pregnancy

الوعي الانساني الجديد (5) التشاورية والديمقراطية الشعبية (تتمة)









الوعي الانساني الجديد 
(5) التشاورية والديمقراطية الشعبية (تتمة)
............................................................

تتمة الملاحظات الاستشرافية حول التشاورية والديمقراطية الشعبية:

6.  لا تعني التشاورية والديمقراطية أن يمضي الكيان السياسي دون رأس سياسي يدير الشؤون، أو تمييع قضية الرئاسة بتحويلها إلى سلطة بدون صلاحيات، اشبه بالسلطة الفخرية، بل تعني مشاركة الرأس في صنع القرار ومراقبته أثناء التنفيذ، كما تعني تحديد ورسم السياسة العامة للبلاد، فيكون الرأس أداة المجتمع في الوصول إلى أهدافه وطموحاته، دون تحطيم مباديء الدولة أو المباديء الإنسانية والأخلاقية. 
يجب التنبه إلى أنه جزء من المخطط الإمبريالي الصهيوني تجاه بقية العالم تحويل كل دولة وطنية إلى دولة دون رأس من خلال اختصار الصلاحيات وتسطيحها بوسائلها المعروفة.

7.  تعمد الإمبريالية المتصهينة على اختراق البلدان المستهدفة مرحليا من خلال التبشير بالفكر الديمقراطي الليبرالي، بهدف نشر ديمقراطية منحرفة غير مجتمعية، لتكون فريسة سهلة لأرباب المال؛ ديموقراطية مخترقة أمنيا وفكريا. 

فتقوم الجماعات الديمقراطية بالتحالف مع (الشيطان) رغبة منها بالإطاحة بالديكتاتوريات، غير واعية بأن الطغيان الإمبريالي أكثر بطشا ولؤما منها كونها الصانع الأول والأخير لها، وللحروب الأهلية والإقليمية الكارثية. وهنا بالضبط تكمن عقدة النضال الديمقراطي، فهو نضال ثقافي قبل أن يكون سياسيا وهو شاق ومتعدد الوجوه كونه محارب من الطرفين المحلي والدولي 

 8.  لا تعني التشاورية والديمقراطية الوقوع في الفوضى أو التقسيم أو احتقار الآخر، ولهذا فإن الديمقراطيات الناجحة هي الديمقراطيات القائمة على علم ومعرفة، أما تلك القائمة على جهل وقبيلة أو تقاسم طائفي فهي ديمقراطية تنذر بالخراب والفوضى المتجددة والتقسيم، لهذا يجب أن يقترن النضال الديمقراطي ببناء معرفي تعليمي توعوي تساهم فيه كل أطراف المجتمع بما فيها الأطراف غير الحكومية. 

إن التقاسم الطائفي والمحاصصة القبلية ليست في حقيقتها سوى تقسيم مؤجل. كما أن شخصنة الواقع السياسي ليس صائبا فالتكريس يجب أن يكون لسيادة القانون والحزم في تطبيقه.

9.  كما أن الروح الإنسانية يجب ألا تعني الضعف والتعامي عن الجريمة، فإن الديمقراطية في ذات السياق يجب ألا تعني ضعف الدولة وتسامحها في القضايا الوطنية والمواطنة الملحة. فالديمقراطية يفترض إلا تقود إلى الترهل الحكومي او إلى التحكم الرأسمالي بمفاصل وتشريعات الدولة، وكلما تمكنت الديمقراطية من أبعاد الرأسماليين عن التحكم السياسي استطاعت أن تغلب أكثر الطابع الشعبي والاجتماعي على الديمقراطية. ومفتاح حل هذه المعضلة هو إلا يجتمع النفوذ المالي والسياسي في شخص واحد أو أسرة واحدة تقوم بتقاسم الأدوار. وسيادة القانون يجب أن تكون على الجميع حتما.

10.  كثيرا ما تختار الأغلبية قرارات غير صائبة وذلك بسبب سيطرة الإعلام أو انتشار روح التعصب والكراهية، أو يسبب تردي الوضع الاقتصادي فتلجأ الطبقة الثرية إلى شراء الأصوات والمرشحين لصالحها وتغيير سياسة البلاد داخليا وخارجيا. ولهذا يجب مكافحة الفقر ثانيا بعد مكافحة الجهل والتردي الاخلاقي أولا، ويجب كذلك عزل المال السياسي عن الحياة الديموقراطية، واشتراط المناقبية كشرط أساسي للعمل السياسي، ومنع المكرسين ماليا وتجاريا من الخوض السياسي. 
وحصر المؤهلين للتصويت بالعقلاء الأخلاقيين أصحاب المعرفة من الجنسين ممن تجاوزا 32  عاما ولم يتعدوا السبعين  

11.  لا يمكن للسياسي أن يكون طائفيا (أو قبليا) ووطنيا بالوقت نفسه، فإما أن يكون هذا أو يكون ذاك. وبالتالي إما أن يترشح عن دائرته القبلية أو المناطقية فيكون معبرا عنها ومدافعا عن حقوقها  الطبيعية، وفي هذه الحالة فإن سقفه السياسي كونه اختار الدائرة الصغرى هو إدارة الشؤون المحلية لفئته. أو أن يكون وطنيا سخر نفسه لخدمة كل أبناء وطنه على اختلاف تلاوينهم وانتماءاتهم، وفي هذه الحالة فسقفه السياسي لا حدود له بما فيها المسؤوليات الكبرى، كونه اختار الدائرة الأوسع وهي دائرة الوطن. إن تقييم ذلك يكون من خلال التصريح الشخصي للسياسي ومن خلال رأي الشعب تصويتا.

12.  يجب العمل على تكريس التصويت للأفكار والمشاريع بدلا من التصويت للأشخاص؛ وانتظار الإيفاء بوعودهم الخلبية، فعندما يصوت الشعب مثلا لتحقيق نهضة تعليمية تطبيقية، او لاسترداد قطعة محتلة من وطنه القومي، يصبح على السياسي فقط وضع خطة لتنفيذ إرادة المجتمع، وهذه الخطة نفسها ستكون موافق عليها من البرلمان من حيث الميزانية والتصميم، وستكون مراقبة من حيث التنفيذ والكفاءة من قبل مجلس الشورى. 

أما في حالات الطوارئ القاسية فلا داع لتنصيب ديكتاتور بل يجري انتخاب لجان مصغرة تختزل المجالس الثلاثة (البرلمان، الشورى، الخبراء) إضافة للحكومة المصغرة.

علي حسين الحموي
شكرا لتعليقك