pregnancy

أساطير الإله السوري بعل




أساطير الإله السوري بعل
.......................................................................................

وفرت لنا الألواح والنصوص الأوغاريتية التي عثر على كمية كبيرة منها إمكانية إناطة اللثام عن جوانب كثيرة للميثولوجيا الأوغاريتية، والتي كان لبعل نصيبا كبيرا منها.
لم تستخدم الأسطورة كتفسير لعمل قوى الطبيعة فحسب، إنما لتوجيه الآلهة لكشف التنبؤات الخاصة بالمواسم (الأمطار وأوقات الحصاد). ويمكن للباحث أن يستشف بسهولة أهمية المحصول الزراعي بالنسبة للمجتمع الأوغاريتي، وبهذا الصدد يقول الباحث غوردون ما يلي:
"لم يريدوا شيئًا ولا حتى بعض النعم كالمطر والمحاصيل خلال الموسم. بل إن ما كان يرعبهم هو توقف المطر وخسارة المحاصيل خلال الموسم. وكانوا يَنشدون حصاد الشعير والقمح والفاكهة وشجرة الزيتون والعنب، كلٌّ في أوانه. فخصوبة التربة أمر يسري على كامل السنة، وذلك دون وجود أي موسمٍ مجدب في كنعان. وإن الأجزاء المكونة للخصوبة الكنعانية (أي عمليات الحصاد المتتابعة) هي الموسمية فقط".
يمكن تقسيم "دورة بعل" إلى ثلاثة فصول في الميثولوجيا الأوغاريتية، وسنتناولها في 3 منشورات منفصلة. أول تلك الفصول هي صراع بعل مع المياه الجامحة. حيث ينشأ صراع بين يم وبعل نتيجة رغبة كليهما بالسيطرة. يبتدئ المشهد الافتتاحي بمأدبة يلتم حولها الآلهة بهيمنة إيل (كبير الآلهة)، ويكون يم غائبا عن المأدبة حيث يبعث برسولين إلى اجتماع الآلهة يقولان حسب النص الأوغاريتي:
‏"إيل، سلموا إلي ذلك الذي تأوونه وتأويه الجموع.. سلموا إلي بعل وأنصاره حتى أرث ملكه"
هذا وقد دب الفزع في قلوب الآلهة وطأطأوا لما سمعوا رؤوسهم، حتى أنبهم بعل لجبنهم وقد عقد عزمه على المواجهة.. يدخل بعل ويم في معركة مفتوحة عنيفة، ومستعينا بإله الحرف اليدوية كوثر-حاسيس الذي صنع له هراوتين، يوجه بعل ضربة حاسمة بين عيني يم الذي تهاوى وهو يصدح: قد أصبحت بخبر الميت، قد انتصر بعل وأصبح ملكا!. هنا يصبح بعل بعد انتصاره سيدا على الأرض.
يروق للعلماء إطلاق تسمية دورة الخريف على هذا الفصل. طبعا لهذه الميثولوجيا ركيزة تعكسه الظواهر الطبيعية. ففي فلسطين والساحل السوري (مراكز الكنعانيين)، نحو نهاية تشرين الأول، تفسح أشهر الصيف الجافة المجال للأشهر الماطرة، حيث تتواصل الأمطار بغزارة ويتكشف العالم عن اضطراب هائج للمياه، وفي العقلية الكنعانية كان يم يسيطر على الأرض ويحتكم الجميع لأمره. وقد كانت الفيضانات تهدد المحاصيل الزراعية وبالتالي تهدد الأمن الجماعي (المجاعة). وقد كان بعل يمثل النقيض لذلك الاضطراب والعشوائية. وكونه إلها للخصوبة والأرض فإنه يحمل النظام والاتساق. إن هذه الميثولوجيا هي محاولة أدبية لتفسير تلك الظاهرة.

سوريا بلاد الشمس
شكرا لتعليقك