حول (التعدّدية)، و(الانغلاق)
.......................................................................................
تشعّبت الآراء وكثرت المقاربات حول (التعدّدية)، و(الانغلاق)، باعتبارهما ثقافتين وعقليّتين متناقضتين، لهما بالغ الأثر على الحياة الإنسانية؛ إيجابا أو سلبا...
إلا أنّ رأيا بات يكتسح الأذهان والعقول، يفتقد الكثير من العمق والواقعيّة، و"يقوى" من خلال الترويج القائم على كثير من المغالطات، والسطحيّة، والقبول الانفعالي!!
فمن المعروف أنّ الحكم على منهج ما بالانغلاق، لايتمّ بالصورة العلمية الوازنة إلا في مواقع التشدّد وبيئاته، حيث تأبى ذهنيّة الانغلاق إعمال العقل والاستدلال في الفكر أوالرأي أوالمعتقد الذي يؤمن به فرد أو جماعة، كما أنها ذهنيّة تدين كل من يخالفها، ويفرض من يحملها معتقده بالقوّة على الآخرين مع استعداده لمواجهة من يخالفه بالعنف!
بناء على ماتقدّم لايمكن اتّهام كل من ينتمي إلى رؤية أواتّجاه ما، ويجزم بأنّه يمثّل الحقيقة وطريق الخلاص، بالانغلاق والتشدّد ؛ ذلك أنّ مجرّد الاعتقاد بعيدا عن أجواء التشدّد المذكورة أعلاه، لايمكن القول بشذوذ صاحبه وانحرافه عن سمت الطبيعة الإنسانيّة التي نستمدّ منها شغفنا الدائم بوحدة الحقيقة وتفرّدها. غاية الأمر أنّ البعض قد يتبنّى رؤيته رافضا التفاعل الحواريّ العقلانيّ مع الفكر المخالف، مستخفّا بغير ما يعتقد، حتى وإن تبيّن زيف ما يؤمن به!! الأمر الذي يخرجه عن المألوف الفطري، ويسيء بذلك إلى قيم الإنسان في الاستقلال وحريّة الاختيار. في حين أنّ البعض الآخر يعيش في انتمائه موطّنا نفسه على أنّ قيمة الفكر الذي اعتنقه، إنّما نشأت من المعايير المنطقيّة والموضوعية التي ميّزته ورجّحته على غيره، لكنه ،بالرغم من ذلك، لايرى غضاضة في قبول الآخر والعيش معه تحت مظلّة واحدة وإن اختلف معه، ليقرّ بالتعدّدية بهذا اللحاظ.
من يظنّ أنّ التعدّدية في (اللاإنتماء) أو (تعدّد الحقيقة) يعيش الانغلاق في الوقت الذي يقرع طبول الحرب لمواجهته!!
جمال صالح جزان
خارج الموضوع تحويل الاكوادإخفاء الابتساماتإخفاء