﻴﺮﺍً، ﻭﻟﺬﺍ ﻧﺬﻫﺐ ﻣﻊ ﺩﻳﺰﻣﻮﻧﺪ ﻣﻮﺭﻳﺲ ﻟﻨﺴﺘﻜﺸﻒ ﻣﻌﻪ ﻋﺒﺮ ﻛﺘﺎﺑﻪ “ ﺍﻟﺒﻮﻣﺔ ” ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﻟﻬﺬﻩ ﺍﻟﺠﻮﺍﺭﺡ ﺍﻟﻠﻴﻠﻴﺔ .
ﻳﺴﻌﻰ ﺩﻳﺰﻣﻮﻧﺪ ﻣﻮﺭﻳﺲ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ " ﺍﻟﺒﻮﻣﺔ " ﺇﻟﻰ ﺭﺻﺪ ﺗﻄﻮﺭﻫﺎ، ﻭﺗﺮﻛﻴﺒﺘﻬﺎ ﺍﻟﻔﺴﻴﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﺩﻗﻴﻖ، ﻭﺭﻣﺰﻳﺘﻬﺎ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ ﺍﻟﺒﺪﺍﺋﻴﺔ ﻭﺍﻟﻤﺘﺤﻀﺮﺓ ﻭﺍﻟﻤﺘﻤﺪﻧﺔ ﻭﺗﺼﻮﺭﺍﺕ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺍﻟﻤﻘﺪﺱ ﺣﻮﻟﻬﺎ، ﻭﺑﻴﺎﻥ ﻛﻴﻒ ﻭﻇﻔﻬﺎ ﺍﻟﺸﻌﺮﺍﺀ ﻓﻲ ﻗﺼﺎﺋﺪﻫﻢ، ﻭﺍﻟﺮﻭﺍﺋﻴﻮﻥ ﻓﻲ ﻧﺜﺮﻫﻢ، ﻭﺍﻟﺮﺳﺎﻣﻮﻥ ﻓﻲ ﻟﻮﺣﺎﺗﻬﻢ ﻭﺍﻟﻨﺤﺎﺗﻮﻥ ﻓﻲ ﻧﻘﻮﺷﻬﻢ، ﻛﻤﺎ ﻳﺘﻌﺮﺽ ﻷﻧﻮﺍﻋﻬﺎ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪﺓ ﻭﺣﻀﻮﺭﻫﺎ ﺍﻟﻄﺎﻏﻲ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻪ ﺍﻟﺒﺴﻴﻄﺔ، ﺣﻴﺚ ﺗﻮﺟﺪ ﺍﻟﺒﻮﻡ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺃﺭﺽ ﻣﺘﺮﺍﻣﻴﺔ ﻓﻲ ﺃﺭﺟﺎﺀ ﺍﻟﻤﻌﻤﻮﺭﺓ . ﻭﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﻬﺬﺍ ﺍﻻﻧﺘﺸﺎﺭ ﺍﻟﻮﺍﺳﻊ، ﻓﻘﺪ ﻇﻬﺮﺕ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻄﻴﻮﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻜﺎﻳﺎﺕ ﺍﻟﺸﻌﺒﻴﺔ، ﻭﺍﻷﺳﺎﻃﻴﺮ ﻭﺍﻟﺨﺮﺍﻓﺎﺕ ﻋﻨﺪ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ .
ﺗﻨﺎﻗﺾ ﻭﺍﺿﺢ
ﻳﻘﻮﻝ ﺍﻟﻤﺆﻟﻒ ﺇﻥ ﺍﻟﺒﻮﻣﺔ ﻃﺎﺋﺮ ﻳﻨﻄﻮﻱ ﻋﻠﻰ ﺗﻨﺎﻗﺾ ﻭﺍﺿﺢ، ﻓﻬﻮ ﻳﻌﺪ ﻣﻦ ﺃﻛﺜﺮ ﺍﻟﻄﻴﻮﺭ ﺍﻧﻜﺸﺎﻓﺎً ﻭﻭﺿﻮﺣﺎً، ﻭﺃﻛﺜﺮﻫﺎ ﻏﻤﻮﺿﺎً ﺃﻳﻀﺎً، ﻓﺈﺫﺍ ﻃﻠﺒﺖ ﻣﻦ ﺃﻱ ﺷﺨﺺ ﺃﻥ ﻳﺮﺳﻢ ﺻﻮﺭﺓ ﻟﺒﻮﻣﺔ ﻓﺴﻮﻑ ﻳﺒﺎﺩﺭ ﻟﺬﻟﻚ ﺩﻭﻥ ﺗﺮﺩﺩ، ﻭﺃﻣﺎ ﺇﺫﺍ ﺳﺄﻟﺘﻪ ﻣﺘﻰ ﻛﺎﻧﺖ ﺁﺧﺮ ﻣﺮﺓ ﺭﺃﻯ ﻓﻴﻬﺎ ﺑﻮﻣﺔ، ﺳﻴﺼﻤﺖ ﻟﺒﺮﻫﺔ، ﻭﻳﻔﻜﺮ ﻣﻠﻴﺎً، ﻭﻳﺠﻴﺒﻚ ﺃﻧﻪ ﻻ ﻳﺘﺬﻛﺮ ﻭﻳﺮﺟﻊ ﺍﻟﺒﺎﺣﺚ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻨﺎﻗﺾ ﺇﻟﻰ ﺃﻧﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻬﻞ ﺇﺩﺭﺍﻙ ﺃﺳﺎﻟﻴﺐ ﻋﺪﻡ ﺭﺅﻳﺘﻨﺎ ﻟﻄﺎﺋﺮ ﺍﻟﺒﻮﻣﺔ ﺍﻟﺤﻲ ﺇﻻ ﻧﺎﺩﺭﺍً، ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻄﺎﺋﺮ ﺍﻟﻀﺎﺭﻱ ﺍﻟﺨﺠﻞ ﻳﻘﻮﻡ ﺑﺘﺤﻠﻴﻘﺎﺗﻪ ﺑﺼﻤﺖ ﺗﺎﻡ ﺗﺤﺖ ﺟﻨﺢ ﺍﻟﻈﻼﻡ، ﻭﻟﻮﻻ ﺧﺮﻭﺟﻨﺎ ﻋﻦ ﻃﻮﺭﻧﺎ ﻟﺼﻴﺪ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻨﻬﺎ ﺗﻨﻈﻴﻢ ﻣﻄﺎﺭﺩﺍﺕ ﻟﻴﻠﻴﺔ ﺑﺄﺟﻬﺰﺓ ﻭﻣﻌﺪﺍﺕ ﺧﺎﺻﺔ، ﻟﻤﺎ ﺳﻨﺤﺖ ﻟﻨﺎ ﻓﺮﺻﺔ ﺭﺅﻳﺔ ﺃﺣﺪ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻄﻴﻮﺭ ﻭﺟﻬﺎً ﻟﻮﺟﻪ .
ﻭﻳﻮﺿﺢ ﺍﻟﺒﺎﺣﺚ ﺃﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺛﻤﺔ ﺗﺸﺎﺑﻪ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺒﺸﺮ ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﻄﺎﺋﺮ، ﻭﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺭﺃﺳﻪ ﺍﻟﻌﺮﻳﺾ ﻭﻋﻴﻨﺎﻩ ﺍﻟﻮﺍﺳﻌﺘﺎﻥ، ﻭﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺠﻌﻠﻨﺎ ﺃﻛﺜﺮ ﺇﺩﺭﺍﻛﺎً ﻟﻪ، ﻭﻳﺸﻌﺮﻧﺎ ﺑﺎﻟﺘﻌﺎﻃﻒ ﻣﻌﻪ ﻭﻛﺄﻧﻨﺎ ﻓﻲ ﺣﻔﺮﺓ ﻗﺮﻳﺒﺔ ﻣﻦ ﺣﺒﺲ ﺍﻟﻄﻴﻮﺭ، ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻫﺬﺍ ﻻ ﻳﻤﻨﻌﻨﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻌﻮﺭ ﺑﺎﻟﺨﻮﻑ ﻣﻨﻪ . ﻭﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﺘﻔﺤﺺ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﻋﻼﻗﺘﻨﺎ ﺑﺎﻟﺒﻮﻡ، ﻧﻜﺘﺸﻒ ﺃﻧﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺤﺘﻤﻞ - ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ - ﺍﻟﺤﻜﻤﺔ ﻭﺍﻟﺸﺮ ﻋﻠﻰ ﺣﺪٍ ﺳﻮﺍﺀ ﻓﻘﻂ، ﺗﺴﺘﻤﺮ ﺻﻮﺭ ﺍﻟﺒﻮﻣﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻐﻴﺮ ﺣﻜﻴﻤﺎً ﺃﻭ ﺷﺮﻳﺮﺍً، ﺷﺮﻳﺮﺍً ﺃﻭ ﺣﻜﻴﻤﺎً، ﻇﻠﺖ ﻫﺎﺗﺎﻥ ﺍﻹﻳﻘﻮﻧﺘﺎﻥ ﺗﺘﺒﺎﺩﻻﻥ ﻭﺗﺘﻐﻴﺮﺍﻥ ﻟﻌﺪﺓ ﺁﻻﻑ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻨﻴﻦ .
ﺃﺩﻭﺍﺭ ﻋﺪﻳﺪﺓ
ﻳﻌﻤﺪ ﻣﻮﺭﻳﺲ ﺇﻟﻰ ﺗﻘﺼﻲ ﻫﺬﻳﻦ ﺍﻟﺪﻭﺭﻳﻦ ﻭﺃﺩﻭﺍﺭ ﺃﺧﺮﻯ ﻋﺒﺮ ﺻﻔﺤﺎﺕ ﻛﺘﺎﺑﻪ ﺍﻟﺬﻱ ﺑﻴﻦ ﺃﻳﺪﻳﻨﺎ، ﻓﻴﻤﻜﻦ ﻟﻄﺎﺋﺮ ﺍﻟﺒﻮﻣﺔ ﺍﻟﺸﺮﻳﺮ ﺃﻥ ﻳﺘﺤﻮﻝ ﻓﺠﺄﺓ ﺇﻟﻰ ﺑﻮﻣﺔ ﺣﺎﻣﻲ، ﺇﺫﺍ ﺳﺨﺮﺕ ﻋﺪﻭﺍﻧﻴﺘﻪ ﺍﻟﻮﻫﻤﻴﺔ ﻭﻭﺟﻬﺖ ﺿﺪ ﺃﻋﺪﺍﺋﻨﺎ، ﻓﻘﺪ ﺻﻮﺭ ﺍﻟﻄﺎﺋﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﻬﻨﺪ، ﺃﺩﺍﺓ ﺑﻴﺪ ﺍﻵﻟﻬﺔ ﺗﻨﻘﺾ ﻣﻦ ﺃﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ، ﺃﻣﺎ ﻓﻲ ﺃﻭﺭﻭﺑﺎ ﻓﻘﺪ ﺻﻮﺭﻫﺎ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﺭﻣﺰﺍً ﻟﻠﻌﻨﺎﺩ، ﻓﻲ ﺣﻴﻦ ﺻﻮﺭﻫﺎ ﺁﺧﺮﻭﻥ ﺭﻣﺰﺍً ﻟﺮﺑﺎﻃﺔ ﺍﻟﺠﺄﺵ ﺇﻟﻰ ﺍﺳﺘﻌﺮﺍﺽ ﻗﺼﺔ ﺍﻟﺒﻮﻡ ﻣﻨﺬ ﻣﺎ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﻓﻴﻮﺿﺢ ﺃﻧﻪ ﻋﻠﻢ ﻣﻦ ﺑﻘﺎﻳﺎ ﺍﻟﺤﻔﺮﻳﺎﺕ ﺃﻥ ﺍﻟﺒﻮﻡ ﻭﺟﺪﺕ ﺳﻼﻟﺔ ﻣﻨﻔﺼﻠﺔ ﻣﻨﺬ ﺳﺘﻴﻦ ﻣﻠﻴﻮﻥ ﻋﺎﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻗﻞ، ﻭﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﻳﺠﻌﻠﻬﺎ ﺃﺣﺪ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﺠﻤﻮﻋﺎﺕ ﺍﻟﻄﻴﻮﺭ ﺍﻟﻤﻌﺮﻭﻓﺔ ﻗﺪﻣﺎً ﻭﻣﻨﺤﻬﺎ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺍﻟﻜﺎﻓﻲ ﻟﺼﻘﻞ ﻃﺮﻳﻘﺘﻬﺎ ﺍﻟﻤﺘﺨﺼﺼﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻴﺶ ﺑﻮﺻﻔﻬﺎ ﻃﻴﻮﺭﺍً ﻣﻔﺘﺮﺳﺔ، ﻭﻳﺒﻴﻦ ﺃﻥ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺑﺎﻟﺒﻮﻡ ﺗﺮﺟﻊ ﺇﻟﻰ ﻗﺮﺍﺑﺔ ﺛﻼﺛﻴﻦ ﺃﻟﻒ ﺳﻨﺔ، ﻓﻲ ﺣﻴﻦ ﺃﻥ ﺍﻛﺘﺸﺎﻑ ﺍﻟﺪﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﺗﻢ ﻣﺆﺧﺮﺍً ﻓﻲ ﺩﻳﺴﻤﺒﺮ ﻣﻦ ﻋﺎﻡ 1994 ﺣﻴﻦ ﻋﺜﺮ ﺛﻼﺛﺔ ﻣﻜﺘﺸﻔﻮ ﻥ ﻓﻲ ﻛﻬﻒ ﻛﺒﻴﺮ ﻓﻲ ﺟﻨﻮﺏ ﺷﺮﻕ ﻓﺮﻧﺴﺎ . ﺻﻮﺭ ﻟﺤﻴﻮﺍﻧﺎﺕ ﻭﻃﻴﻮﺭ ﻋﺪﻳﺪﺓ ﻣﻨﻘﻮﺷﺔ ﻋﻠﻰ ﺟﺪﺭﺍﻥ ﺍﻟﻜﻬﻒ ﻭﻣﻦ ﺑﻴﻨﻬﺎ ﺻﻮﺭﺓ ﺑﻮﻣﺔ، ﻣﺜﻠﺖ ﺃﻗﺪﻡ ﺗﻤﺜﻴﻞ ﻣﻌﺮﻭﻑ ﻣﻮﺟﻮﺩﺓ ﻟﻠﺒﻮﻣﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺍﻟﺮﺍﻫﻦ .
ﺍﻟﺮﻭﺡ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ
ﻋﻦ ﺍﻟﺒﻮﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﺰﻣﻦ ﺍﻟﻘﺪﻳﻢ، ﻳﺬﻛﺮ ﺍﻟﺒﺎﺣﺚ ﺣﻀﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﺸﺮﻕ ﺍﻷﻭﺳﻂ ﻭﺟﻨﻮﺏ ﺃﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ﺍﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺒﻮﻡ ﺍﻟﺨﺎﻟﺪ ﻓﻲ ﺍﻟﺬﺍﻛﺮﺓ، ﺣﻴﺚ ﺻﻤﻢ ﻓﻨﺎﻥ ﻗﺒﻞ ﺣﻮﺍﻟﻲ ﺃﺭﺑﻌﺔ ﺁﻻﻑ ﻋﺎﻡ ﻓﻲ ﺑﺎﺑﻞ ( ﺟﻨﻮﺏ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ) ﻟﻮﺣﺔ ﻣﺠﺴﻤﺔ ﻏﺮﻳﺒﺔ ﻣﺼﻨﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﺨﺎﺭ، ﺗﻘﻒ ﻓﻲ ﻭﺳﻄﻬﺎ ﺇﻻﻫﺔ ﻋﺎﺭﻳﺔ ﻣﺨﻴﻔﺔ ﺗﺘﺨﺬ ﺷﻜﻞ ﺇﻧﺴﺎﻥ، ﻭﻟﻜﻨﻬﺎ ﺗﻤﻠﻚ ﺃﺟﻨﺤﺔ ﻭﺃﻗﺪﺍﻡ ﺑﻮﻣﺔ . ﻭﻷﺟﻞ ﻭﺻﻒ ﻗﻮﺗﻬﺎ ﻓﻘﺪ ﺻﻮﺭﺕ ﻭﻫﻲ ﺗﺪﻭﺱ ﻋﻠﻰ ﺃﺳﺪﻳﻦ ﻋﺠﺎﻑ ﻭﻳﺤﻴﻂ ﺑﻬﺎ ﻃﺎﺋﺮﺍ ﺑﻮﻣﺔ ﺿﺨﻤﺎﻥ ﻳﻘﻔﺎﻥ ﺑﺎﻧﺘﺼﺎﺏ ﻭﻃﻴﺪ ﻭﻭﺟﻬﻬﻤﺎ ﻟﻸﻣﺎﻡ، ﻣﻤﺎ ﻳﻌﻄﻲ ﺍﻻﻧﻄﺒﺎﻉ ﺃﻧﻬﻤﺎ ﺣﺮﺍﺳﻬﺎ ﺃﻭ ﺭﻓﻘﺎﺅﻫﺎ .
ﺃﻣﺎ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ ﻓﻴﻮﺿﺢ ﺍﻟﻜﺎﺗﺐ ﺃﻧﻪ ﺭﻏﻢ ﻋﺪﻡ ﻗﻴﺎﻡ ﺍﻟﺒﻮﻣﺔ ﺑﺪﻭﺭ ﺑﺎﺭﺯ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻟﻤﺼﺮﻱ ﻛﺎﻟﺬﻱ ﺭﺃﻳﻨﺎﻩ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺼﻘﺮ، ﺃﻭ ﻃﺎﺋﺮ ﺃﺑﻮ ﻣﻨﺠﻞ، ﺃﻭ ﺍﻟﻨﺴﺮ، ﻓﺈﻧﻨﺎ ﻧﻌﻠﻢ ﺃﻧﻪ ﻛﺎﻥ ﻳﻨﺎﻝ ﺍﻻﺣﺘﺮﺍﻡ ﻟﻴﺤﻈﻰ ﺑﺸﺮﻑ ﺍﻟﺘﺤﻨﻴﻂ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻨﺎﺳﺒﺎﺕ، ﻏﻴﺮ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺼﺮﻳﻴﻦ ﺭﺑﻄﻮﺍ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺒﻮﻡ ﻭﺍﻟﺮﻭﺡ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ، ﺣﻴﺚ ﻛﺎﻧﺖ ﺭﻭﺡ ﺍﻟﻤﺘﻮﻓﻰ ﻓﻲ ﻣﻌﺘﻘﺪﺍﺗﻬﻢ ﺗﺮﺗﺤﻞ ﻟﻴﻼً ﻓﻲ ﺟﻮ ﻋﻠﻰ ﺷﻜﻞ ﻃﺎﺋﺮ ﺫﻱ ﺭﺃﺱ ﺑﺸﺮﻳﺔ ﻳﺸﺒﻪ ﺇﻟﻰ ﺣﺪ ﻛﺒﻴﺮ ﻃﺎﺋﺮ ﺍﻟﺒﻮﻣﺔ .
ﻭﻋﻦ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﺍﻹﻏﺮﻳﻘﺔ ﻳﺆﻛﺪ ﺍﻟﺒﺎﺣﺚ ﺃﻧﻬﺎ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﺍﻟﺘﻲ ﺷﻬﺪ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﺒﻮﻡ ﺃﻭﺝ ﺗﻘﺪﻳﺮﻩ ﺑﻮﺻﻔﻪ ﻃﺎﺋﺮﺍً ﺭﻣﺰﻳﺎً، ﻭﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﺃﺿﺤﺖ ﺍﻟﺤﻜﻤﺔ ﻭﻃﺎﺋﺮ ﺍﻟﺒﻮﻣﺔ ﺭﺩﻓﻴﻦ . ﻛﻤﺎ ﺃﻥ ﻋﻤﻠﺔ ﺃﺛﻴﻨﺎ ﺷﻬﺪﺕ ﺻﻮﺭﺓ ﺍﻟﺒﻮﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﺣﺪ ﻭﺟﻬﻴﻬﺎ ﻭﺍﻟﺠﺎﻧﺐ ﺍﻵﺧﺮ ﺻﻮﺭﺓ ﺍﻵﻟﻬﺔ، ﻛﻤﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﺒﻮﻣﺔ ﺍﺭﺗﺒﻄﺖ ﺑﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻷﺳﺎﻃﻴﺮ ﺍﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻵﻟﻬﺔ، ﻛﻤﺎ ﻭﺟﺪﺕ ﺻﻮﺭﺓ ﺍﻟﺒﻮﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻷﻭﺍﻧﻲ ﺍﻟﺨﺰﻓﻴﺔ ﺍﻹﻏﺮﻳﻘﻴﺔ .
ﻃﻴﺮ ﻣﻘﺪﺱ
ﻓﻲ ﺭﻭﻣﺎ ﺗﺤﻮﻟﺖ ﺇﻻﻫﺔ ﺃﺛﻴﻨﺎ ﻓﻲ ﺭﻭﻣﺎ ﺍﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻵﻟﻬﺔ ﻣﻴﻨﻴﺮﻓﺎ، ﻓﻌﻨﺪﻣﺎ ﻗﻬﺮﺕ ﺟﻴﻮﺵ ﺍﻟﺮﻭﻣﺎﻥ ﺟﻴﻮﺵ ﺍﻹﻏﺮﻳﻖ، ﺍﺧﺘﺎﺭﻭﺍ ﺟﻤﻴﻌﺎً ﺣﺎﺭﺳﻬﻢ، ﺫﻟﻚ ﺃﻥ ﺇﻻﻫﺔ ﺍﻟﺮﻭﻣﺎﻥ ﻣﻴﻨﻴﺮﻑ ﺗﻤﺘﻠﻚ ﺍﻟﺼﻔﺎﺕ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﺍﻟﺘﻲ ﻟﺪﻯ ﺇﻻﻫﺔ ﺃﺛﻴﻨﺎ ﺍﻹﻏﺮﻳﻘﻴﺔ، ﻟﺬﺍ ﻓﻘﺪ ﺍﺳﺘﻌﺎﺭﻭﺍ ﻃﻴﺮﻫﺎ ﺍﻟﻤﻘﺪﺱ ﻭﺟﻌﻠﻮﻩ ﻷﻧﻔﺴﻬﻢ . ﻋﻨﺪ ﺭﺑﻂ ﻃﺎﺋﺮ ﺍﻟﺒﻮﻣﺔ ﺑﻤﻴﻨﻴﺮﻓﺎ، ﻟﻢ ﻳﺼﺐ ﺍﻟﻨﺠﺎﺡ ﺫﺍﺗﻪ، ﻭﻳﻌﻮﺩ ﺫﻟﻚ ﺇﻟﻰ ﻭﺟﻮﺩ ﺍﻋﺘﻘﺎﺩ ﻃﺎﻍ ﻓﻲ ﺃﻭﺍﺳﻂ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﻟﺮﻭﻣﺎﻧﻲ ﺃﻥ ﺍﻟﺒﻮﻣﺔ ﻣﺨﻠﻮﻕ ﺷﺮﻳﺮ ﺃﻭ ﺭﻣﺰ ﻟﻠﻤﻮﺕ .
ﺧﺎﺻﺔ ﻭﺇﻥ ﺇﺣﺪﻯ ﺍﻟﺨﺮﺍﻓﺎﺕ ﻫﻨﺎﻙ، ﻛﻤﺎ ﻳﺒﻴﻦ ﺍﻟﻤﺆﻟﻒ، ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺘﺤﺪﺙ ﻋﻦ ﺳﺎﺣﺮﺍﺕ ﻟﺪﻳﻬﻦ ﺍﻟﻘﺪﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺤﻮﻝ ﺇﻟﻰ ﺑﻮﻡ ﻟﻴﻨﻘﻀﻮﺍ ﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻃﻔﺎﻝ ﺍﻟﺮﺿﻊ ﺍﻟﻨﻴﺎﻡ ﻭﻳﻤﺼﻮﻥ ﺩﻣﺎﺀﻫﻢ ﻭﻗﺪ ﺟﻌﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻻﻋﺘﻘﺎﺩ ﺍﻟﺒﻮﻡ ﺗﻨﺘﻤﻲ ﺇﻟﻰ ﻋﺎﻟﻢ ﻣﺼﺎﺹ ﺍﻟﺪﻣﺎﺀ . ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻥ ﺳﻤﺎﻉ ﻧﻌﻴﺐ ﺍﻟﺒﻮﻣﺔ ﻳﻌﻨﻲ ﺃﻥ ﺳﺎﺣﺮﺓ ﺗﻘﺘﺮﺏ ﺃﻭ ﺃﻥ ﺃﺣﺪﺍً ﻣﺎ ﻋﻠﻰ ﻭﺷﻚ ﺍﻟﻤﻮﺕ .
ﻭﻳﺪﻟﻒ ﺍﻟﺒﺎﺣﺚ ﺇﻟﻰ ﻣﻨﺤﻰ ﺁﺧﺮ ﻏﺮﻳﺐ ﻭﻃﺮﻳﻒ ﻓﻲ ﻣﺴﻴﺮﺓ ﺍﻟﺒﻮﻡ ﺑﻴﻦ ﺍﻷﺣﻴﺎﺀ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ، ﻭﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺨﺮﺍﻓﺎﺕ ﺍﺳﺘﺨﺪﺍﻣﺎﺗﻪ ﺍﻟﺸﻔﺎﺋﻴﺔ، ﻭﻣﻨﻪ ﻣﺎ ﺗﻀﻤﻨﻪ ﺃﺣﺪ ﺍﻟﻜﺘﺐ ﺍﻟﻄﺒﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﺨﺎﻣﺲ ﻋﺸﺮ ﻣﻦ ﺃﻥ ﻋﻼﺝ ﺍﻟﺠﻨﻮﻥ ﻛﺎﻥ ﻳﺘﻀﻤﻦ ﻭﺿﻊ ﺭﻣﺎﺩ ﻃﺎﺋﺮ ﺑﻮﻣﺔ ﻓﻮﻕ ﻋﻴﻦ ﺍﻟﻤﺠﺬﻭﺏ، ﻭﺍﺭﺗﻜﺰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﻼﺝ ﺍﻟﺘﺠﺮﻳﺒﻲ ﻋﻠﻰ ﻣﺒﺪﺃ ﺃﻥ ﺭﺅﻳﺔ ﻃﺎﺋﺮ ﺍﻟﺒﻮﻣﺔ ﺍﻟﺤﻜﻴﻤﺔ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﺗﻨﺘﻘﻞ ﺑﻬﺬﻩ ﺍﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﺇﻟﻰ ﺭﺅﻳﺔ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺍﻟﻤﺼﺎﺏ ﺑﺎﻟﺠﻨﻮﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺗﻠﻔﺖ ﺭﺅﻳﺘﻪ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺴﻌﻮﺭ .
ﻭﻫﻨﺎﻙ ﺍﻋﺘﻘﺎﺩ ﻣﺸﺎﺑﻪ ﺑﺎﻟﻬﻨﺪ ﻓﻲ ﺃﻛﻞ ﺑﻴﻀﺔ ﺍﻟﺒﻮﻣﺔ ﻟﺘﺤﺴﻴﻦ ﺍﻟﺮﺅﻳﺔ ﺍﻟﻠﻴﻠﻴﺔ، ﻭﻗﺪ ﻓﻀﻞ ﻫﻨﻮﺩ ﺍﻟﺸﻴﺮﻭﻛﻲ ﺃﻥ ﻳﻐﺴﻠﻮﺍ ﺃﻋﻴﻦ ﺃﻃﻔﺎﻟﻬﻢ ﺑﻤﺎﺀ ﻳﺤﺘﻮﻱ ﻋﻠﻰ ﺭﻳﺶ ﻃﺎﺋﺮ ﺍﻟﺒﻮﻣﺔ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﻣﻨﺤﻬﻢ ﺍﻟﻤﻘﺪﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﻬﺮ ﻃﻮﺍﻝ ﺍﻟﻠﻴﻞ .
ﻛﻤﺎ ﻭﺭﺩﺕ ﻋﻦ ﺃﺳﺎﻃﻴﺮ ﻻﺳﺘﺨﺪﺍﻡ ﺍﻟﺒﻮﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻔﺎﺀ ﻣﻦ ﺩﺍﺀ ﺍﻟﺴﻜﺮ، ﻭﺑﻌﺾ ﺣﺎﻻﺕ ﺍﻟﻨﻘﺮﺱ، ﻭﺃﻳﻀﺎً ﻏﻠﻲ ﺩﻫﻦ ﺍﻟﺒﻮﻣﺔ ﻓﻲ ﺗﺨﻠﻴﺺ ﺍﻟﺠﺴﻢ ﻣﻦ ﺍﻵﻻﻡ ﻭﻏﻴﺮﻫﺎ ﻣﻦ ﺍﻷﻋﺎﺟﻴﺐ ﺍﻟﻤﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﻘﺪﺭﺍﺕ ﺍﻟﺒﻮﻣﺔ ﺍﻟﺸﺎﻓﻴﺔ .
ﻣﺠﺮﻡ ﻭﻣﺨﺘﻠﺲ
ﺣﻮﻝ ﺍﻟﺒﻮﻡ ﺍﻟﺮﻣﺰﻳﺔ ﻳﻔﺴﺮ ﺍﻟﺒﺎﺣﺚ ﻛﻴﻒ ﺃﻥ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺍﻟﻤﻘﺪﺱ ﻳﻌﺞ ﺑﻜﺮﻩ ﺍﻟﺒﻮﻡ، ﻭﻫﻨﺎﻙ ﺳﺘﺔ ﻋﺸﺮ ﺫﻛﺮﺍً ﻟﻠﻄﺎﺋﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻬﺪ ﺍﻟﻘﺪﻳﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻮﺭﺍﺓ، ﻣﻌﻈﻤﻬﺎ ﻋﺪﺍﺋﻲ، ﻭﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺘﻔﻖ ﻣﻊ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺷﺎﻋﺖ ﻵﻻﻑ ﺍﻟﺴﻨﻴﻦ ﻋﻦ ﺍﻟﺒﻮﻡ ﺑﻮﺻﻔﻬﺎ ﺭﻭﺣﺎً ﺷﺮﻳﺮﺓ ﺗﺤﻮﻡ ﺑﺼﻤﺖ ﻓﻲ ﺳﻤﺎﺀ ﺍﻟﻠﻴﻞ ﺑﺤﺜﺎً ﻋﻦ ﺿﺤﺎﻳﺎ ﺑﺸﺮﻳﺔ، ﻗﺼﺪ ﺃﻥ ﺗُﻮﻗﻊ ﺑﻬﻢ ﺍﻷﺫﻯ . ﻭﻗﺪ ﻋﺰّﺯﺕ ﺻﻴﺤﺎﺗﻪ ﺍﻟﻐﺮﻳﺒﺔ ﻫﺬﺍ ﺍﻻﻧﻄﺒﺎﻉ، ﻭﺻﺒﻐﺘﻪ ﺑﺴﻤﺔ ﻧﺬﻳﺮ ﺍﻟﻘﺪﺭ ﺍﻟﻤﺸﺆﻭﻡ، ﻭﺍﻟﺪﻣﺎﺭ، ﻭﺍﻟﻬﻼﻙ . ﻭﻷﻧﻪ ﻻ ﻳﺨﺮﺝ ﺇﻻ ﻓﻲ ﺍﻟﻠﻴﻞ، ﻭﻳﺒﻘﻰ ﺻﺎﻣﺘﺎً ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻏﺮﻳﺐ ﺧﻼﻝ ﻃﻠﻌﺎﺗﻪ، ﻓﺈﻧﻪ ﻳﺬﻛﺮﻧﺎ ﺑﺎﻟﻤﺠﺮﻡ ﺍﻟﻤﺨﺘﻠﺲ، ﺃﻭ ﺑﺎﻟﻠﺺ، ﺃﻭ ﺑﺎﻟﻘﺎﺗﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺘﺮﺻﺪ ﺗﺤﺖ ﺟﻨﺢ ﺍﻟﻈﻼﻡ . ﻭﻛﻤﺎ ﺭﺃﻳﻨﺎ، ﻋﻨﺖ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﺍﻟﺒﻮﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻟﻠﺮﻭﻣﺎﻥ ﺍﻟﻘﺪﻣﺎﺀ ﺃﻧﻪ ﻛﺎﻥ ﻳُﺮﻯ ﺭﺳﻼً ﻣﺨﻴﻔﺎً ﻟﻠﻤﻮﺕ . ﻟﻢ ﻳﻨﻔﺮﺩ ﺍﻟﺮﻭﻣﺎﻥ ﺍﻟﻘﺪﻣﺎﺀ ﻭﺣﺪﻫﻢ ﺑﻬﺬﻩ ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﺍﻟﻜﺌﻴﺒﺔ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﻤﺒﺮﺭﺓ ﺍﻟﺒﺘﺔ ﻣﻊ ﺍﻟﺒﻮﻡ ﺍﻟﻤﺴﺎﻟﻢ، ﻭﺍﻟﺒﺮﻱﺀ، ﻭﻗﺎﺗﻞ ﺍﻟﺤﺸﺮﺍﺕ . ﻓﻘﺪ ﺣﻤﻠﺖ ﺛﻘﺎﻓﺎﺕ ﻋﺪﻳﺪﺓ ﺃﺧﺮﻯ ﺍﻟﺸﻌﻮﺭ ﺫﺍﺗﻪ .
ﺗﻮﻇﻴﻒ ﻣﻌﺮﻓﻲ
ﻋﻦ ﺍﻟﺒﻮﻡ ﺍﻟﺸﻌﺎﺭﻳﺔ، ﻳﺒﻴﻦ ﻣﻮﺭﺱ، ﺃﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﻣﻨﻈﻤﺎﺕ ﻛﺜﻴﺮﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺍﻟﺮﺍﻫﻦ ﺗﺴﺘﺨﺪﻡ ﺍﻟﺒﻮﻣﺔ ﺷﻌﺎﺭﺍً ﻋﻠﻰ ﺷﺎﺭﺓ ﺃﻭ ﻋﻠﻢ ﺃﻭ ﻻﻓﺘﺔ ﺃﻭ ﺭﻳﺸﺔ ﺍﻟﺨﻮﺫﺓ ﻟﻴﻮﻓﺮﻭﺍ ﻷﻧﻔﺴﻬﻢ ﺷﻌﺎﺭﺍً ﻣﺮﺋﻴﺎً ﻳﻌﺮﻑ ﺑﻬﻢ . ﻭﻳﻤﻴﺰﻫﻢ ﻋﻦ ﻧﻈﺮﺍﺋﻬﻢ، ﻓﻴﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﺨﺘﺎﺭ ﻧﺎﺩﻱ ﺭﻳﺎﺿﻲ ﺍﻟﺒﻮﻣﺔ ﺑﻮﺻﻔﻪ ﻃﺎﺋﺮﺍً ﺟﺎﺭﺣﺎً، ﻣﺆﻛﺪﻳﻦ ﻋﻠﻰ ﻣﺨﺎﻟﺒﻪ ﺍﻟﺤﺎﺩﺓ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻐﻴﺮ ﻟﻴﻘﺘﻞ ﻭﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﺨﺘﺎﺭﻩ ﻣﺠﺘﻤﻊ ﻣﺜﻘﻒ ﻟﻤﻈﻬﺮﻩ ﻃﺎﺋﺮﺍً ﺣﻜﻴﻤﺎً ﻣﺘﻘﺪﻣﺎً ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻦ ﻟﻴﻮﻇﻔﻪ ﺭﻣﺰﺍً ﻟﻠﻤﻌﺮﻓﺔ، ﻓﻄﺎﺋﺮ ﺍﻟﺒﻮﻣﺔ ﻳﻤﺘﻠﻚ ﺗﺎﺭﻳﺨﺎً ﻃﻮﻳﻼً ﻓﻲ ﺗﻮﻇﻴﻔﻪ ﺷﻌﺎﺭﺍً ﻳﺮﺗﺪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﺴﺎﺩﺱ ﻋﺸﺮ ﻭﻣﺎ ﻗﺒﻞ .
ﻭﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﻣﺎ ﺟﺎﺀ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺏ ﺟﻴﻠﻮﻡ ﻻﺑﻴﺮﻳﺮ " ﻣﻮﺭﻭﺳﻮﻓﻲ، "1553 ، ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﺪ ﺃﻭﻝ ﻛﺘﺎﺏ ﺷﻌﺎﺭﺍﺕ ﺛﻨﺎﺋﻲ ﺍﻟﻠﻐﺔ؛ ﺇﺫ ﻛﺘﺐ ﻧﺼﻪ ﺑﺎﻟﻼﺗﻴﻨﻴﺔ ﻭﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ، ﻳﻈﻬﺮ ﻓﻲ ﺇﺣﺪﻯ ﺍﻟﺮﺳﻮﻡ ﺯﻭﺝ ﺗﺘﻤﻠﻜﻬﺎ ﺻﺪﻣﺔ ﻟﺪﻯ ﺍﺳﺘﻴﻘﺎﻇﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻮﻡ ﻋﻠﻰ ﻧﻌﻴﺐ ﺑﻮﻣﺔ ﻏﺮﻳﺐ ﻳﺠﺜﻢ ﻋﻠﻰ ﺷﺠﺮﺓ ﺃﻣﺎﻡ ﺑﺎﺑﻬﻢ ﺗﻤﺎﻣﺎً . ﻧﻘﺮﺃ ﻓﻲ ﺗﺮﺟﻤﺔ ﺍﻟﻨﺺ : " ﻛﻤﺎ ﻳﺮﻏﺐ ﺍﻟﻄﺎﺋﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻐﻤﻐﻢ ﺗﺤﺖ ﺟﻨﺢ ﺍﻟﻠﻴﻞ ﺍﻟﺤﺎﻟﻚ ﻟﻘﺾ ﻣﻀﺎﺟﻊ ﺃﻭﻟﺌﻚ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻬﻨﺆﻭﻥ ﺑﺎﻟﻨﻮﻡ . ﻛﺬﻟﻚ ﻳﻔﻌﻞ ﺍﻟﻠﺴﺎﻥ ﺍﻟﺸﺮﻳﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺮﻏﺐ ﺑﺴﻜﺐ ﺍﻟﺴﻢ ﺍﻟﺸﺮﻳﺮ ﻟﺘﻨﻮﺡ ﺍﻟﻌﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﻠﻴﻤﺔ ﻟﻔﻘﺪ ﻫﺪﻭﺋﻬﺎ " ، ﺇﺫﺍً ﻣﻦ ﺍﻟﻮﺍﺿﺢ ﺃﻥ ﺍﻟﺒﻮﻣﺔ ﻳﺼﻮّﺭ ﻫﻨﺎ ﻣﺨﻠﻮﻗﺎً ﻟﻴﻠﻴﺎً ﻣﺸﺆﻭﻣﺎً ﻳﻘﻀﻲ ﻣﻀﺎﺟﻊ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﻟﻬﺎﺟﻊ ﺍﻟﺼﺎﺩﻕ ﺑﺼﺮﺧﺎﺗﻪ ﺍﻟﻐﺮﻳﺒﺔ ﺍﻟﻤﺮﻋﺒﺔ .
ﺷﻌﺎﺭﺍﺕ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ
ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺏ ﺁﺧﺮ ﻋﻦ ﺍﻟﺸﻌﺎﺭﺍﺕ ﺻﺪﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻡ 1635 ﻓﻘﺪ ﺿﻤﻦ ﺍﻟﺒﻮﻣﺔ ﻓﻲ ﺷﻌﺎﺭﺍﺕ ﻋﺪﻳﺪﺓ ﻣﻨﻬﺎ ﻓﻴﻈﻬﺮ ﺃﺣﺪﻫﺎ ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺒﻮﻣﺔ ﺑﺄﺟﻨﺤﺔ ﻣﻔﺮﻭﺩﺓ ﻳﻘﻒ ﻋﻠﻰ ﻗﻤﺔ ﻛﺎﺩﻳﻮﺳﻴﻮﺱ؛ ﻭﻫﻲ ﻋﺼﺎ ﻋﻠﻰ ﺷﻜﻞ ﺃﻓﻌﻰ ﻣﻠﺘﻔﺔ ﺣﻮﻝ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﺃﺻﺒﺤﺖ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ ﺭﻣﺰﺍً ﻟﻠﻄﺐ . ﻭﻳﻘﻒ ﻣﻴﺮﻛﻮﺭﻱ ﻭﺑﺎﻻﺱ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺠﺎﻧﺒﻲ، ﻳﺤﻤﻞ ﻛﻞ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﻗﺮﻥ ﺍﻟﺨﺼﺐ . ﻳﺮﻣﺰ ﺍﻟﺒﻮﻣﺔ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻠﻴﻞ، ﺃﻣﺎ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻖ ﺍﻟﺬﻱ ﺭﺍﻓﻖ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﻓﻜﺎﻥ : " ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﺗﺠﻠﺐ ﺃﻋﻤﺎﻟﻚ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻨﻮﺭ، ﺗﻔﺤﺼﻬﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﻠﻴﻞ ." ﺑﻤﻌﻨﻰ ﺃﻥ ﺗﻔﻜﺮ ﺟﻴﺪﺍً ﺑﻤﺎ ﺗﻘﻮﻝ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﺗﻬﺮﻉ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﻄﺒﻌﺔ .
ﻭﻳﺼﻮﺭ ﺷﻌﺎﺭ ﺑﻮﻣﺔ ﺛﺎﻟﺚ ﺍﻟﺒﻮﻣﺔ ﺭﻣﺰﺍً ﻟﻠﺤﻜﻤﺔ ﻭﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻢ . ﻓﻴﻈﻬﺮﻩ ﻭﺍﻗﻔﺎً ﻓﻮﻕ ﻛﺘﺎﺏ ﻣﻔﺘﻮﺡ، ﻭﻳﺠﻲﺀ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻖ : " ﺑﺎﻟﺪﺭﺍﺳﺔ ﻭﺍﻟﻴﻘﻈﺔ، ﻧﻤﺘﻠﻚ ﺟﻮﻫﺮ ﺍﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ."
ﺍﻟﺒﻮﻡ ﻭﺍﻟﻔﻨﻮﻥ
ﻳﻌﺮﺝ ﺍﻟﻤﺆﻟﻒ ﻋﻠﻰ ﻣﻮﺿﻮﻉ ﺁﺧﺮ ﺃﻻ ﻭﻫﻮ ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺒﻮﻡ ﻭﺍﻟﻔﻨﺎﻧﻴﻦ ﻓﻴﻘﻮﻝ ﻻﺑﺪ ﺃﻥ ﻟﻮﺣﺎﺕ ﺍﻟﺒﻮﻡ ﺗﻌﺪﺕ ﻛﺜﻴﺮﺍ ﻟﻮﺣﺎﺕ ﺃﻱ ﻃﺎﺋﺮ ﺁﺧﺮ، ﻷﻥ ﺷﻜﻠﻪ ﺳﻬﻞ ﺍﻟﺮﺳﻢ، ﻓﻜﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻳﺸﻌﺮ ﺑﺮﻏﺒﺔ ﻓﻲ ﺭﺳﻤﻪ، ﻭﺗﻠﻮﻳﻨﻪ، ﺃﻭ ﻗﻮﻟﺒﺘﻪ، ﺃﻭ ﻧﺤﺘﻪ . ﻓﻬﻨﺎﻙ ﻟﻮﺣﺎﺕ ﺍﻟﺒﻮﻡ ﺍﻟﻌﺎﻃﻔﻴﺔ، ﻭﺍﻟﻴﻮﻡ ﺍﻟﻜﺮﺗﻮﻧﻴﺔ، ﻭﺍﻟﺒﻮﻡ ﺍﻟﻤﺮﺳﻮﻣﺔ ﺑﻤﻬﺎﺭﺓ ﻓﻨﻴﺔ ﺑﺴﻴﻄﺔ، ﻭﺍﻟﺒﻮﻡ ﺍﻟﻈﺮﻓﻴﺔ، ﻭﺍﻟﺒﻮﻡ ﺍﻟﻬﺰﻟﻴﺔ . ﺇﺿﺎﻓﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺮﺳﻮﻣﺎﺕ، ﻭﺍﻟﻠﻮﺣﺎﺕ، ﻭﺍﻷﺷﻜﺎﻝ، ﻇﻬﺮﺕ ﺻﻮﺭﺓ ﺍﻟﺒﻮﻣﺔ ﻣﺮﺍﺭﺍً ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻭﺍﻧﻲ ﺍﻟﻤﻨﺰﻟﻴﺔ، ﻭﻗﺪ ﻭﺿﻌﺖ ﻛﺘﺐ ﻛﺎﻣﻠﺔ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﻘﺘﻨﻴﺎﺕ ﺍﻟﺒﻮﻣﻴﺔ ) .
ﻏﻴﺮ ﺃﻧﻪ ﻳﺬﻫﺐ ﺇﻟﻰ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﻨﺎﻧﻴﻦ ﺍﻟﻘﺪﺍﻣﻰ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺃﻭﻟﻮﺍ ﺍﻟﺒﻮﻡ ﺍﻫﺘﻤﺎﻣﺎً ﺧﺎﺻﺎً ﻓﻲ ﺃﻋﻤﺎﻟﻬﻢ ﻭﻫﻮ ﻫﻴﺮﻭﻧﻴﻤﺲ ﺑﻮﺱ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﺪ ﺃﺷﺪ ﺃﺳﺎﻃﻴﻦ ﺍﻟﻔﻦ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﻴﻦ ﺧﻴﺎﻻً ﻛﺌﻴﺒﺎً ﻗﺎﺗﻤﺎً، ﺣﻴﺚ ﻭﻇﻒ ﺻﻮﺭﺓ ﺍﻟﺒﻮﻣﺔ ﻣﺮﺍﺭﺍً ﻭﺗﻜﺮﺍﺭﺍً ﻓﻲ ﺃﻋﻤﺎﻟﻪ ﻭﺃﺿﻔﻰ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻧﻮﻋﺎً ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﺍﻟﺮﻣﺰﻳﺔ ﺗﻘﺮﻳﺒﺎً . ﻳﻈﻬﺮ ﺃﺣﺪ ﺑﻮﺍﻛﻴﺮ ﺃﻋﻤﺎﻟﻪ ﺑﻮﻣﺔ ﻣﺤﺪﻗﺎً ﻣﻦ ﻛﻮﺓ ﻓﻮﻕ ﺍﻟﺒﺎﺏ ﺑﻘﻮﺓ ﺷﺪﻳﺪﺓ؛ ﺃﺣﺪ ﻣﺸﺎﻫﺪ " ﺍﻟﺨﻄﺎﻳﺎ ﺍﻟﺴﺒﻊ ﺍﻟﻘﺎﺗﻠﺔ " ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺗﻤﻬﺎ ﻓﻲ ﺳﺒﻌﻴﻨﺎﺕ ﺃﻭ ﺛﻤﺎﻧﻴﻨﻴﺎﺕ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﺨﺎﻣﺲ ﻋﺸﺮ . ﻳﻨﻈﺮ ﺍﻟﻄﺎﺋﺮ ﻣﺘﻴﻘﻈﺎً ﻧﺤﻮ ﺍﻷﺳﻔﻞ ﺇﻟﻰ ﻣﺸﻬﺪ ﺟﺸﻊ ﻭﺳﻜﺮ ﺑﺸﺮﻱ ﻣﻔﺮﻃﻴﻦ . ﻭﻭﻓﻘﺎً ﻟﻠﻤﺆﺭﺥ ﺍﻟﻔﻨﻲ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ، " ﻓﺈﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺒﻮﻣﺔ ﺍﻟﻤﺤﺪﻕ ﻳﻌﺪ ﺭﻣﺰﺍً ﻷﻭﻟﺌﻚ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻔﻀﻠﻮﻥ ﻇﻠﻤﺔ ﺍﻟﺨﻄﻴﺌﺔ ﻭﺍﻟﻬﺮﻃﻘﺔ ﻋﻠﻰ ﻧﻮﺭ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ ."
ﻭﻭﻇﻒ ﻓﻲ ﻋﻤﻞ ﻣﺒﻜﺮ ﺍﻷﺩﺍﺓ ﺫﺍﺗﻬﺎ؛ ﺑﻮﻣﺔ ﻳﺤﺪﻕ ﻟﻸﺳﻔﻞ ﺇﻟﻰ ﻣﺸﻬﺪ ﺍﻟﻔﺴﻮﻕ ﻭﺍﻟﻔﻮﺿﻰ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ . ﻭﻳﻄﻠﻌﻨﺎ ﻓﻲ " ﺳﻔﻴﻨﺔ ﺍﻷﻏﺒﻴﺎﺀ " ﻋﻠﻰ ﺭﺍﻫﺐ ﻭﺭﺍﻫﺒﺘﻴﻦ ﻳﺴﺘﻤﺘﻌﻮﻥ ﺑﺠﻠﺴﺎﺕ ﺳﻜﺮ ﻭﺃﻟﻌﺎﺏ ﻣﺎﺟﻨﺔ ﻣﻊ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﻼﺣﻴﻦ . ﻭﻗﺪ ﺃﺧﺮﺝ ﺷﺮﺍﻉ ﻗﺎﺭﺑﻬﻢ ﺍﻟﺼﻐﻴﺮ ﺷﻄﺄﻩ ﻋﻠﻰ ﻏﺼﻮﻥ ﺍﻟﺸﺠﺮﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺠﺜﻢ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻟﺒﻮﻣﺔ ﺍﻟﺠﻠﻴﻞ، ﻣﻦ ﺍﻟﻮﺍﺿﺢ ﺃﻥ ﺍﻟﺒﻮﻣﺔ، ﺻﻮّﺭ ﻫﻨﺎ ﻣﺮﺓ ﺃﺧﺮﻯ ﺑﺸﻜﻞ ﻭﺍﺿﺢ ﺭﻣﺰﺍً ﻟﻴﻼً ﻟﻠﺸﺮ ﺍﻟﻤﻈﻠﻢ .
ﺣﺎﺳﺔ ﻣﺪﻫﺸﺔ
ﻻ ﻳﺘﻤﻜﻦ ﺍﻟﺒﻮﻣﺔ ﺃﺣﻴﺎﻧﺎً ﻣﻦ ﺭﺅﻳﺔ ﻓﺮﻳﺴﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺭﺅﻳﺘﻪ ﺍﻟﺪﻗﻴﻘﺔ ﺍﻟﻤﺪﻫﺸﺔ ﺑﻌﻴﺪﺓ ﺍﻟﻤﺪﻯ . ﻓﻴﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﺗﺨﺘﺒﺊ ﺿﺤﻴﺘﻪ ﺍﻟﻤﻘﺼﻮﺩﺓ ﺗﺤﺖ ﺑﺴﺎﻁ ﻣﻦ ﺍﻷﻭﺭﺍﻕ - ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﻤﺜﺎﻝ - ﺣﻴﻨﻬﺎ ﻳﺒﻘﻰ ﺍﻟﻤﻔﺘﺎﺡ ﺍﻟﻮﺣﻴﺪ ﻟﻤﻜﺎﻧﻬﺎ ﻫﻮ ﺻﻮﺕ ﺍﻟﺤﻔﻴﻒ ﺍﻟﺨﺎﻓﺖ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﺤﺪﺛﻪ . ﻫﻨﺎ ﻳﺠﻲﺀ ﺩﻭﺭ ﺣﺎﺳﺔ ﺍﻟﺒﻮﻣﺔ ﺍﻟﺴﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻟﻴﺔ . ﻓﻘﺪ ﺃﻇﻬﺮﺕ ﺗﺠﺎﺭﺏ ﺃﺟﺮﻳﺖ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﻮﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺨﺘﺒﺮﺍﺕ، ﺃﻥ ﺣﺎﺳﺔ ﺍﻟﺴﻤﻊ ﻟﺪﻳﻬﺎ ﺗﻔﻮﻕ ﺣﺎﺳﺔ ﺍﻟﺒﺸﺮ ﺑﻌﺸﺮ ﻣﺮﺍﺕ . ﻭﻗﺪ ﻛﺸﻔﺖ ﺍﺧﺘﺒﺎﺭﺍﺕ ﺃﺧﺮﻯ ﺃﻥ ﺑﻮﻡ ﺍﻟﺤﻈﺎﺋﺮ ﺗﺘﻤﻜﻦ ﻣﻦ ﺭﺻﺪ ﺍﻟﻔﺌﺮﺍﻥ ﻭﻗﺘﻠﻬﺎ ﺣﺘﻰ ﻓﻲ ﺍﻟﻈﻼﻡ ﺍﻟﻤﻄﺒﻖ، ﺷﺮﻳﻄﺔ ﺃﻥ ﺗﺤﺪﺙ ﺿﺤﺎﻳﺎﻫﺎ ﻧﻮﻋﺎً ﻣﻦ ﺍﻟﺤﻔﻴﻒ ﺃﻭ ﺃﻥ ﺗﻀﻲﺀ .
ﻋﺎﺟﺰ ﻭﻣﺤﻴﺮ..
ﺃﻛﺜﺮ ﺃﻧﻮﺍﻉ ﺍﻟﺒﻮﻣﺔ ﺇﺛﺎﺭﺓ ﻟﻠﺤﻴﺮﺓ، ﻫﻮ ﺑﻮﻣﺔ ﺑﺎﻫﺎﻣﺎﺕ ﺍﻟﻜﺒﻴﺮ ﺍﻟﻤﻨﻘﺮﺽ ﺍﻟﺬﻱ ﻋُﺮﻑ ﻣﻦ ﺃﺟﺰﺍﺀ ﺃﺣﺎﻓﻴﺮ ﻟﻪ . ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﻮﻉ ﺍﻟﻤﻨﻘﺮﺽ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺸﺎﺭ ﺇﻟﻴﻪ ﺃﻳﻀﺎً ﺑﺒﻮﻣﺔ ﺣﻈﺎﺋﺮ ﺟﺰﻳﺮﺓ ﺃﻧﺪﺭﻭﺱ ﺃﻭ ﺑﻮﻣﺔ ﺣﻈﺎﺋﺮ ﺑﺎﻫﺎﻣﺎﻥ ﻛﺎﻥ ﻗﺮﻳﺒﺎً ﻟﺒﻮﻣﺔ ﺍﻟﺤﻈﺎﺋﺮ ﺍﻟﺸﺎﺋﻊ ﻓﻲ ﺯﻣﻨﻨﺎ ﺍﻟﺮﺍﻫﻦ . ﻭﻗﺪ ﻛﺎﻥ ﻋﻤﻼﻗﺎً ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺒﻮﻡ، ﻳﺒﻠﻎ ﻃﻮﻟﻪ ﻣﺘﺮﺍً ( 39 ﺇﻧﺶ ) ﻭﻗﺪ ﻓﻘﺪ ﺍﻟﻘﺪﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻄﻴﺮﺍﻥ . ﻛﺎﻥ ﻳﻌﻴﺶ ﻓﻲ ﻏﺎﺑﺎﺕ ﺍﻟﺼﻨﻮﺑﺮ ﺍﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ﻓﻲ ﺟﺰﻳﺮﺓ ﺃﻧﺪﺭﻭﺱ، ﺍﻟﺠﺰﻳﺮﺓ ﺍﻷﻛﺒﺮ ﻓﻲ ﺑﺎﻫﺎﻣﺎﺱ، ﻭﻛﺎﻥ ﻳﻌﺸﺶ ﻓﻲ ﺟﺤﻮﺭ . ﺣﺎﻭﻝ ﺍﻟﺒﻘﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﻗﻴﺪ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻣﻊ ﻭﺻﻮﻝ ﺍﻷﻭﺭﻭﺑﻴﻴﻦ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﺴﺎﺩﺱ ﻋﺸﺮ ﺣﺘﻰ ﺃﻗﺪﻣﻮﺍ ﻋﻠﻰ ﺇﺯﺍﻟﺔ ﻏﺎﺑﺎﺗﻪ، ﻓﺎﺧﺘﻔﻰ ﺑﺴﺮﻋﺔ...
من_عدة_مصادر
خارج الموضوع تحويل الاكوادإخفاء الابتساماتإخفاء