pregnancy

عيد الفطرة ( يوم بدء الخليقة )





عيد الفطرة ( يوم بدء الخليقة )
.......................................................................................

لقد أثبت التراث العربي عظمته في وصفه الظواهر الطبيعية وصورها بشكل دقيق يدعو للدهشة رغم أن هذه الظواهر لم يكتشف حقيقتها علم الطبيعة إلا في العقود الأخيرة من القرن العشرين « كوصف حركة الكون حول مركز و وصف عملية نشوء الخلية الأولى في الماء والمياه المحمولة فوق الريح في الجو والظلام الدامس الذي كان يخيم على الأرض إلى دوران المجرات بشكل زوبعة ومجرتنا بشكل زوبعة رباعية منتفخة البطن والتي لم يكشفها العلم الحديث إلا مؤخراً بواسطة سفن ومخابر الفضاء  » وهي إما أن تكون وليدة فكر ليس لإمكاناته حدود أو أن تكون تعليماً من قوى فوق طبيعية لإنساننا القديم الذي هو الإنسان الأول على الأرض. 
وبالتالي فإن هذا التراث لم يخلف لنا شيئاً ما عادياً . إن كل ما دونوه ورسموه وصوروه وفكروا به واعتقدوه إنما هو على غاية من الخطورة والعمق. فدعونا إذن ومن هذا المنطلق أن نتعرف على عيد الفطرة ( عيد بدء الخليقة) في التراث العربي :
" يوم الفطرة " هو « يوم ميلاد الإنسان الأول ». والكلمة من فطَرَ أي طلع وفطر الله الخلق خلقهم وابتدعهم وفطر الأمر ابتدعه وابتدأه و أنشأه, وفطر الصائم فِطراً و فَطراً أكل وشرب أو ابتدأ الأكل والشرب ... قال ابن عباس : كنت ما أدري ما هو فاطر السموات حتى أتاني أعرابيان يختصمان في بئر فقال أحدهما أنا "فطرتها" أي أنا ابتدأتها ( محيط المحيط ).
كان يسمى هذا اليوم عند المندائيين في بلاد غامد قديماً و جنوب العراق حديثاَ ( "دهوا ربا" ) أي « الضحوة الكبرى » وهو ذكرى هبة الله تعالى الحياة أو النسمة أو الكلمة أو الأمر الذي كان به آدم الإنسان الأول الذي عمّر هو وأبناؤه الأرض وبناها لأول مرة ( إدهوريشا بنيانا ). ويقول " المندائيون " أن الملائكة الأثيريين قد صعدوا بهذه المناسبة للشكران ولكن الروح الخبيثة ( روها ) أو الشيطان لم يصعد, بل بقي يبغي إفساد حياة الإنسان الذي اختاره الله ليعمر الدنيا" ( ناجية المراني , مفاهيم صابئية مندائية, ص142 )
وعلى هذا الأساس أخذ العرب الأقدمون في كل من سوريا و وادي النيل بالاحتفال بعيد [ بدء الخليقة أو ميلاد النور ] في ليلة ( 24 - 25 ) كانون الأول من كل عام حيث يكون الليل قد بلغ أوجه والنهار حضيضه وبدأ صعود النهار وهو ما يدعى بالانقلاب الشتوي . أما كيف تقرر ذلك اليوم لميلاد النور فذلك شرحه :
لما وضعت القوة الخالقة بذرتها الطاهرة في الرحم الأول ( الأم الأولى ) حملت بها تسعة أشهر من أشهر الرب ثم أخرجت مولودها الجديد للنور و لما كان الزمن الأرضي يقسم إلى اثني عشر شهراً على منوال التقسيم السماوي , فإن شهر كانون الأول هو الشهر التاسع اعتباراً من يوم رأس السنة السوري القديم الذي يبدا مع بداية الربيع في ( 24 ) آذار. وكان ذلك على التقويم الشمسي ( البابلي والمصري القديم )
أما العرب الذين اعتمدوا التقويم القمري فقد اعتبروا أن يوم الفطرة هو بعد كمال الشهر التاسع الذي هو رمضان في الأشهر القمرية. فنهاية شهر رمضان هو بداية الخليقة أو الخلق أو الفَطر. 
أما كيف صح ان تكون نهاية شهر كانون الأول هو يوم عيد الفطرة أو بدء الخليقة وهو الشهر التاسع في التقويم العربي الشمسي القديم و نهاية شهر رمضان الذي هو الشهر التاسع في التقويم القمري هو أيضاً عيد الفطرة وبدء الخليقة, ونحن نعلم أن ثمة اختلافاً و فروقاً بين العامين الشمسي والقمري مما يجعل شهر رمضان متحركاً على مدار العام الشمسي فشرحه كالآتي :
إن " العرب السوريين " الذين وضعوا أول نظام فلكي في العالم هو النظام الستيني اكتشفوا زمن الاعتدالين الخريفي والربيعي والانقلابين الصيفي والشتوي وإن المسافة الزمنية بين كل منهما والذي يليه تسعون يوماً أي ثلاثة أشهر . ولما كان الفرق بين العام الشمسي والقمري هو 11,25 يوماً تقريباً فإن الفترة التي يستغرقها عيد الفطرة القمري الدوار بين يوم الاعتدال الربيعي ( 24 ) آذار ويوم ( 24 ) كانون الأول ( عيد ميلاد النور ) هو ( 90 ÷ 11,25 = 8 ) سنوات بالضبط والتحديد لينطبق معه في ليلة واحدة وهكذا دواليك بين كل اعتدال وانقلاب يليه أو يسبقه. 
وإن الليلة التي كان قدماء السوريون حتى في مناطق انتشارهم يرصدونها عند تطابق التقويمين كل ثماني سنوات هي التي ولد فيها الطفل الإلهي أو الإنسان الأول , إنها : { بدء الخليقة } . 

إن التراث العربي قد تميز منذ بدايته بذلك الائتلاف الرائع والمدهش بين النظريتين العلمية والدينية إلى الله والكون والإنسان بحيث تمكن العقل العربي بصورة متفردة من أن يوائم بين خط القيم والمثل وبين العلم والتقدم العلمي بصورة تأخذ باللب وتفتقدها اليوم كل حضارات الشعوب المعاصرة.

منقول
شكرا لتعليقك