pregnancy

من نيوزيلاندا إلى سيريلانكا عولمة الرعب .. بقلم الاستاذ محمد شقال





من نيوزيلندا الى سيرلانكا :عولمة الرعب !..  .
.......................................................................................

لا بد من التنويه أولا الى أن اننا لن نسترسل في شرح مستفيض لظاهرة عولمة "الرعب "أو الارهاب وتناميه في عالمنا المعاصر،وأنما توضيحه في منطقة محددة ، تمتد من اوروبا غربا الى حدود الصين شرقا ،في منطقة نشوء الحضارات والتي عرفت عبر التاريخ باسماء مختلفة ، الى ان اصطلح على تسميتها مع بدايات القرن العشرين ب"الشرق الاوسط " ،والمعروفة بتنوعها العرقي والديني واللغوي ،والمكونة من عوالم "عربية وتركية وفارسية وهندية "، وعلى تماس مع الشرق الاقصى في الصين واليابان بحيث يمكن القول بأننا نعيش في عالم اكثر عنفا عما سبقه  من تطورات شهدته البشرية قبلا ، لذلك لا بد من وضع بعض النقاط على الحروف لظاهرة مخيفة تزداد وتيرتها يوما بعد آخر ،على الرغم من ادانة وسائل الاتصال المختلفة له .

و"الارهاب "بالمناسبة مصطلح حديث لا وجود له في الأدبيات الكلاسيكية القديمة ،لدي ثقافات الشعوب قاطبة ، ولم يكن يعرف مطلقا بهذا الاسم في النصف الأول من القرن العشرين .. ولكن بدأ استخدامه عندما انطلقت أولى عملياته الساخنة في منطقة الشرق الاوسط ،بمساعدة أميركية في ثمانينيات القرن الماضي ، فحين تدخل الاتحاد السوفياتي في افغانستان ، راى "ضياء الحق "الحاكم العسكري لباكستان بعد اعدامه رئيس وزرائها "ذو الفقار بوتو "، فرصة سانحة لشن الجهاد ضد الشيوعية الملحدة . ورأت الولايات المتحدة حينها فرصة جاءتها من الله لتعبئة مليار مسلم ضد ما اسماه الرئيس الاميركي حينها  ريغان (امبراطورية الشر)،فبدأت  الأموال الأميركية بالتدفق وشرع عملاء المخابرات الاميركية بالذهاب الى جميع أنحاء العالم الاسلامي ليروجوا لفريضة الجهاد العظيمة ضد أعداء الدين  ، فكان ابن لادن واحدا من أفضل المجندين الاوائل ، لم يكن عربيا فحسب بل سعوديا أيضا ، ولم يكن سعوديا فقط ، بل مليونيرا كبيرا وعلى استعداد لأن يدفع ماله الخاص لدعم القضية .وراح "بن لادن يجول في المنطقة ينظم الناس لتنفيذ فريضة "الجهاد "ضد الشيوعية الملحدة .

ومن هنا انطلقت مسيرة القاعدة وتطورها لتعم ظاهرتها العالم الاسلامي ،فتجلب المنجذبين اليها الى منطقة "تورا بورا "في افغانستان بفعل وسائل الاتصال الحديثة والاسلحة المقدمة من قبل الولايات المتحدة الاميركية ، سيما بعد نجاح الثورة الاسلامية في ايران واسقاط نظام الشاه ،فتبلورت حينها حركات ارهابية مضادة عمت العديد من البيئات والمجتمعات في العالم اجمع  نظرا لتبلور أسباب وعوامل سياسية صاعقة وخصوصا اوائل التسعينيات القرن العشرين أأثر انهيار الاتحاد السوفياتي ،وانفراط الاتحاد اليوغسلافي وتحول جمهورياته الى بؤر للعداء العرقي (البوسنة والهرسك )،وشهدت افريقيا حركات مماثلة تجلت في مذابح التوتسي والهاتو في رواندا .

 في غمرة هذه الأحداث الجسام ،اصدرت احدى مراكز  "التفكير "الاميركية  كتابا احدث ضجة في الاوساط العالمية ،حينما بشر مؤلفه "هانتغون " بأكثر النظريات  تشأوما في التاريخ ،تبشر بصدام الحضارات وانتقال الصراع من عصر الايدولوجيات - أثر سقوط الاتحاد السوفياتي وخفوت النظرية الماركسية  - أواخر القرن العشرين، الى صراع الحضارات في القرن الحادي والعشرين .ويبدو ان من نتائجه المباشرة الاهمال الجدي لمسألة الحوار بين الثقافات والالوان والقوميات العالمية التي شاعت حينها بين اكثر من طرف من الاطراف التي تؤمن بالوسطية والحلول السلمية والتجاذب الثقافي ،الى ان تفاجأ العالم في ولاية  جورج بوش الابن الاولى ،بهجمات الحادي عشر من أيلول  /سبتمبر 2001 اي عند مفتتح القرن الحادي والعشرين لكي تسجل تاريخا جديدا ينشغل العالم كله به ، ويتوجس خفية من اسبابه ودواعيه ونتائجه المروعة ليس على الدول والحكومات فحسب وانما على الانسان أيا كان وفي أي أرض يعيش وعلى مجتمعات كاملة سواء أكانت متقدمة أم في طور النهوض والتقدم ؟ 

ويبدو ان تلك الهجمات أدارت راس العالم كله وغدت مادة اساسية للتفكير والتخطيط وشن الحروب الجديدة ..وسيأخذ التاريخ منحى آخر في التغير المفاجىء ورسم معالم جديدة للدول والجغرافية السياسية للمستقبل مع بدء الالفية الثانية ،حددت معالمه في عهد بوش جورج بوش الابن ، وانشغل العالم من حينها فيما سمى ب"النظام العالمي الجديد "او ما رواج اليه في الميديا  الاميركية ب(الفوضى الخلاقة) ، التي بدات مفاعيلها من اجتياح العراق عام 2003 ،الى احداث البلبة في لبنان باغتيال رفيق الحريريعام 2005 ، مرورا باجتياح اسرائيل للبنان عام 2006 ،لضرب القوة العربية الوحيدة القادرة على ارعاب العدو ، الى اجتياح غزة عام 2009 ، الى ان تصل الى احداث ما سمي في الميديا  الاعلامية ب(الربيع العربي)، ودخول سورية القوة العربية الوحيدة التي تهدد العدو الصهيوني في غياهب الحروب الاهلية لتقسيمها ،والان تسعى ادارة ترامب المتطرفة لفرض ارادتها على قلب اسيا في سيرلانكا القريبة جغرافيا من ايران، ونيوزيلندا في العالم المحيطي القريب من القوة الصينية بعد ان عملت طويلا على اختراقها !


محمد شقال
،
شكرا لتعليقك