pregnancy

الخرافة والأثار


الخرافة والأثار

عاشت البشرية أمدا طويلا وهى حائرة بين الخرافة والعلم؛لأن الخط الفاصل بينهما لم يكن فى البداية واضحا. وخلال هذه الفترة كانت الأمورمختلطة ومتداخلة،وكان كثير من العلماء يجمعون بين عناصر الخرافة وعناصر من البحث العلمى فى مركب واحد لا يشعرون بأنه ينطوى على أى تنافر . ولنضرب لهذا مثلا يتسق مع موضوع المقال ألآ وهو نظرة العلم الأولى إلى ظاهرة السحر بوصفه ممهدا للعلم التجريبى ، ولعلوم الكيمياء والأحياء بوجه خاص. أما اليوم. فعلى الرغم مما وصلت إليه البشرية من علم إستطاعت به السيطرة على قوانين الطبيعة وظواهرها،إلا أننا نلاحظ وعن كثب أن الفكر الخرافى يظل منتشرا بين الناس حتى فى أكثر المجتمعات تمسكا بالتنظيمات العلمية. وخلال عملى مفتشا للآثار فى العديد من المواقع الأثرية بمحافظات الدلتا، نما إلى علمى إنتشار ظاهرة زيارة بعض النسوة العقيمات "العواقر" لهذه المواقع طلبا للخصوبة ،والقدرة على الإنجاب .
ففى تل بسطة (محافظة الشرقية) تمثال ُيزار،وطقوس ُتؤدى،وفى صاالحجر (محافظة الغربية) تابوت ُيزار وطقوس ُتؤدى، وفى تل الربع(محافظة الدقهلية) ناووس ُيزار،وطقوس ُتؤدى،وإذا كان المزار مختلف،وكذلك الطقوس- كما ستقرأ- فإن التوقيت ،يوم الجمعة قبل الصلاة والهدف فى تلك الحالات واحدآ .
ويخبرنا الكاتب و الروائى الكبير سليمان فياض فى مذكراته المعنونة بــ"أيام مجاور" عن رؤيته رؤى العين لنسوة من كفر (أبو حسين) تل بسطة- محافظة الشرقية - فى أربعينيات القرن المنصرم- يتقدمن من تمثال إله الخصب- يقصد المعبود مين معبود الخصب والنماء عند المصريين القدماء وهو يمثل واقفا - تتوسطهن شابة.
كن جميعا ملثمات بطرح سوداء كثيابهن عدا تلك الشابة،فقد كانت تبدو كعروس تساق إلى عريسها. وبدأت - الكلام على لسان سليمان- أرى وأرقب طقوس العناق ورأيت إحداهن تتقدم نحو عروس الفرعون ،والأخرى تلفها من الرأس إلى القدم بملاءة سوداء ثم إنصرفت بها النسوة مبتعدات عن التمثال السحرى. يقصد تمثال المعبود . وتستمر هذه الخرافة فى نفس المكان حتى الأن.غير أن التمثال-الذى أرتأى المجلس الأعلى للآثار حفظة بالمخزن المتحفى إبعاده عن عبث النسوة- تبدل بتمثال أخرمزدوج يجمع بين رمسيس الثانى والمعبود بتاح. وفى صا الحجر مركز بسيون محافة الغربية ،تأتى النسوة من كل القرى المجاورة،صبيحة كل يوم جمعة؛لزيارة تابوت حجرى،إنتزع عنه غطاؤه ،ويرقدن بالتناوب فيه معتقدات بأن قوة سحرية تمنحهن القدرة على الإنجاب،وكأنهن قد حملن منه هو.
وفى تل الربع بمحافظة الدقهلية ،يختلف الأمر كثيرا،ففى ناووس تل الربع ،وهو عبارة عن مقصورة من الجرانيت معدة لوضع تمثال الإله بمعبد المدينة يصل ارتفاعها إلى حوالي 7 م وعرضه حوالي 1.7 م.يذهب الرجل بصحبة زوجته،وتنام داخل الناووس، فى الهواء الطلق!!.وهى مصلوبة داخل هذا الدولاب الحجرى ،لذا يفضل الأزواج التبكير فى الذهاب إلى التل،مع ضياء الفجر.
ولا يقتصر الأمر على الأثار المصرية القديمة (الفرعونية) فقط، فللأثار الإسلامية نصيب وافر من الخرافات نذكر منها: إن موقع السبع بنات بمنطقة الفسطاط له معجزات وهى أن الفتاة التى لم تتزوج والتى كبر سنها ،والسيدات اللاتى لم يرزق بأطفال يأتين بعد صلاة الجمعة ،ويتقلبن داخل الأضرحة ،ويقمن بعمل حناء لشعرهن
ومسحها بحوائط الضريح ،ويقمن بتقطيع ملابسهن بما فيها الداخلية ،وتركها بالمكان فى إعتقاد أنها ستفرج كربهن.!!
ويبقى السؤال مطروحا :
ما علاقة هذه الخرافة بالآثار؟ وفى الحقيقة لا أجد إجابة شافية.
كان السحر وسيظل عند بعض الفئات الإجتماعية وسيلة مسببة لأحداث قد تظهر بعد القيام بإجراءات وطقوس معينة؛ لذلك التجأ الناس إليه تقريبا عندما كانت الوسائل الطبيعية عديمة التأثير. و هل هذا مرتبط بالجينات ؟! وأن ما تقوم به نسوة اليوم- سواء فى المواقع الأثرية أو التمسح والتبرك بالأضرحة - موروث ثقافى،هذا الأقرب إلى الموضوعية .ويؤكد على ذلك ما جاء على لسان الدكتور محمد حسين هيكل:" إن الإنسانية نهر متصل ،ينبع من حيث بدأت الإنسانية ويتسلل من خلال العصور والأجيال ،يسقى أبناء اليوم من رحيق ما خلف آباءهم ."

رضا محمد عبد الرحيم

خارج الموضوع تحويل الاكوادإخفاء الابتساماتإخفاء

:)
:(
=(
^_^
:D
=D
=)D
|o|
@@,
;)
:-bd
:-d
:p
:ng
:lv
شكرا لتعليقك
Loading...