pregnancy

قسطاكي الحمصي






... قسطاكي الحمصي ( 1858 - 1941 )
................................................................................. ...
الشاعر والفيلسوف و الأديب السوري و الحلبي ، رائد الأدب المقارن في الوطن العربي والناقد العربي الأول

 قدمت حلب لسورية والعالم العربي خلال النصف الثاني من القرن التاسع والنصف الأول من القرن العشرين أسماء كان لها أثر كبير في عملية التنوير والنهضة السوريين, في الفكر والصحافة والادب والتنظير .. تأثروا وأثروا في حركات اليقظة القومية وتواصلوا مع الثقافة الاوروبية مما فتح امام سورية ابواب العالم لتتعرف على حركات التحرر في اوروبا وخاصة أفكار الثورة الفرنسية.
ولاشك ان الناقد والشاعر والاديب والفيلسوف " قسطاكي الحمصي " كان أحد أهم الأسماء الحلبية التي تبنت مشروعا نهضوياً علمانيا تنويريا لسورية.. فقد فتح أمام حلب وسورية الأبواب أمام الثقافة الأوروبية, وشرع أمام أبناء بلده النوافذ للتعرف على المبادئ المدنية والحرية والعدالة والمساواة.
٠ ولد في الرابع من شباط عام ( 1858 )
وهو اول من ادخل مفهوم النقد بشكله العلمي الحديث الى العالم العربي
توفي والده يوسف الحمصي عندما كان قسطاكي في الخامسة من عمره فربته أمه سوسان الدلاّل شقيقة الأديب جبرائيل الدلاّل, وكانت سيدة مثقفة.
أصله من حمص، فقد هاجر أحد أجداده وهو الخوري إبراهيم مسعد إلى حلب في النصف الأول من القرن السادس عشر، ولهذا حصلت العائلة على لقب الحمصي.
تعلم قسطاكي في أحد كتاتيب الروم الكاثوليك ثم في مدرسة الرهبان الفرنسيسكان, ودرس اللغة العربية والنحو والعروض واللغة الفرنسية على يد بعض الرهبان والقساوسة.
تعمق في قراءة الادب العربي, وساعده في هذا حضوره مجلس جده لأمه " عبد الله بن جبرائيل الدلال " فقد كان جده محباً للعلم والأدب وكان بيته منتدى للمثقفين والنبلاء, واستمع الى ما يدور في هذه الجلسات من مساجلات ومناقشات أدبية، فأحب الأدب والشعر ونظم أول قصيدة له وهو في الثالثة عشرة من عمره.
 وجه نشاطه الى عالم التجارة وهو ابن ستة عشر عاما, ونجح فيها وتمكن من جمع ثروة كبيرة, إلا أنه تركها عام ( 1905 ) بسبب شغفه الكبير بالثقافة والأدب والترحال, فبدأ السفر بين انجلترا وفرنسا وايطاليا والقسطنطينية ومصر, الأمر الذي فتح عينيه أمام تجارب العالم وخبراته..
- ورغم أن سفراته لم تكن كثيرة إلا أن أثرها كان كبيرا على تشكيل وعيه الثقافي والفكري .. فسافر عدة مرات الى فرنسا ليتعرف على الثقافة والفكر والأدب والفنون والحراك السياسي هناك عن قرب,
درس قسطاكي الحمصي الفلسفة وعلم الأخلاق على يدي الأستاذ والفيلسوف الفرنسي جاكمان, وظل يثقف نفسه بالقراءة والدراسة والسفر, واستفاد من معارف خاله جبرائيل الدلاّل الذي كان يقيم في باريس، وأتقن الفرنسية حتى صار يتكلم بها كأحد أبنائها.
زار بيروت عام ( 1882 ) وتعرف فيها على " إبراهيم اليازجي، وكرنيليوي فانديك ويعقوب صروف وأديب إسحاق " وغيرهم، من أعلام النهضة الأدبية في ذلك العهد، وزار الأستانة عام ( 1898 ) ومصر عام ( 1905 ) وتعرف فيها على كبار شخصيات ذلك العصر من أمثال " أحمد زكي باشا وداود بركات وأحمد شوقي وحافظ ابراهيم وخليل مطران ورفيق العظم وعلي يوسف"ثم تعددت زياراته إلى مصر، واستفاد كثيراً من هذه الرحلات واللقاءات التي أثرت تأثيراً كبيراً في حياته الأدبية والاجتماعية. 
نظم قسطاكي الحمصي منذ نشأته الأدبية الشعر، وكتب المقالات المتنوعة في مختلف الموضوعات الأدبية والاجتماعية واللغوية والنقدية والأخلاقية, وكان يحب الموسيقى والغناء والهندسة والتصوير والخط وكل أنواع الفنون . وكان شديد الاعتزاز بعروبته, وكثيراً ما أخذ على بعض اللبنانيين تفاخرهم بالفينيقية.
 يعرض قسطاكي الحمصي في كتاباته التي يعرف فيها العالم العربي على علم النقد لآراء رواد النقد في فرنسا وخصوصا "سانت بيف" و"تين", ويقر لهم بالفضل في إرساء قواعد النقد وقيامه على أصول قوية.. ثم يتخذ من آرائهم مادة لبناء منهج لعلم النقد في الأدب العربي.... وهو أول من قال في العالم العربي بأن علم النقد لا يقوم على الذوق وحده, لأن الذوق لا حدود وقواعد له, أما النقد فهو علم كغيره من العلوم، يقوم على قواعد محددة معروفة ومدروسة وثابتة كباقي أنواع العلوم.
أصدر قسطاكي الحمصي عدداً من الكتب والدواوين الشعرية والدراسات النقدية منها:
- السحر الحلال في شعر الدلاّل.
- مختارات من شعر قسطاكي الحمصي.
- مجموع رسائل وخطب ومقالات في أغراض شتى.. لم يطبع.
- أدباء حلب ذوو الأثر في القرن التاسع عشر, ويتضمن ترجمة تسعة وأربعين أديباً حلبياً.
- أناشيد العهد القديم.
- منهل الورّاد في علم الانتقاد.. الذي يعد من أهم آثاره, و تناول فيه تاريخ النقد الأدبي عند العرب، وتاريخ النقد العالمي,
- وتاريخ النقد في القرون الوسطى، وصولاً إلى النقد في القرون الحديثة، وحاول فيه إرساء النقد على قواعد موضوعية ثابتة، واعتبره علماً في حين أنه فن يخضع لتطور الذوق والعصر، وقد تأثر في هذا الكتاب بالأفكار الفرنسية التي نقل الكثير منها.
- له ديوان شعري غير مطبوع كان ضائعا بين أوراقه, كتبه بخط فارسي جميل, ويعتبره النقاد كنزاً ثميناً .
في عام ( 1922 ) سافر الى دمشق عندما عين عضواً في المجمع العلمي في دمشق ( مجمع اللغة العربية اليوم ) وصار صديقاً لمؤسسة محمد كرد علي وتبادل معها المراسلات الأدبية, وكتب في مجلة المجمع الكثير من البحوث والمقالات في الأدب واللغة، إضافة إلى مجلات كثيرة منها الهلال، والآثار، والمقتبس، والنفائس العصرية.
عندما اندلعت الحرب العالمية الثانية عام ( 1939 ) اعتكف في بيته يقرأ ويكتب ويدرس الى أن توفي عام  ( 1941 ).
- واليوم وتقديرا من حلب لابنها أحد أعمدة عصر التنوير السوري والعربي , فقد أطلقت هذه المدينة اسمه على أحد شوارعها تقديرا, كما أقيم له عام ( 1971 ) تمثال نصفي من البرونز في ساحة الحرية بشارع بغداد في حلب، بالقرب من المنزل الذي كان يعيش فيه.
سهير الذهبي - شآم نيوز
شكرا لتعليقك