pregnancy

الخنساء.. شاعرة العفاف والرثاء





الخنساء.. شاعرة العفاف والرثاء
.......................................................................................

هي تماضر بنت عمرو بن الحرب بن الشريد السُلمية، وشهرتها الخنساء وهي أم عمرو، من بني سليم؛ لقبت بالخنساء؛ والخَنَس: بسبب إرتفاع أرنبتي أنفها، لقد غلب عليها هذا اللّقب، وأجمل اسمها، فلا تُعْرف إلاَّ به، هي شاعرة رثاء في عصر الجاهلية، تزوجت من ابن عمها رواحة بن عبد العزيز السلمي، ثم من مرداس بن أبي عامر السلمي. عاشت أيضاً في عصر الجاهلية، وقد قامت بكتابة الشعر خصوصاً بعد رحيل أخويها. وطغى على شعرها والأسى والفخر والمدح.

قال عنها نابغة الذبياني: “الخنساء أشعر الجن والإنس”، وقيل إن رسول الإسلام محمد بن عبد الله ﷺ كان يعجب بشعرها.

في عام 612م، قتل هاشم ودريد ابنا حرملة أخاها معاوية، حينها قامت الخنساء بتحريض أخيها الأصغر صخر بالثأر، واستطاع الأخير قتل دريد انتقاماً لأخيه، ولكنه أصيب وتوفي في عام 615م، وقيل أن الخنساء أصيبت بالعمى من شدة بكائها على موت أخيها.

ومع قدوم عصر الإسلام، حرضت أبناءها الأربعة من مرداس بن أبي عامر السلمي وهم عمرة وعمرو ومعاوية ويزيد على الجهاد في سبيل الله، وقد استشهدوا جميعاً في معركة القادسية.

كانت الخنساء أَشعر شواعر العرب في الجاهليّة والإسلام، وأجودهن وأبينهن وأشهرهن، وأطولهن بكاء على أخ، وأسخنهن دمعة.

 عاشت في الجاهلية أمثل شطري حياتها وأطولهما، ثم أدركت الإِسلام فأسلمت، وحسن إسلامها، ولما وفدت مع قومها، من بني سُليم، على النّبي، استنشدها شعرها فأعجبه، فكان يستزيدها قائلاً: هيه يا خنساء!

خطبها دريد بن الصمة، وطلبها حليلة له، فصدّته، وقالت: أَتُرانِي تارِكَةً بَني عَمِّي كَأَنَّهُم عَوالي الرِّماحِ، ومُرْتَثَّةً (الرث: البالي من كل شيء) شيخَ بني جُشَم!

ولقد كان للخنساء من بني عمها ما أرادت؛ إذ خطبها رواحة بن عبد العزّى السّلمي فتزوجها، وأولدها أبا شجرة، ثمّ خلف عليها مرداس ابن أبي عامر السّلمي، فأولدها بنين عدة، منهم: زيد ومعاوية وعمرو وعباس ويزيد وعمرة.

شهدت سوق عكاظ، الّذي كان يأتيه الشعراء فيعرضون فيه أشعارهم على النابغة الذبياني، وهو في قبة حمراء كانت تضرب له، فزاحمت من حضرها من الشعراء، ودافعتهم على التقدم، وقال لها النابغة مرة، وكان قد أنشده الأَعشى وحسان بن ثابت: واللهِ لولا أَنَّ أبا بصير (يعني الأعشى) أنشدني آنِفًا، لقُلْتُ: إِنَّكِ أَشْعرُ الجِنِّ والإِنْس. وقال لها أيضًا: واللهِ ما رَأَيتُ ذاتَ مَثانةٍ أَشْعَرَ مِنْك!

قد كانت الخنساء أول أمرها تقول البيتين والثلاثة، فلما قتل أخواها انثال الشعر على لسانها، وفتحت لها أبوابه، فبزت سائر النساء الموتورات في الجاهلية والإسلام، وخصتها ربات الشعر والبيان بفيض من معاني الرثاء وألفاظه، فأخذت تشقق معانيه، وتفتن في سبك ألفاظه، ومن رائق شعرها وأجمله، وأَوقعه في النفس، ممّا سبقت إليه، قولها ترثي صخرًا:

وإِنَّ صَخْرًا لَتَأْتَمُّ الهُداةُ بِهِ كَأَنَّه عَلَمٌ في رَأْسِهِ نارُ
وإِنَّ صَخْرًا لَوالِيْنا وسَيِّدُنا وإِنَّ صَخْرا إِذا نَشْتُو لَنَحَّارُ

الخنساء وأخوها
لقد كانت الخنساء متعلقة جدا بأخويها: معاوية وصخر، وبخاصة صخر الذي كان كريما بارا بها. ومما زاد تعلقها به هو أنها تزوجت من رجل كريم إلى درجة الإسراف، فكان ينفق المال بحيث لا يبقي شيئا، فتلجأ إلى أخيها صخر الذي لم يكن يكتفي بإعطائها حاجتها، ولكنه كان يقوم بقسمة أمواله إلى نصفين، فيعطيها نصفه ثم يحتفظ بالنصف الثاني. فإذا احتاجت بعد ذلك وجاءت إليه مرة أخرى قام أيضاً بتقسيم ما لديه من المال بينه وبينها بالطريقة نفسها، وحدث حادث غير طريقتها في قول الشعر، فقد فجعت بقتل أخويها، حيث قتل معاوية، أما صخر فقد طعن، وظل يعاني من جرحه حتى مات، كانت فجيعتها كبيرة فتحولت في شعرها إلى الرثاء الذي أبدعت فيه، حتى أصبحت أشهر من قال شعر الرثاء في الشعر العربي كله.

عندما بزغ فجر الإسلام، وانتشر بين القبائل العربية. جاءت قبيلة بني سليم – قبيلة الخنساء – لتبايع الرسول صلى الله عليه وسلم، وكانت الخنساء من ضمن الوافدين، فبايعت الرسول صلى الله عليه وسلم، وأسلمت وحسن إسلامها. ولكنها، مع ذلك، ظلت تتذكر أخويها – وبخاصة صخر – وتقول فيهما الشعر:

يُذَكّرُني طُلُوعُ الشمسِ صَخراً
وأذكرُهُ لكلّ غُروبِ شَمْسِ
يُؤرّقُني التّذَكّرُ حينَ أُمْسي
فأُصْبحُ قد بُليتُ بفرْطِ نُكْسِ
على صَخْرٍ، وأيُّ فتًى كصَخْرٍ
ليَوْمِ كَريهَة ٍ وطِعانِ حِلْسِ
ولَوْلا كَثرَة ُ الباكينَ حَوْلي
على إخوانهم لقتلتُ نفسي
فيا لهفي عليهِ ولهفَ اُمّي
ايصبحُ في الضَّريحِ وفيهِ يمسي.

ولكن الخنساء التي ظلت تبكي أخويها اللذين قتلاً في الجاهلية إتخذت موقفاً آخر حينما دفعت بأولادها الأربعة كي يجاهدوا في الإسلام، وأوصتهم بالصبر والقتال، فتقدموا واحداً بعد الآخر حتى استشهدوا جميعاً. فقالت قولها المشهور: الحمد لله الذي شرفني بقتلهم، وأرجو من ربي أن يجمعني بهم في مستقر رحمته. وقد عاشت بعدهم زمناً، وليس ثابتاً تاريخ وفاتها ولكنهم قالوا توفيت في خلافة عثمان ابن عفان سنة 24 للهجرة.

وهذه أبيات للخنساء في رثاء أخيها صخر

لاَ تسمنُ الدَّهرَ في أرضٍ وَإنْ رتعتْ
فانَّما هيَ تحنانٌ وَتسجارُ
يوْماً بأوْجَدَ منّي يوْمَ فارَقني
صخرٌ وَللدَّهرِ أحلاءٌ وَأمرارُ
وإنّ صَخراً لَوالِينا وسيّدُنا
وإنّ صَخْراً إذا نَشْتو لَنَحّارُ
وإنّ صَخْراً لمِقْدامٌ إذا رَكِبوا
وإنّ صَخْراً إذا جاعوا لَعَقّارُ
وإنّ صَخراً لَتَأتَمّ الهُداة ُ بِهِ
كَأنّهُ عَلَمٌ في رأسِهِ نارُ
جلدٌ جميلُ المحيَّا كاملٌ ورعٌ
وَللحروبِ غداة َ الرَّوعِ مسعارُ
حَمّالُ ألوِيَة ٍ هَبّاطُ أودِيَة ٍ
شَهّادُ أنْدِيَة ٍ للجَيشِ جَرّارُ
نَحّارُ راغِيَةٍ مِلجاءُ طاغِيَةٍ
فَكّاكُ عانِيَةٍ لِلعَظمِ جَبّارُ

منقول
شكرا لتعليقك