نور الكلمات ( الجزء الأول ) ..
"القصة هي التي تكتبني ، ولست أنا من يكتبها" ...
هذا التماهي اللائق مع محمد عزوز كاتب القصة القصيرة ، الذي استطاع ان يفرد جوانحه كنسر محلق في سماء الابداع ، فرؤيته العميقة للواقع تلامس مشاعر وأحاسيس القارئ فتترك أثرها الاخاذ في نفسه .. كيف لا وقد اصبغت مدينة القدموس بنفحاتها على كتاباته ، فهي مسقط رأسه عام 1958 ، ومدينة سلمية التي عاش بها ، متنقلا بين الطبيعة الخلابة للقدموس وطبيعة سلمية الساحرة ، فتبلور انتاجه بأربع مجموعات قصصية منطقية مستوحاة من الواقع المعاش ..
الاولى بعنوان ( ويبدا الهمس ) عام 1995 ، والثانية بعنوان ( زاروب العين ) عام 1997 ،
والثالثة بعنوان ( قرط خدوج ) عام 2004 ، والرابعة بعنوان ( حروف الدمع ) عام 2010 .
( قصص مدينتين ) عام 2002 لمجموعة قاصين وقاصات من محافظتي حمص وحماه ، وكتاب ( وجوه ومرايا ) عام 2005 الذي تضمن مختارات من القصة السورية في مطلع الالفية .
كما صدر له عام 2010 كتاب انطباعي بعنوان ( شعراء سلمية ).
تم اللقاء مع القاص محمد عزوز في الرابطة الثقافية المعرفية .. وكان الحوار التالي :
السؤال الاول : الموهبة هبه من الله .. حدثنا متى ظهرت أولى مواهب محمد عزوز في كتابة القصة ؟
* محمد عزوز : بدأت مواهبي الكتابية بالشعر وليس بالقصة ، والحقيقة أنني عندما تعلمت العروض في الصف الاول الثانوي بهرتني .. واعجبت كثيرا بالتفعيلات الشعرية ، فكانت رغبتي في تقليدها ممزوجا بهوايتي الكتابية المحدودة .. وفعلا بدأت بكتابة الشعر النثري في البداية ثم نظمته بالطريقة العمودية فنتج مايمكن أن اسميه قصائد نشرت لاحقا .. لكن هذه القصائد غير كافية للتعبير عما يجول بداخلي وخاطري ، إذن .. انا بحاجة إلى شيء اكبر وأهم أعبر به عن نفسي ، ومن هنا بدأت كتابة القصة بشكل تخيلي .. لم أكن واقعيا كما أوسم الآن بالكتابة الواقعية ، فعندما كنت أتخيل شيئا ما واكتبه لم يكن هذا مقنعا لي ، فأسميتها كتابات للتمزيق .. استمر ذلك الى عام ١٩٧٩ ، وبهذا العام بدأت الكتابة القصصية الممكنة النشر .. وطبعا نشرت قصتي الاولى وعنونها ( أغنية العصر ) عام ١٩٧٩ في مجلة صوت العرب اللبنانية ، تتحدث القصة عن شاب وفتاة متحابين لكن فقر الشاب يدفعها لاختيار شاب اخر غني .. هذه القصة الكلاسيكية التي تقهر الشبان دائما .. هذه كانت اول تجربتي في كتابة القصة .
السؤال الثاني : إن العمق الدال على الأبعاد السياسية والاجتماعية والنفسية التي تتسم بها القصة المتميزة (شفاه تتلمظ ) .. إلا أن قرار العصفور بالموت للتخفيف من مأساته المحتمة .. هل هو تعمد الانزياح عن الواقعية ، أم هو وسيلة لإفشال توقعات القارىء للوصول إلى خاتمة مؤثرة ؟
* محمد عزوز : لم يقرر هذا العصفور الموت ، فهو لايستطيع ان يفكر مثلنا نحن البشر ، بل انه دفع اليه .. فالموت اصبح بالنسبة له رحمة بعد تعرضه لأنواع العذاب من نتفٍ لريشه وملصٍ لرقبته وبقرٍ لبطنه وهذا شنيع جدا ..
انني امقت اصطياد العصافير فالعصفور شيء جميل في حياتنا وهو كائن يمتعنا بشكله الجميل وصوته العذب فيأتي من يصيده ، ويذهب برحلات صيد ، والاكثر من ذلك انهم يقومون بتحضيره كوجبة غذائية .. وجبة ؟؟؟ !!!
أنا أمقت هذا الكلام كثيرا وكم هذا يؤثر في نفسي .. كتبت في مكان آخر عن مسألة العصافير ، لكن هذه القصة واقعية ، ففي أيام الشتاء يلجأ العصفور الى البيوت والنوافذ طلبا للدفء وبحثا عن الطعام وهذا يؤدي به الى موته المجاني بلا فائدة ، حتى انهم حاولوا أن يصنعوا منه وجبة ولم يستفيدوا شيء وهذا معنى شفاه تتلمظ دون فائدة أي دون أن تتذوق شيئا .
( يتبع ) ...
تحقيق : الإعلامية رؤى حيدر
خارج الموضوع تحويل الاكوادإخفاء الابتساماتإخفاء