الوعي الإنساني الجديد (11)
صون حرية الإنسان وخصوصيته ومحاربة العبودية والجريمة بأنواعها
.................................................................
يتعرض الإنسان في عصرنا هذا لشتى أنواع القتل والتعذيب والتجويع والاضطهاد والاستغلال. كل هذا ينذر بتفجر الأوضاع السياسية في العالم وإشعال الحروب بين الأمم وبين الجماعات، ينذر أيضا بعودة العبودية والاسترقاق غير المسمى تمهيدا لإعادة ظهورها وقوننتها لاحقا، وتسمية أمم بكاملها أو دول بكاملها تحت نير العبودية. وهذا يدار بأمرة الإمبريالية الصهيونية وأدواتها الرخيصة في العالم، وعلى الهامش توجد عقابيل أو وسائط مقصودة تستخدم لكسب الأموال الطائلة ولنشر الفوضى والجرائم بغية التشويش على أي عمل نهضوي إنساني في أي بقعة من العالم، ليس هذا وحسب بل أيضا حقن العالم بشتى أنواع السموم البيولوجية (الجنس) والكيماوية (المخدرات والكحول) والنفسية (العنصرية). وفيما يلي ملاحظات استشرافية حول هذه القضية :
1. الثقافة القاتلة : يجب كشف ومحاربة العقائد القاتلة والمنظومات الفكربة القاتلة التي تنادي بقتل الآخر المخالف بالعقيدة والفكر؛ لانها القاعدة الذهنية التي ينطلق منها الإرهاب ويفرخ. صحيح أن الإمبريالية الصهيونية توظف هذه العقائد وتستنبتها لمصالحها النفعية و الشيطانية فتدمر بواسطتها الأمم وتفني الشعوب، إلا أنها ما كانت لتنجح في مسعاها لو تسلحت الشعوب بالوعي الصحيح والإيمان القويم. إن الإرهاب يمكن أن يستنبت على أية عقيدة أو دين أو فكر فلسفي أو سياسي؛ فالإرهاب في حقيقته هو ذهنية قاتلة يتلون بأي لون أو فكر أو عقيدة تنبع من كراهية الذات والحقد على المجتمع، والرغبة بالإنتقام والإنتحار في آن معا؛ لأنه حصيلة آلام فردية طويلة وقهر مزمن بسبب الظروف الاقتصادية والاجتماعية والسياسية القاهرة.
2. الدعارة وتجارة الجنس. تعتبر هذه بالإضافة إلى صناعة أ لأفلام الإباحية سلاح مزدوج في يد المتآمرين على العالم؛ فمن جهة يحقق هؤلاء أرباح طائلة تنفق على مزيد من الهيمنة والتهديد والاستعباد؛ ومن جهة أخرى يستنفذ الانحلال الطاقة الحيوية للشعوب. فبدلا من تصعيد هذه الطاقة في الإبداع والتحرر من الاستغلال والاستعباد، تنفس هذه الطاقة من خلال الإنحراف الأخلاقي والفساد، فيسقط المجتمع في مزيد الأحابيل والرمال المتحركة، حتى يغدو خلاصه من مستنقع الانحطاط أمرا مستحيلا أو خياليا. ولهذا يجب على الجميع، المؤمنين والعلمانيين معا مقاومة المنحى اللاخلاقي والإباحي، كونه في النهاية ينتج أجيالا لا تعرف الانتماء إلى أي فكر أو عقيدة أو وطن أو إنسانية، أجيال تنتمي إلى رغبتها البيولوجية الطارئة والمؤقتة وإلى نزعاتها الفردية الانعزالية التي لا تمت للمجتمع بصلة
3. عودة العبودية. كل المؤشرات الحالية تشير إلى احتمال كبير لعودة العبودية بقوة خلال العقود القادمة؛ فمن ناحية تمارس على الإنسان حاليا عمليات تعسف واستغلال اقتصادي لم يشهدها التاريخ من قبل، ففي بعض المناطق من العالم يتقاضى العمال أجورا لا تكفي قوته كشخص لأيام معدودات؛ أما التعسف الانساني والقانوني فحدث ولا حرج. حيث يقتل العشرات والمئات بذرائع واهية منحطة؛ فيصبح الإنسان مقابل استمرار وجوده مضطرا لبيع ولائه وسيادته على نفسه للجهة التي تحقق له الأمن والحماية، ويصبح بذلك ملزما بالانصياع لأوامرها وتوجهاتها. ومن ناحية أخرى قامت بعض المجموعات الإرهابية الإسلامية بسابقة ارتجاعية لتجارة النخاسة وذلك ببيع مواطنين عراقيين من طوائف غير إسلامية كعبيد حقيقيين ووفق عقود. ولأن هذه الجماعات موجهة بشكل مباشر وغير مباشر من العقلية الصهيونية؛ فهذا يعطيك مؤشر على عناصر تفكير هذه العقلية، وعن معطيات الغد إن تمكنت أي الصهونية أو مثيلاتها لا قدر الله من السيطرة بشكل مباشر على العالم.
كذلك يجب الإشارة إلى أن قوانين العمل في العالم التي تحول الإنسان رجل آلي (ربورت) من لحم ودم، فتجعله خانعا ذليلا لا يجرؤ على النقد أو الاحتجاج أو حتى مجرد التلميح بسبب قوة أنظمة العمل وصرامتها، كل هذا يقرب الإنسان من الاستلاب والعبودية. وفي مناطق كثيرة من العالم تمارس تجارة الرقيق الأبيض وكذلك الإتجار بأعضاء البشر
4. التمييز العنصري. في فترة الستينات والسبعينات مر العالم بمرحلة تحرر عقلي وثقة بالإنسانية، عد معها الانحياز الديني أو الطائفي أمرا شائنا، أو حتى جريمة يعاقب عليها القانون. اليوم يوزع الإعلام الصهيوني المنتشر في العالم كله سمومه العنصرية في كل مكان، بتسمية الجماعات بغير أسمائها الطبيعية، فالشخص يكنى بطائفته أو مذهبه أو انتمائه الديني وليس بجنسيته أو وطنيته أو قوميته. وما أن تحدث اضطرابات أو احتجاج في أوروبا أو جنوب افريقيا أو أمريكا نفسها حتى يصبح الشغب مصدره المواطنين الملونين لإعطاء انطباع خاطيء بأن الأمر هو شغب وليس بمظالم محقة. ولهذا يجب الوعي إلى التسميات وإلى ضرورة التوحد وتذكر القول الشهير (أكلت يوم أكل الثور الأبيض) إذ أن الاختلاف العقائدي أو الفكري يجب ألا يفسد للمحبة والتعاون بين مختلف الطوائف والشعوب قضية.
5. محاربة الجريمة المنظمة. قد تبدو الأخيرة من الخارج قضية جنائية خالية من أي بعد سياسي. لكن في حقيقة الأمر ليست كذلك. الجريمة المنظمة هي نتاج عقلية رأسمالية متوحشة متواطئة مع المشروع الإمبريالي، فمن ناحية تستهدف معظم الجرائم المنظمة أشخاص يشكلون تهديدا اقتصاديا أو ماليا على الاقتصاديات الصهيونية، ومن ناحية أخرى تمثل اعتداء على المجتمع الآمن وعلى استقراره وانتاجه، وكثيرا ما تصبح أداة بيد أصحاب النفوذ للوصول إلى غاياتهم وأهدافهم غير المشروعة لإزالة العوائق والأشخاص المنافسين أو المتربصين من رجال القانون والشخصيات المدنية المكافحة للفساد.
علي حسين الحموي
(يتبع)
خارج الموضوع تحويل الاكوادإخفاء الابتساماتإخفاء