pregnancy

لو عاد الحسين عليه السلام










لو عاد الحسين عليه السلام 
.....................................................

مع ذكرى عاشوراء تظهر في المخيلة صورة الحسين ثائرا مقاتلا ثم شهيدا؛ هذا الحدث الجلل الذي أعاد رسم التاريخ المشرقي عموما والإسلامي على وجه الخصوص.
معظمنا يعلم بأن الحسين عليه السلام لم يثر رغبة منه بالسلطة أو الحكم أو توطيدا لمكانة آل البيت الروحية بمكانة أخرى سياسية 
معظمنا متأكد ان الحسين لم يكن طالبا للمجد أو الشهرة أو المال بل كان محاربا من أجل تصحيح المسار السياسي للإسلام بعد أن انحرف عن جادته الرشيدة التي أسسها في الحكم بعد الرسول محمد صلى الله عليه وسلم كل من أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان رضي الله عنهم وأرضاهم ثم الإمام علي بن ابي طالب عليه السلام.
 هؤلاء لم يقيموا الإسلام على الطغيان والترهيب والترغيب بالمال أو بالسلطة بل أقاموه على العدل والشورى والمناقبية، فيقول الخليفة الرشيد عمر رضي الله عنه ((والله لو أن دابة في العراق تعثرت لسئلت عنها )) 
هذا الخط الإسلامي الرشيد تحول رأسا" على عقب مع الانقلاب الأموي، فحل الطغيان محل الشورى، والقبلية محل المناقبية والخلق، وحلت سطوة المال والذهب محل الزهد والورع.
وبالتالي فرغ الإسلام السياسي من مضمونه ليتحول إلى مظاهر وعبادات ومناسبات دينية وحسب؛ مع استثناءات نادرة كانت تظهر بين الحين والآخر لم تؤثر على التوجه الانحداري العام للمضمون الإسلامي مثل استثناء الخليفة الأموي عمر بن عبد العزيز.

قام الحسين ليعيد توجيه البوصلة إلى الاتجاه الصحيح أي لإعادة العدل والمساواة والشورى، لكن الطغاة استطاعوا خنق ثورته العظيمة في المهد، كانت ثورته ثورة اجتماعية حقيقية لاعادة نهوض المجتمع وإعادة العدالة الاجتماعية والتوزيع الاقتصادي العادل، والأهم من ذلك كله استعادة روح الإسلام؛ ولأنه لم يكن مغامرا بل واعيا لتحركه اصطحب كل أسرته وعائلته في هذه النهضة الوجدانية السياسية، مثبتا بذلك يقينية ما يفعل ومصيرية ما عزم عليه سواء على مستوى الأمة ككل أو على المستوى الشخصي والعائلي. 
كان الحسين حفيدا مخلصا لتعاليم جده النبوية ومجتهدا فطنا للخطر الذي يتهدد الأمة، وكان يعلم أن الثمن كبير لإعادة النهوض المشرقي والإنساني في آن معا، لكنه يدرك بالوقت نفسه أنه على الأقل سيرسم الطريق وسيحفر بدماءه ومن معه المسار الصحيح للأمة من بعده؛ لكن الأجيال أهدرت دم الحسين وعبثت بمعاني تحركه السامية وفضلت المال على الله والباطل على الحق والكسل على الحركة والفعل.
الأجيال التي تلت الحسين تقاعست عن دماءه ونهضته، ففريق نسى الشهادة وفريق آخر حول دماء الحسين إلى (قميص عثمان ثان) وراح يصرخ للثأر  من القتلة.
لو عاد لحسين لضحك منا
 فريق نسى الثورة الحسينية ولم يعد يذكر الحسين إلا كما يذكر السموأل، وفريق حول الحسين إلى منارة من نار يطوف حولها أصحاب الثأر
 فريق أهمل حتى أصبح الحسين أحد التابعين، وفريق غالى حتى أصبح الحسين نظيرا للنبوة، بين هذا وذاك ضاعت الثورة الإسلامية الحقيقة وضاع فكر آل البيت النجيب المحب الفطن فوقعنا في التمزق والاختلاف والإرهاب والمفاسد واليأس.
الحسين وثورته للجميع لكل المسلمين (سنة وشيعة) ولكل المؤمنين مسلمين ومسيحيين  وآخرين . 
ثورة الحسين للإنسانية جمعاء نظرا للمعاني والدلالات السامية التي قامت عليها، وبالتالي ليس لطرف أن يدعي بأحقيته بالحسين، ولا لطرف آخر أن يلمز بأنه من الذين أوقفوا تحرك الحسين، لأن الحسين كان لهم جميعا مناضلا وموحدا، مضحيا في سبيل الله من أجل البلاد والعباد. 

لو عاد الحسين لبكى علينا، نتراشق بالتهم والشتائم والافتراءات، نتراشق بالدم والكذب والتزوير، نتحالف مع أعداء الأمس وأعداء الأمم وأعداء الإنسانية ليتغلب فريق منا على الآخر.
وحينما خرج الحسين لم يكن (سنيا ولا شيعيا) بل كان مؤمنا مسلما محمديا. وحينما ثار لم يهدف إلى فرقتنا بل إلى توحيدنا على الحق للأسف نحن من حول قيامة الحسين إلى هباء منثورا أو إلى شعائر غريبة وهكذا قتلناه مرتين.
لو عاد الحسين لقاتل من جديد لأن مدرسة قاتليه في القتل والطغيان والفساد باتت معممة على الجميع، على الطرفين، ولأن الروم واليهود استباحوا كل شيء، ولأن (سوى الروم) من الخونة يصولون ويجولون في أرجاء الاوطان والمعمورة
لو عاد الحسين لقاتلوه جميعا فهو بنظرهم خارج عن الحسبة وخارج عن القانون الدولي وخارج عن الطائفة.
هذا هو الحسين وهذا  نحن.
الحسين لنا وقام لأجلنا فلماذا لا نستعيده؟
اذا اتفقت ضمائرنا على ذلك فإستعادة الحسين لا تتم بالخطب والشعائر بل بوقفة وجدانية مع الذات لنعرف أنفسنا أولا ثم لمعرفة أعدائنا الحقيقيين ثانيا ثم لتحويل الحسين إلى ثورة أفعال وبناء وتنظيف مستمرة ودائمة. 

فليس المطلوب منا نحول الحسين إلى وثن جديد نضيفه إلى أوثاننا العتيقة 
والحديثة بل المطلوب أن نتمثله روحا وعقلا وفعلا، وبذلك نكون قد استعدنا الحسين والحسين استعادنا، حينها فقط يكون قد عاد حقا.
علي حسين الحموي

خارج الموضوع تحويل الاكوادإخفاء الابتساماتإخفاء

:)
:(
=(
^_^
:D
=D
=)D
|o|
@@,
;)
:-bd
:-d
:p
:ng
:lv
شكرا لتعليقك
Loading...